حارتنا لم تعد كما كانت..المشيني وإبراهيم والدجاني في ذمة الله..وشهاب وحجازين على سرير الشفاء

جفرا نيوز - حارتنا لم تعد فيها حياة باردة، لم نعد نسمع فيها صوت الجدة وهي تحكي حكاياتها القديمة وكان يا ماكان، ولم نعد نشاهد نسوان الحارة يجلسن على عتبات البيوت ينقين العدس والرز وصينية القهوة الحلوة وسواليف بحارتنا، لم نعد نشاهد جداتنا وأمهاتنا يغزلن الصوف لجرزاية شتوية، ولم نعد نشاهد رغيف الخبز المتنقل قرضة يدور بين الجيران، ولم نعد نسمع صوت هدى السادات وهي تقدم ما يطلبه المستمعون من راديوهات مفتوحة على طول زواريب وشوارع الحارة، لم نعد نشتم أو نعرف طبخات الجيران من رائحة مجدرة أو دقية بامية أو قلاية بندورة، شبابيك الحارة صارت موصدة يا أبو عواد.

حارتنا كانت الزمن الماضي باهلها وبيوتها ورائحتها، تلك الحارة التي شهدت الطفولة والصبا والشباب والنجاح والرسوب، تلك الحارة التي تقاسمنا فيها أفراحنا وأحزاننا .لم تكن الحارة مجرد سكن نسكنه ونعيش بداخله بقدر ماكان يسكننا ويعيش بداخلنا بحلوه ومره وبساطته، كان للحارة سمات ثابتة في وجدان كل منا لا تختلف بيننا كثيرا( الأصالة – النخوة – الشهامة -عزة النفس- التعاون – حب الغير)،كانت الوجوه طيبة والنوايا صافية والبيوت متسعة بأهلها رغم ضيق المساحة، كانت اللمة والاتحاد في المواقف والمناسبات والخوف على الآخر هي السمة الغالبة للحارة وأهلها في الزمن الماضي.

أبوعواد دكانة مرزوق الطبرة تحولت إلى سوبر ماركت أو مول كبير بارد، أناس لا تعرف بعضها البعض مشترياتنا صارت عروضا وعلب السردين صارت رفاهية ودفتر الديون الغارق بالقدم كقلم الكوبيا والذي كان يسجل عليه مرزوق تحول إلى فيزا كارد، وتلفون الحارة الواحدة لم يعد موجوداً وقهوة ابو الخل وسمعة صار اسمها كوفي شوب وأسماء عديدة، وبدل أن تسمع أغاني أم كلثوم فيها وعبد الوهاب وتوفيق النمري صرت تسمع أغاني تصرع الراس وحديث الجالسين فيها أيفون وريال مدريد وبرشلونة والقهوة مئة نوع وطلبات الحارة صارت ديلفري وأشجار الحارة تغبرت وبيوت غمرها النسيان، أما الآن فلم تعد حارتنا هي حارتنا ولم يعد أهلها هم أهلها، فقد تغير كل شيء بها برحيل جيل الطيبين ( بركة زمان )،كما باع الأبناء والأحفاد مابقي لهم بها من تراث وعقار، رحمك الله نبيل المشيني أبو طارق ورشيدة الدجاني وحسن ابراهيم ومرزوق الطبرة وغسان المشيني واطال الله بعمر ربيع شهاب (عواد )وعبير عيسى وموسى حجازين (سمعة).

الدستور - نبيل عماري