النواب و"إعلان النوايا"... موقف مبدئي أم إستقواء على الوزير؟

جفرا نيوز  - المهندس عادل بصبوص
 
موقف لافت وغير مسبوق سجله عدد كبير من أعضاء مجلس النواب عندما غادروا قاعة المجلس وأفقدوا الجلسة النصاب، رافضين الجلوس مع من قام بالتوقيع على وثيقة "إعلان النوايا" –يقصدون وزير المياه والري-، والتي تم توقيعها أواخر الشهر الماضي مع كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الإحتلال الإسرائيلي، وهو الإتفاق الذي عرف بإسم "الماء مقابل الكهرباء" والذي يقضي بتنفيذ مشروع ضخم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على الأراضي الأردنية لصالح دولة الإحتلال مقابل قيام الأخيرة بتزويد الأردن بكميات من مياه البحر الأبيض المتوسط بعد تحليتها

لأعضاء مجلس النواب مطلق الحرية لإختيار الوسيلة التي يرونها مناسبة للتعبير عن مواقفهم وبما لا يخالف القانون والنظام الداخلي للمجلس، وما قام به النواب هو تعبير عن رفضهم للوثيقة الموقعة ولما سوف يترتب عليها من نتائج في حال تم تنفيذها، وهو حق غير قابل للنقاش كفله الدستور لهم، بيد أن عملية "رفض الجلوس" في نفس القاعة مع الوزير الذي قام بتوقيعها قضية تستحق التوقف عندها مطولاً، أولاً لأن الموضوع لا يتعلق بخصومة شخصية بين النواب والوزير تتطلب إشاحة الوجه والتجاهل الشخصي، ولأن الحدث ليس عرساً أو حفلة إجتماعية لا يستقيم فيها إلتقاء الخصوم والأضداد، فاللقاء الشخصي بحد ذاته لا يعني الموافقة على موقف الآخر والإقرار به، وإلا كيف يلتقي المتحاربون والذي تفصل بينهم دماء وأرواح في جلسات المفاوضات لإعلان الهدنة أو لوقف الحرب

ثم إن الوزير عندما وقع الوثيقة لم يكن يمثل شخصه، بل كان ممثلاً لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية التي إتخذت القرار بالموافقة على توقيع الوثيقة وفوضت الوزير القيام بذلك بإسمها، فالوزر أو الخطأ في حال تحققه يقع على عاتق الحكومة بأكملها، وإذا كان لا بد من تحميل المسؤولية عن ذلك لشخص واحد بعينه، فرئيس الوزراء ولا أحد غيره هو من يتحمل المسؤولية –بإفتراض أن الحكومة هي صاحبة القرار بهذا الخصوص- ، فالموضوع ليس قضية فنية متخصصة يتحملها الوزير المعني، فالجوانب والتبعات السياسية لا بل والمصيرية تفوق الجانب الفني المتعلق بتوفير كميات إضافية من المياه يمكن توفيرها -إذا حسنت النوايا وصاحب ذلك شيء من التخطيط والتنفيذ السليمين- من مصادر أخرى دون اللجوء إلى دفع كلف سياسية باهظة.
 
قد يتصور البعض أن النواب المعارضين للوثيقة قد نجحوا بحركتهم تلك في تسجيل نقطة لصالحهم في معركة إسقاط الإتفاق، بيد أن المواجهة الحقيقية مع الحكومة سوف تكون في الجلسة التي خصصها المجلس لمناقشة الموضوع، هل ستنتهي القضية بخطب وكلمات ساخطة منددة بالإتفاقية ويسدل الستار بعدها عن الموضوع، بإنتظار نتائج دراسات الجدوى للمشروع التي لن تنتهي قبل أواخر العام القادم، أم سيكون للنواب الذين رفضوا مجرد الجلوس مع الوزير رأي آخر 

ثم ماذا لو أصرت الحكومة في الجلسة القادمة على حضور وزير المياه والري بصفته الشخص المختص المفترض أن يقوم بشرح الوثيقة والدفاع عن موقف الحكومة، هل سيقوم النواب مجدداً بالخروج من القاعة وإفشال عقد الجلسة وتعطيل عمل المجلس 

لن ننتظر طويلاً أيام قليلة ونعرف الجواب .....