تعطيل الحكومة وتحقيق المرفأ وانتخابات برلمانية ورئاسية.. هذا ما ينتظره لبنان في 2022
جفرا نيوز- يُنبئ عام 2022 بذروة جديدة في تاريخ لبنان. وإذا لاحت في 2019 ملامح الانهيار بعد عقود من الفساد، بعد أن شهد عام 2020 أحد أضخم الانفجارات العالمية بمرفأ بيروت، واستعرت في 2021 الأزمة السياسية والقضائية والاقتصادية؛ فإن 2022 قد تضمر مفاجآت مع ترقب لبنان أهم استحقاقين انتخابيين: البرلمانية والرئاسية.
ويطوي لبنان 2021 باستعصاء سياسي بليغ، يهدد آخر عام من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ويمنع حكومة نجيب ميقاتي من الانعقاد، ويطوّق مسار التحقيقات بانفجار المرفأ، ويواصل تهديد لقمة عيش اللبنانيين
1. ما مصير تعليق عمل الحكومة في 2022؟
شكل ميقاتي حكومته في 10 سبتمبر/أيلول 2021 بعد أكثر من عام على استقالة حكومة حسان دياب، وتعثر المبادرة الفرنسية. وآخر جلسة لحكومة ميقاتي عقدت في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ولم تنعقد بعدها بسبب رفض وزراء حزب الله وحركة أمل حضور الجلسات إذا لم تتم تنحية قاضي التحقيق بانفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، ثم شهدت البلاد إثرها أحداث الطيونة الدامية في 14 أكتوبر/تشرين الأول.
وكشف تعليق عمل الحكومة اهتزاز علاقة حزب الله وحليفه فريق الرئيس عون (التيار الوطني الحر)، إذ يطالب الأخير باجتماع الحكومة عاجلا، خلافا لرغبة الثنائي الشيعي، بينما يرفض ميقاتي التدخل في القضاء، مقابل رفضه عقد جلسة بغياب أحد أبرز مكونات الحكومة، أي حزب الله وحركة أمل.
وبرأي الكاتب والمحلل السياسي حسين أيوب، فإن تعليق عمل الحكومة مرتبط بفصل ملف محاكمة الرؤساء والوزراء عن التحقيق العدلي مع البيطار. وإذا لم يتوفر المخرج السياسي والقضائي، فسيبقى عملها معلقا حتى إشعار آخر. و"لا يعني ذلك، أن الحكومة ستستقيل لأن حصانتها الدولية متوفرة، لكنها تفتقد للحصانة السياسية الداخلية".
أما الباحث والكاتب اللبناني وسام سعادة، فيذهب إلى أن ميقاتي خسر رهانه بأن مجرد تشكيل حكومة سيثير صدمة إيجابية، "لكنها عكست مآل المبادرة الفرنسية، وانتقلنا من الشغور بلا حكومة لحكومة محكومة بالتعطيل".
ويقول سعادة إن لبنان بعد الانسحاب السوري (2005)، كان يتنقل بين تعطيل وشغور وفراغ في الحكم، وبلغ ذروته بعد انتخابات 2009 والتمديد مرتين للبرلمان حتى 2018.
لكن عرقلة عمل حكومة ميقاتي، برأي الباحث، جاءت نتيجة مستمرة لانفراط عقد التسوية الرئاسية (2016) بعد انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، دون إيجاد بديل مواز لها.
وتلك التسوية تشكلت بحلف رباعي على قاعدة الأقوى في طوائفهم، بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر (برئاسة جبران باسيل) وتيار المستقبل (برئاسة سعد الحريري).
وقال سعادة إن فرط التسوية دون نسف مكوناتها زعزع استقرار هيمنة حزب الله على الحكومة، وتاليًا، فإن "عرقلة عمل الحكومة محتم ليس بملف البيطار فحسب، بل بأي ملف سيُأخذ ذريعة لتفجير الخلافات، كالتوافق على صيغة التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو السياسة الخارجية للبنان".
2. ما المسار المحتمل لتحقيقات انفجار مرفأ بيروت في 2022؟
علق القاضي طارق البيطار تحقيقات انفجار المرفأ في 23 ديسمبر/كانون الأول الفائت، للمرة الرابعة منذ تسلمه التحقيق قبل نحو عام، إثر تبلغه دعوى الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل لنقل القضية لقاض آخر، وهي واحدة من 18 دعوى لاحقت البيطار لكفّ يده، وجميعها سقطت قضائيا.
والبيطار ثاني قاضٍ يحقق بانفجار المرفأ، بعد تنحية سلفه القاضي فادي صوان في فبراير/شباط 2021، على خلفية دعاوى ارتياب بحقه لادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء آخرين، وهو ما استكمله وتوسع فيه البيطار، فتفاقم غضب بعض القوى السياسية.
ويقول وسام سعادة إن تحقيقات المرفأ كشفت العجز المفتعل بفصل السلطات، ويضيف أن السلطتين التنفيذية والتشريعية تتعاملان مع القضاء كسلطة ملحقة وظيفيا بهم، لا مستقلة قائمة بذاتها.
ومنذ وقوع انفجار المرفأ، برأي سعادة، لم يدفع المجتمع الدولي بجدية نحو تدويل التحقيق، فوقع التحقيق المحلي في شباك القوى السياسية، ولم يعد منطقيا أن تأتي بقاضٍ ثالث لأن الأول والثاني لم يعجبهما. لذا، "صار التحقيق معقدا، والعدالة مستبعدة، طالما يعجز البيطار عن مجرد استجواب المسؤولين السياسيين المدعى عليهم".
ويتوقع حسين أيوب أن يكون البيطار نجم 2022 كما كان في 2021، ويرجّح إصدار قراره الاتهامي، دون تمكنه من توقيف أي سياسي، بقوة الأمر الواقع السياسي لا القانوني، وقد تنقضي بصغار الموظفين.
وقال إذا تمكنت الهيئة العليا لمحكمة التمييز من فصل ملف الرؤساء والوزراء عن ملف التحقيق العدلي وأحالته للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، "فقد يكون لمصلحة التحقيق، شرط تشكيل قوة ضغط تُحمّل البرلمان مسؤوليته بتشكيل لجنة تحقيق تدفع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء للانعقاد لاتخاذ قرار واضح".
3. ما التحديات التي تواجه الانتخابات البرلمانية؟
حددت وزارة الداخلية يوم 15 مايو/أيار 2022 موعدا لإجراء الانتخابات، وكرّس القانون الانتخابي حق اللبنانيين المغتربين بالتصويت للمقاعد النيابية الـ128، خلافا لاقتراح النائب جبران باسيل بتصويتهم فقط لـ6 نواب، مما عمق خلافه مع حزب الله.
ويجد حسين أيوب أن الانتخابات ستجرى بقوة معطيات الخارج وإحراجات الداخل. والتحدي الأول: "استشعار معظم المكونات السياسية إصاباتها بأضرار في شوارعها نتيجة الكارثة الاقتصادية الاجتماعية، وخشيتها من ارتداده سلبا في الانتخابات".
ويتوقع أن تكون نسبة المشاركة منخفضة، بينما إدارة الانتخابات ورصد أموالها من الحكومة أمر مقدور عليه. والتحدي الثاني -والأهم، برأي أيوب- في الشارع السني، نتيجة عدم حسم تيار المستقبل مشاركته، وضياع موقف سعد الحريري كما لو أن الانتخابات مؤجلة حتما.
وقال إن احتمال مقاطعة تيار المستقبل للانتخابات يشرّع الساحة السنية لاحتمالات مقلقة داخليا وخارجيا، في ظل غياب البديل الوازن عن الحريري، مما يجعل التمديد للبرلمان احتمالا مطروحا.
لكن وسام سعادة يجد أن التحدي الأصعب يقع في الساحة المسيحية، لأن الانتخابات البرلمانية تأخذ طابعا رئاسيا، وهي بمثابة استفتاء للانتخابات الرئاسية. وقال إن إنجاز انتخابات 2022 هو الأصعب بتاريخ الانتخابات البرلمانية اللبنانية، وسواء حصلت أم تأجلت فسيكون الوضع متفجرا.
ويربط سعادة الانتخابات بالمسار الأمني للبلاد، وأنه سيكون مهددا إذا لم يُحسن تدبيرها، "لأنها مرتبطة بالصراع المحموم على الرئاسة".