البطولات الرياضية على خط المواجهات السياسية
جفرا نيوز - شهدت الأيام الأخيرة اشتباكاً جديداً بين عالمي الرياضة والسياسة، إذ ألغيت بطولة العالم للـ "سكواش" التي كان من المقرر أن تستضيفها ماليزيا، بعدما رفضت سلطات الدولة الآسيوية ذات الغالبية المسلمة منح تأشيرات دخول للرياضيين الإسرائيليين، بحسب بيان الاتحاد الدولي للعبة.
ولاحقاً أعلن اتحاد لاعبات التنس المحترفات تعليق بطولاته في الصين بسبب مخاوف على سلامة نجمة التنس الصينية السابقة بينغ شواي، التي اتهمت أحد كبار المسؤولين الصينيين السابقين باستغلالها جنسياً.
إلغاء بطولة الـ "سكواش"
وأعلن الاتحاد الدولي للـ "سكواش" في بيان رسمي عبر موقعه الرسمي الأربعاء الماضي، إلغاء بطولة العالم للرجال في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وكان مقرراً إقامتها بين السابع و12 من ديسمبر (كانون الأول)، بسبب احتمال عدم تمكن بعض الدول من المشاركة لعدم تأكيد إصدار التأشيرات الخاصة ببعثاتها.
وأكد مسؤولو الاتحاد الدولي للـ "سكواش" أنهم حاولوا بكل الطرق إقناع السلطات الماليزية أن تضمن دخول جميع الفرق المشاركة ومن بينها إسرائيل، لكن ماليزيا التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تمسّكت بموقفها ومنعت في أكثر من مرة دخول الرياضيين الإسرائيليين إلى أراضيها.
إسرائيل تهدد
ورداً على تمسك الجانب الماليزي بموقفه، هدد الاتحاد الإسرائيلي للـ "سكواش" أنه سيلجأ إلى محكمة التحكيم الرياضي في سويسرا إذا لم يقدم الاتحاد الدولي حلاً، متهماً الدول التي تستبعد الرياضيين الإسرائيليين من أي بطولة بارتكاب "أفعال عنصرية وتمييزية".
وأورد الاتحاد الدولي للـ "سكواش" أن إلغاء البطولة مرتبط أيضاً بتفشي المتحورة الجديدة لفيروس كورونا (أوميكرون)، التي تهدد بتعطيل الرحلات الجوية إلى ماليزيا.
وفي 2019 سحبت بطولة العالم في السباحة لذوي الاحتياجات الخاصة من ماليزيا، بعدما هددت الأخيرة بمنع الرياضيين الإسرائيليين من المشاركة فيها.
وفي 2015 انسحب الرياضيون الإسرائيليون من بطولة للألواح الشراعية أقيمت في جزيرة لانكاوي بسبب عدم حصولهم على تأشيرات.
المقاومة بالإنسحاب.. هكذا يتعامل العرب مع الإسرائيليين في الأولمبياد
وشهدت منافسات الجودو في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية بالعاصمة اليابانية طوكيو انسحاب لاعب الجودو الجزائري فتحي نورين، بعدما وضعته القرعة في مواجهة مع المصارع الإسرائيلي طوهر بوطبول، وانسحب اللاعب السوداني محمد عبدالرسول من المنافسة ذاتها لتجنب مواجهة اللاعب ذاته.
ولاحقاً أعلن الاتحاد الدولي للجودو إيقاف نورين ومدربه عمار بني خليف لارتكاب سلوك غير رياضي، وأعربت اللجنة الأولمبية الدولية عن قلقها إزاء الانسحاب من المنافسات لأسباب ذات خلفيات سياسية، وهو ما يعد انتهاكاً للميثاق الأولمبي الحاكم للمنافسات.
اتحاد لاعبات التنس
وبعد ساعات قليلة من إلغاء بطولة الـ "سكواش"، قال اتحاد لاعبات التنس المحترفات، الأربعاء، إنه قرر تعليق بطولاته في الصين، وأضاف الرئيس التنفيذي للاتحاد ستيف سايمون في بيان، "لا أفهم كيف يمكنني أن أطلب من الرياضيين التنافس هناك عندما لا يُسمح لبينغ شواي بالتواصل بحرية، ويبدو أنها تعرضت لضغوط لتناقض مزاعمها بشأن الاعتداء الجنسي، وبالنظر إلى الوضع الحالي أشعر بقلق شديد أيضاً بشأن الأخطار التي قد يواجهها جميع لاعبينا وموظفينا إذا كنا سننظم بطولات في الصين في 2022".
وبدأت أزمة بينغ شواي مطلع الشهر الماضي حين نشرت عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي أنها تعرضت للاستغلال الجنسي من قبل جانغ جو لي، النائب السابق لرئيس الوزراء الصيني، الذي كان عضواً في أعلى هيئة لصنع القرار في الصين، حين أجبرها على ممارسة الجنس، وأقاما في ما بعد علاقة متقطعة بالتراضي، وأنها لا تستطيع تقديم دليل يدعم مزاعمها.
وسرعان ما اختفى منشور شواي من مواقع التواصل الاجتماعي بعد نصف ساعة، وغابت عن الظهور العلني فترة، مما أثار المجتمع الرياضي.
وبثت وسائل إعلام صينية ذات صلة بالحكومة أبرزها صحيفة "غلوبال تايمز"، مقاطع فيديو تظهر شواي أثناء تناولها العشاء مع مدربها وعدد من أصدقائها في مطعم بوسط بكين، ومقطع آخر لوجودها في إحدى بطولات التنس للناشئين، ظهرت خلاله بينغ وهي تبتسم وتلوح للمعجبين وتوقع على كرات تنس عملاقة للأطفال.
وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الإثنين (22 نوفمبر) أن النجمة بينغ شواي حضرت أنشطة عامة خلال الفترة الأخيرة.
وأتت هذه الخطوات رداً من الصين على الهجوم الذي تعرضت له من جهات دولية ونجوم رياضيين، بسبب اختفاء شواي وتهديد اتحاد المحترفات بسحب بطولاته.
وفي 21 نوفمبر (تشرين الثاني) أجرى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ محادثة بالفيديو مدتها 30 دقيقة مع بينغ التي شاركت في الأولمبياد ثلاث مرات، ويقول مؤيدوها إنها ربما تتعرض لإكراه سياسي، أخبرته خلالها بأنها آمنة ومع العائلة والأصدقاء.
تسييس الرياضة
لكن وعلى الرغم من ذلك لا تزال الجهات الرياضية الدولية تشعر بالقلق إزاء وضع شواي، وقال سايمون إن قرار تعليق البطولات في الصين يحظى بدعم كامل من مجلس إدارة اتحاد اللاعبات المحترفات.
وقالت اللجنة الأولمبية الدولية في بيان اليوم الخميس، إنها عقدت لقاء آخر مع بينغ شواي عبر تقنية الفيديو.
وردت الصين على قرار الاتحاد خلال المؤتمر الصحافي اليومي للمتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ ونبين، الذي قال إن بلاده تعارض تسييس الرياضة.
وبدأ توسع اتحاد اللاعبات المحترفات في الصين قبل مسابقة التنس في أولمبياد بكين 2008، وكان الاهتمام المحلي بهذه الرياضة مدفوعاً بفوز لي نا ببطولة فرنسا المفتوحة عام 2011.
وفي 2008 استضافت الصين بطولتين فقط من بطولات المحترفات، وزاد هذا الرقم إلى تسع بطولات بحلول 2019.