«الأردنيات» حالة تليق بمرحلة التحديث
جفرا نيوز - نيفين عبدالهادي
«الأردنيات» لم تكن كلمة عابرة للجدل، ولا للأيام، إنما يمكن التأكيد انها كلمة شكّلت حالة من الانجاز والانتصار للمرأة، بعدما وافق مجلس النواب بأغلبية (94) نائبا على إضافتها خلف كلمة «الأردنيين» في مطلع الفصل الثاني من الدستور، وصولا «لدسترة» هذا المطلب الذي سعت له الكثير من الآراء المناصرة للمرأة، ومكمّلة للاهتمام المحلي وعلى أعلى المستويات بالمرأة.
لم تمرّ هذه الكلمة وهذا اللفظ مرورا سهلا، إنما شهدت جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض لإضافتها كنص ولفظ واضح في «الدستور الأردني»، وكان لكل وجهات النظر سواء كانت المؤيدة أو الرافضة مبرراتها المقنعه في تفاصيل كثيرة، ولكن ربما كفّة القناعة لجهة التأييد كانت اكثر ثباتا وحضورا، واقناعا، ليتم الموافقة على تضمينها للدستور، وإن كانت اضافة تشريعية هامة للمرأة، لكنها حملت كذلك جانبا معنويا هاما للنساء يعزز الاهتمام بقضايا المرأة، وايلاءها أهمية كبرى تتناسب وحضورها في المجتمع.
ورغم رفض البعض هذه الاضافة على المادة 6 من الدستور، تخوّفا على النسيج الاجتماعي أو حتى الوطني، فإن ما يمكن تأكيده أن إضافة مصطلح «الأردنيات» لن يهدد بالمطلق أيّ من هذه الجوانب، إنما هي خطوة لصالح قضايا المرأة وتمكينها، وجعلها حاضرة وبقوّة في مشهد التحديث والاصلاح السياسي، في جزئيات واضحة وإن كانت معنوية في بعض الاحيان، وذلك يأتي في إطار رسالة الأردن التي تركز على دعم المرأة ومنحها حقوقها كاملة دون أي انتقاص.
ولا شك أن في اضافة مصطلح «الأردنيات» إلى جانب «الأردنيين» في المادة 6 من الدستور، بها رسالة معنوية لتعزيز دور المرأة، إلى جانب الاستفادة من هذا الجانب في جوانب مختلفة، لكن في وجوده لمن لا يدرك أهميتها رفعة حقيقية لشأن المرأة وربما سابقة دستورية مقارنة بالكثير من الدول، وربما تلك العريقة بحماية حقوق المرأة، فهي اضافة معنوية ورمزية لصالح المرأة والأردن.
وحتى لا تميل كفّة ميزان حديثي لجهة محددة، ويُفهم أنني مع أو ضد أي طرح أو فكرة، فإن الحديث عن هذا الجانب يحمل أكثر من طرح ووجهة نظر وكلها لها مبرراتها المقنعة، سيما وأن الأردن لم يكن يوما وعلى أعلى المستويات إلاّ مؤيدا وداعما للمرأة وحقوقها وقضاياها، ولم يسجّل عليه أي سلبية بهذا الجانب، إنما على العكس تماما كان مبادرا وسبّاقا في جعلها في الصف الأول من الاهتمامات، ولكن في اضافة هذا المصطلح يمكن القول أن الأردن وضع المرأة في أكثر الاماكن تقدّما فيما يخص منحها حقوقها، بصورة مثالية وتليق بحجم تطورات المرحلة.
علينا التأكيد أن مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، حملت مضامين هامة جدا للمرأة والشباب، ومنحتهما الكثير من الايجابيات التي من شأنها جعل وقعهما سياسيا مختلفا بكل ما تعنيه كلمة الاختلاف من معنى، فكثيرة هي الجوانب الداعمة لهما، انسجاما مع توجيهات جلالة الملك بمنح المرأة والشباب دورا هاما في الاصلاح والتحديث السياسي، وجعل الفئتين تحضران عملا وقولا وسلوكا وأداء، بعيدا عن نهج مزاحمة المفردات بـ»مع وضد» فواقع الحال يضع توجيهات جلالة الملك موضع الترجمة العملية.
التحديث يتطلب رؤى مختلفة، اكثر عملية وسعة أفق وتدقيق في تفاصيل كثيرة، من أبرزها القرآن الكريم، حيث خصصت سورة كاملة «للنساء» وهي سورة «النساء» اضافة إلى مخاطبة المرأة بالكثير من الأحكام والتفاصيل بتأنيث اللغة، كالصالحين والصالحات والمؤمنين والمؤمنات، وغيرها، الأمر الذي يجعل من منح المرأة خصوصية في التشريع والدستور، وكذلك افراد مساحة للشباب هي رؤى عملية للمستقبل الذي بتنا نرى ملامحه في التحديث مبشرة بخير باصلاح حقيقي وعملي وناضج.