الخدمات الحكومية ما بين الرقمي والالكتروني !
جفرا نيوز-عداد: الدكتور عادل محمد القطاونة
في عام 2019 أتاحت الحكومة البريطانية للمواطنين الدفع الإلكتروني ببصمة الإصبع أو الوجه، كما وفرت عمليات الدفع مباشرة عبر خدمات أبل للدفع الالكتروني (Apple Pay) وجوجل للدفع الإلكتروني (Google Pay) مقابل بعض الخدمات التي تقدمها، وأتاحت الحكومة الدفع عبر الهاتف الذكي عند رغبة المواطنين البريطانيين أو الأجانب في دفع رسوم متعلقة بخدمات "الدخول العالمي" (الخاصة بالدخول السريع للولايات المتحدة)، و"خدمة المسافر المسجل" (الخاصة بالمترددين إلى بريطانيا من دول خارج الاتحاد الأوروبي)، و"خدمة الإعفاء التأشيرة الإلكترونية" (الخاصة بالمسافرين إلى بريطانيا من 4 دول في الشرق الأوسط بينها الإمارات العربية المتحدة)، و"خدمة الكشف عبر الإنترنت" (وهي رسوم يدفعها من يحاولون الحصول على تأشيرة عمل في بعض الوظائف)، وقال سكرتير البرلمان البريطاني ووزير التنفيذ يومها حسب ما نقله موقع "ذا فيرج"- إنهم يركزون على جعل الوصول إلى الخدمات التي تقدمها الحكومة البريطانية أسهل ما يمكن، موضحا أن الدفع عبر الهواتف الذكية سيكون أكثر أمانا للمستخدمين.
لقد ظهر مفهوم الحكومة الإلكترونية في العديد من الدول كخيار إستراتيجي من أجل تحسن جودة الخدمات الحكومية، وكان للولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة والمانيا وفرنسا السبق في إستخدام الحكومة الإلكترونية. وتوالت الدول بعدها تباعاً في تطبيق الحكومة الإلكترونية، وأتسع هذا التطبيق على نطاق واسع في السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية، من أجل تمكين وتسريع التحول من الالكتروني الى الرقمي والوصول إلى حكومات رقمية استباقية ومبادرة وقادرة على تقديم خدمات رقمية ذات كفاءة عالية، معتمدة على ركائز رئيسية من التوجهات الاستراتيجية للحكومة الرقميّة وهي: المشاركة، والتحول، والقدرات، والحوكمة.
عالمياً، يعتقد بإن بيل كلينتون الرئيس الامريكي السابق هو أول من تحدث عن الحكومة الإلكترونية في العام 1992 من أجل زيادة السرعة والدقة والإرتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وانهاء البيروقراطية وتعقد الإجراءات الحكومية بما ينعكس على الجهد والكلفة؛ عربياً، ومع زيادة الترويج الدعائي والإعلاني الحكومي لإستخدام الحكومة الإلكترونية في السنوات الخمس الأخيرة، بات واضحاً ان هنالك بعض الفوضى في استخدام الحكومة الإلكترونية وان هنالك فجوة الكترونية ناتجة عن فجوة في الإداء وفجوة في العلم، فبعض موظفي الحكومة لا يملك المعرفة في التعامل مع التطبيق الإلكتروني، كما ان بعض المواطنين ليس لديه علم بالتعامل مع الاجهزة الإلكترونية والتطبيقات الذكية.
إن الحكومة الإلكترونية والذكية تتحقق من خلال إدراك حقيقة أن العالم اليوم ومستجداته يحتّم على المجتمع بأن يكون متقدماً ومتميزاً بوجود ثلاثة شروط أساسية وهي المسائلة والمرونة والحكم الصالح وصولاً للحكومة الذكية، والتي تمثل ركائز الحكومة الإلكترونية، وهذه الأخيرة جاءت بعد ظهور صور الفساد الإداري والمالي في المجتمع ومؤسساته ولإصلاح هذا الأمر تم البحث عن سبل للمعالجة فكانت الحكومة الإلكترونية أحد العلاجات الواقية من إنتشار الفساد من جانب والعمل على منعه من جانب آخر، كما أن مقتضيات الإصلاح الإداري تلزم على المؤسسات الحكومية بنمط المرونة والوضوح في منهج عملها. ومن العوامل الإيجابية للحكومة الإلكترونية انها تعمل على تخفيف نسبة العلاقات المشبوهة وغير الشرعية المحتملة عند المسؤولين والعاملين لأنها تعني أولا وقبل كل شيء تدفق المعلومات، وعلانية تداولها عبر مختلف وسائل الإتصال، وتوفر تواصل المواطنين بصانعي القرارات والقائمين على الأمور لتحفيزها ومحاصرة الفساد، فبمعنى آخر الحكومة الإلكترونية تعني الإنفتاح على الجمهور فيما يتعلق بهيكل وظائف الجهاز الحكومي والسياسات المالية للقطاع العام الذي من شأنه تعزيز المسائلة والمصداقية وتأييد السياسات الإقتصادية السليمة.
لقد تخطت بعض دول العالم الحديث عن الحكومة الإلكترونية لتنتقل في فكرها المتقدم إلى الحكومة الرقمية والتي هي نتاج للتطور الطبيعي لنموذج الحكومة الإلكترونية، والإنتقال من تظهير الخدمات العامة الحكومية على الإنترنت من خلال تطبيقات الوب والبوابات الإلكترونية وصياغتها بطريقة عادةً ما عكست الأحداث الحياتية للمواطن وسلّة خدمات الأعمال (Life Events & Business Episodes)وصولاً الى الحكومة الذكية من أجل الاستثمار الأمثل عبر الاقتراب أكثر من المواطن من جهة، والتفاعل المباشر والمتزامن مع البيانات الإقتصادية والإجتماعية والأمنية من جهة أخرى، وما أجهزة الإستشعار الذكية (Smart Sensors) والتي ترتبط بالإنترنت مثل كاميرات المراقبة الأمنية في المدن وأجهزة إستشعار المناخ وأجهزة قياس إستهلاك الطاقة والكهرباء المرتبطة بشبكة إنترنت الحكومة، وغيرها من الأدوات الإستشعارية الذكية الا جزء من تطور الفكر التقني.
على الرغم من الجهود الضخمة والإيجابية في السنوات الاخيرة في تعزيز ثقافة الحكومة الإلكترونية والذكية إلا أن حكومة الكترونية أو ذكية تفتقر لأبجديات العمل الإلكتروني والرقمي، من واجهة الكترونية غير كافية للمستخدم، وغير واضحة للموظف، من تطبيق الكتروني أو رقمي يستوجب من المستخدم العودة للدائرة الحكومية لتعديل البيانات، من كثرة الإنفصال الإلكتروني والتكرار الإجباري، ومن طول فترة تحديث البيانات ورفض العديد من الملفات، يستوجب من الحكومة اخذ التغذية الراجعة بجدية واحترافية من المستخدم والموظف، وصولاً لحكومة إلكترونية ذكية تحقق الموضوعية والشفافية، المصداقية والفعالية.