لماذا يتزايد ضعف الصين أمام المستثمرين الأجانب؟
جفرا نيوز - للمرة الأولى، يتمتع الأجانب بمكانة كبيرة بما يكفي في الأوراق المالية المقومة بالرنمينبي للتأثير في السياسة النقدية الصينية. لقد ركز الاستثمار الأجنبي في الصين تاريخياً على الاستثمار المباشر، وكان الاستثمار في أصول المحفظة مقتصراً إلى حد كبير على الديون المقومة بالعملات الأجنبية. لكن الأمور تغيرت بشكل كبير في الأعوام العشرة الماضية. ففي عام 2011، كانت حيازات الأجانب من الأصول السائلة للصين تمثل 14 في المئة فقط من حجم الأصول الاحتياطية للبلاد. وفي يونيو (حزيران)، كان حجمها ما يقرب من ثلثي الحجم عند 2.1 تريليون دولار.
هذه الزيادة، عندما تقترن بسياسة أسعار الصرف المُدارة للدولة، تمنح قوة جديدة للأجانب، كما يتضح عندما يأخذ المرء في الاعتبار حجم الحيازات الأجنبية لأصول محفظة الصين في ما يتعلق بحجم الاحتياطيات الأجنبية للبلاد.
في عام 2011، بلغت حيازات الأجانب من أصول المحفظة السائلة الصينية البالغة 458 مليار دولار 14 في المئة من حجم الأصول الاحتياطية للصين. واليوم، تبلغ هذه النسبة حوالى 5 في المئة، لكن الحيازات أكبر بكثير من حيث القيمة المطلقة، إذ تبلغ 2.1 تريليون دولار بحسب "فاينانشال تايمز"، والسؤال هنا، ماذا يحدث إذا تمت تصفية هذه الأصول؟
ويؤدي الضغط الهبوطي على سعر صرف الرنمينبي إلى تدخل بنك الشعب الصيني. ومع انخفاض الأصول الاحتياطية الأجنبية، تنخفض أيضاً الخصومات في شكل احتياطيات مصرفية مقوّمة بالرنمينبي. بالتالي، فإن تصرفات المستثمرين الأجانب ستُملي، من خلال هذه العملية، سياسة نقدية أكثر تشدداً، تماماً كما تكافح الصين مع انخفاض أسعار العقارات السكنية والضائقة المتزايدة في نظام الائتمان الخاص.
الملكية الأجنبية وأصول المحافظ الصينية
الإجماع بين المستثمرين المحترفين هو أن الملكية الأجنبية لأصول المحفظة الصينية يمكن أن تستمر في الارتفاع. ويذهب المنطق إلى أن السندات الصينية يمكن أن توفر عائدات غير مرتبطة تعزز قيمتها إلى أي محفظة متنوعة، وسيكون الطلب عليها كبيراً.
ويتعزز هذا الإيمان بالتدفقات المستقبلية لأصول المحفظة من خلال الاعتقاد بأن أولئك الذين يبنون المؤشرات المعيارية لأصول المحفظة العالمية، سوف يرفعون فقط من أوزان أصول المحفظة الصينية ضمن تلك المؤشرات.
ومع ذلك، هناك قائمة متزايدة من الأسباب التي تجعل تدفقات المحافظ الأجنبية إلى الصين تتوقف أو تنعكس. فالخطر المتزايد للحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة، يعني أنه ليس من الواضح ما إذا كان سيتم السماح للأجانب بتمويل، ولو جزئياً، الحشد العسكري للحكومة الصينية من خلال شرائهم السندات الحكومية الصينية.
ومن المحتمل أن يؤثر التركيز المتزايد على المخاوف البيئية والاجتماعية والحوكمة في قدرة المستثمرين الأجانب على إضافة المزيد إلى مواقفهم الصينية. وتتفاقم هذه العوامل الخارجية الرئيسة بسبب المشكلات الداخلية المتزايدة في الصين.
تراجع إنتاج الصلب يزيد الضغوط على الاقتصاد الصيني
كما أن الإفراط في البناء في سوق العقارات السكنية ليس بالأمر الجديد، لكن الأسعار فيها تراجعت في الفترة الأخيرة وسط علامات على ضائقة ائتمانية بين المطورين، ناهيك عن أزمة شركة "إفيرغراند" أحد أكبر المطورين العقاريين في البلاد، التي تصل مديونيتها إلى 300 مليار دولار.
وتتفاقم هذه المحنة عندما يسعى الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى رسم خط بين ما هو خطر عام، يمكن تمويله من قبل النظام المصرفي الذي تسيطر عليه الدولة، وما هي المخاطر الخاصة التي لا ينبغي أن يكون لها ائتمان. فالشركات التي تحصل على قروض من البنوك التي تسيطر عليها الدولة تشكل خطراً عاماً، وهي بصدد إعادة تسعير هذه المخاطر.
كل هذه الأخبار سيئة بشكل خاص بالنسبة إلى نظام الائتمان الذي تسيطر عليه الدولة. كما أن تشغيل سعر الصرف المُدار يُبقي السياسة النقدية الصينية مشددة، مع نمو نقدي واسع بالقرب من أدنى مستوى بعد الحرب. بينما قد يرحب الأجانب المستثمرون في سندات الحكومة الصينية بسياسة نقدية أكثر تشدداً، فمن المرجح أن يخيف ذلك رأس المال الأجنبي في سوق الأسهم الصينية.
الرخاء المشترك والتاريخ النقدي للصين
ويريد الرئيس الصيني شي جينبينغ أن يخلق "رخاءً مشتركاً" أكبر في الصين، لكن ذلك لا يقلل بالضرورة من حقوق الملكية الخاصة، ولكن من المرجح أن يفعل ذلك.
التاريخ النقدي هو تاريخ حاجة السياسيين للسيطرة على سعر وكمية الأموال لتحقيق أهدافهم السياسية. الرئيس شي مقيّد حالياً في هدفه المشترك للازدهار، والمُتمثل في صرامة السياسة النقدية التي تمليها عملية سعر الصرف المدارة في البلاد.
في بعض الأحيان، يتعين على القادة السياسيين الاختيار بين تعديل انكماش أو الانتقال إلى مرونة سعر الصرف، التي تسمح بالتحكم في سعر وكمية الأموال وتضخيم الديون.
وكانت قد ارتفعت نسبة الدين الصيني إلى الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2009، واليوم بكين مثقلة بالديون مثل العالم المتقدم.
في حين لم تعُد أهداف الرئيس شي السياسية متوافقة مع سعر الصرف الصيني المستقر. ويتعين عليه الاختيار بين سعر صرف مرن واستقلال نقدي أو تعديل انكماش، مع ما يصاحب ذلك من مخاطر مالية وسياسية.
وكالات