فشل العراق سينتهي إلى ثورة جديدة

جفرا نيوز - في الأول من أكتوبر(تشرين الأول) 2019، نزل الشبان العراقيون إلى الشوارع للإحتجاج على الفساد وعدم فعالية الحكومة وإنسداد الآفاق. وفي البداية، ردت حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بالقوة المميتة. وأطلقت الميليشيات المدعومة من إيران النار على الحشود، مما أسفر عن مقتل 600 شخص. وازدادت الحشود مع تصاعد الغضب حيال هذه التكتكيات. وفي نهاية المطاف، استقال عبد المهدي.

ستكون الثورة المقبلة عنيفة ولن تميز كثيراً بين الأحزاب. وستؤدي إلى أزمة هجرة، على غرار ما يحصل في كردستانوبعد إخفاقات عدة، اتفق الزعماء السياسيون على إسناد رئاسة الحكومة إلى مصطفى الكاظمي، الناشط السابق في مجال حقوق الإنسان والصحافي الذي عينه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي رئيساً لجهاز الإستخبارات الوطنية عام 2016 على خلفية القتال ضد تنظيم "داعش".

وكتب مايكل روبن في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، أنه بالنسبة إلى النخبة السياسية العراقية، فإن الكاظمي كان خياراً آمناً. وبقي نظيفاً في نظام هيمن عليه الفساد، ولديه علاقات مع الجميع، من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني إلى الزعيم الكردي مسعود البارزاني، وأثبت نفسه في الإستخبارات الوطنية كإداري ناجح. أما بالنسبة إلى القادة السياسيين الذين اتفقوا على الكاظمي كزعيم انتقالي، فإنه كان مضجراً. وفي بحر من الشخصيات المتوهجة، فإن الكاظمي لا يتمتع بكاريزما. كما أنه كان ضعيفاً من الناحية السياسية ولا يملك كتلة دعم دائمة في البرلمان.

مهمة الكاظمي

وتركزت سلطة الكاظمي على مهمة وضع حد لفشل الدولة في العراق، والإشراف على الإصلاحات، وقيادة البلاد إلى انتخابات جديدة. وبعد أكثر من عام ونصف العام على قيادته المؤقتة، أخفق الكاظمي في مهمته.

ولطالما كان النظام الإنتخابي العراقي إشكالياً. ووافق رئيس السلطة الإئتلافية المؤقتة بول بريمر ومسؤولون من الأمم المتحدة على نظام انتخابي مختلط بين النسبي والتمثيلي يعتمد على لوائح حزبية بدلاً من الدوائر. وكانت غايتهم، السرعة. لكن عدم الإستقرار طويل الأمد الذي شجعه هذا النظام كان واضحاً: إذ صار المرشحون يدينون بالبقاء السياسي لرؤساء الأحزاب بدلاً من المساءلة أمام الناخبين. وعندما كان المرشحون المحتملون يسعون إلى تقريب أنفسهم من قادتهم السياسيين الذين سيقررون اللوائح، كان يتصرفون بشوفينية عرقية وطائفية أكثر من نظرائهم. ومع أن العراقيين غيروا بعد ذلك نظام التصويت للإقتراع على أساس المحافظة بدلاً من الأساس الوطني، فإنهم احتفظوا بالدينامية ذاتها.

تحذير

ولفت الكاتب إلى أن أحداث أكتوبر 2019 كانت بمثابة تحذير، وكان الغضب هو الذي يحرك المحتجين.

واعتبر عبدالمهدي ضحية وارتفعت أصوات تطالب بمنح الزعماء العراقيين فرصة للإصلاح. ورأى الكاتب أن الكاظمي أهدر هذه الفرصة. وبينما يتجه سكان العراق بسرعة ليصيروا 50 مليوناً ويستعد الشبان للنزول إلى الشوارع مجدداً، فإنهم لن يقبلوا مجدداً بأن المشكلة تنحصر في شخصية ما، إذ إنهم يعرفون تماماً أن المشكلة تكمن في النظام. وستكون الثورة المقبلة عنيفة ولن تميز كثيراً بين الأحزاب. وستؤدي إلى أزمة هجرة، على غرار ما يحصل في كردستان، وإلى طرد كامل للطبقة السياسية الحالية سواء إلى القبور أو إلى المنفى. ويمكن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يواصل مقاربته للسياسة العراقية مثل لعبة الكراسي الموسيقية، لكنه يفتقد الآن الصورة الأشمل.