كأس الأمم الأفريقية احتفال بالفخر والأخوة

جفرا نيوز - تحت أشعة الشمس الحارقة، وفوق الأرض التي امتزج لونها بين الأصفر والأرجواني، حُفاةٌ يتراقصون مع الكرة بكل حب وشغف، ويحملون في قلوبهم كثيراً من الطموحات والأحلام. ينظرون إلى المستقبل ويرون النور، على الرّغم من الظلمة التي تسبّب بها الطامعون بخيرات الأرض الأفريقية.


هذا المشهد يشبه كثيراً من نجوم كرة القدم الحاليين والسابقين، الذين جاءوا من القارة التي تُنعَت بالسمراء؛ من القارة الثانية من حيث عدد السكان بعد قارة آسيا، والتي تمتلك موارد طبيعية وبشرية تؤهّل دولها لأن تكون في حال أفضل مما هي عليه، لولا الطامعون بها والسالبون لها.

في الآونة الأخيرة، كانت هناك محاولة لسلب أفريقيا بطولتَها الأممية في كرة القدم؛ محاولات وتصريحات لم تنفع في نهاية الطريق، لأن بطولة أمم أفريقيا، التي ستُلعَب في الكاميرون، ستنطلق في 9 كانون الثاني/يناير الجاري، وستُختتم في 6 شباط/فبراير المقبل (2022).

المحاولات الأوروبية لم تنجح
لا شكّ في أن الاعتراض على توقيت البطولة موضعُ جدل في عالم كرة القدم، لأنها تُلعَب كل عامين، وفي منتصف موسم الكرة الأوروبية. وهو ما يُبعد النجوم الأفارقة عن الأندية الأوروبية في فترة حساسة من الموسم. بالإضافة إلى ذلك، تأتي البطولة الحالية في ظل عودة انتشار فيروس كورونا، وظهور متحور "أوميكرون".

لكنّ الاعتراض ليس بجديد، والحملات الممنهَجة ضد هذه البطولة ليست جديدة. ففي كل بطولة، وقبل ظهور الفيروس، كانت الصحف تنشغل بنشر التقارير عن حرمان الأندية من نجومها. مثلاً، سيُحرَم ليفربول من أفضل لاعب في الفريق، وواحد من أفضل اللاعبين في العالم؛ المصري محمد صلاح، بالإضافة  إلى السنغالي ساديو ماني.

ما هو مغاير هذه المرة أن الخطاب كان علنياً، والرفض كان واضحاً، إذ وجّهت رابطة الأندية الأوروبية رسالة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، "فيفا"، هدّدت فيها بعدم تحرير لاعبيها من أجل المشاركة مع بلادهم، بسبب بروتوكولات فيروس كورونا. وقالت رابطة الأندية الأوروبية "على حد علمنا، لم يعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، حتى الآن، بروتوكولاً طبياً وتشغيلياً لكأس أمم أفريقيا. وفي غيابه، لن تتمكن الأندية من تحرير لاعبيها من أجل البطولة".

وبالإضافة إلى البروتوكولات الصحية، تحدّثت رابطة الأندية الأوروبية، قبل كل شيء، عن خطر غياب اللاعبين الدوليين عن فِرَقهم فترة أطول مما كان متوقعاً سابقاً، وذلك بسبب "الحَجْر الصحي وقيود السفر".

لكن هذه الاعتراضات لم تظهر عندما توجَّه اللاعبون إلى خوض بطولة أمم أوروبا، ولم تظهر أيُّ مخاوف من كورونا في ظل حضور جماهيري هو الأول من نوعه منذ بدء الجائحة.

الصحف التي دخلت الحملة الأوروبية من أجل إيقاف البطولة ذهبت أبعد من ذلك، وبحثت عن كل الأخبار التي يمكن أن تَحُول دون انطلاق البطولة، إذ تحدثت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن تهديدات أمنية للاعبين وسلامتهم، بسبب المشاكل السياسية في الكاميرون، وحاولت تسليط الضوء على تحذيرات من هيئات حقوق الإنسان، بشأن احتمال استهداف كبار اللاعبين خلال كأس أفريقيا، لأن الحكومة تخوض قتالاً مع الانفصاليين من أجل السلطة في غربيّ البلاد، حيث يكافح الجيش ويبذل كل ما في وسعه لاحتواء الموقف.

بدوره، قدم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، جياني إنفانتينو، اقتراحاً بشأن كأس أمم أفريقيا، مؤكداً أن هذا الاقتراح سيكون سبباً في حل العديد من المشاكل، وكأنه أراد التلميح إلى أن البطولة بحد ذاتها مشكلة.

وقال إنفانتينو في مؤتمر صحافي قبل نهاية العام الماضي بأسابيع، إن إقامة كأس أمم أفريقيا في شهر أيلول/سبتمبر ستحل العديد من المشاكل، مشدداً على ضرورة التفكير في الدوريات الأوروبية التي تضم أنديتها عدداً من اللاعبين الأفارقة.

وفي النهاية، جاء القرار، ومفاده أن البطولة ستُلعَب، لكن هناك أندية أوروبية ستقوم بتأخير التحاق لاعبيها بمعسكرات منتخبات بلادهم.