نضال الفراعنة يكتب : قاضي لاهاي: بين المن والإمتنان
جفرا نيوز - كتب نضال الفراعنه
كان واضحا أن الحكومة المستقيلة تواجه استعصاءات واختناقات لم يكن بمقدورها أن تفلت من انشوطاتها. وقد جاءت رسالة الملك المؤنبة الصارمة، اكبر الأدلة وأبلغها و أهمها على ال14 بندا التي نوردها أدناه.
أول الاستعصاءات/الاختناقات كان مشروع قانون الانتخاب لمجلس النواب الذي فرض على رئيس الوزراء كأبلغ تعبير عن استسلامه النهائي وهزيمته في منازلة الولاية العامة التي فتحها مبكرا جدا.
وثانيها هو أداء عدد من الوزراء الذي تفاوت بين الضعيف والغياب الكلي والافتقار إلى العمق والامتداد الشعبي، (التربية، الإعلام، الشباب...) وكان مثيرا للمساجلات والاستفزازات مع مجلس النواب والصحافة وقطاعات عديدة مختلفة.
وثالثها هو الاختناق المالي - الاقتصادي والضغوطات الهائلة التي رتبها على الحكومة فكبّلها وأقعدها (مكانك ظَل).
ورابع الاستعصاءات هو انقطاع الوصل والاتصال بين الحكومة والجنوب، إلى درجة كانت تستدعي أن تقدم الحكومة استقالتها باعتبارها حكومة ثلثي الأردن.
وخامس الاستعصاءات هو انقطاع التنسيق والتعاون بين الحكومة وعدد من أركان الدولة الأساسية كالمخابرات العامة والديوان الملكي بسبب "الولاية العامة" التي لم يتحقق ولو جزء يسير منها، فخسرت الحكومة سندها الميداني المؤثر الذي كان من الضروري التوكؤ على امتداداته وعلاقاته وإمكانياته الواسعة.
وسادس الاختناقات هو انهيار الشرعية الشعبية وهبوط ضغطها الحاد بسبب تفاقم وجمود كثير من الملفات وأبرزها تحديات الفقر والبطالة والإصلاح السياسي وملفات الفساد.
والسابع هو اتضاح أن الحكومة تقف وحيدة في عين العاصفة وفي هبوب الريح. فلا المخابرات معها و لا الصحافة معها و لا الشعب يحنو عليها أو يرحمها و لا مجلس النواب معها، إلا حيثما اقتضت المصالح المشتركة.
والثامن هو محاولة كسب الزمن وإطالة عمر الحكومة بالتذرع بما هو مكشوف للجميع، فلا هي أطالت عمرها و لا هي بلغت عمرها الافتراضي التقليدي وهو (سنة زمان).
والتاسع هو أن لكل حكومة في العالم كارهين ومتربصين وخصوما شرسين، وان فتحة عداد الحكم و الحكومات في العالم هي: " ونصف الناس أعداء لمن حكموا "، أما أن تجلب الحكومة العداء و تخلّق الأعداء، فهذا ما لم نعهده في السياسة من قبل.
أما العاشر فهو أن الرئيس ارتكب أخطاء بدائية قاتلة كان يمكن تفاديها، إلا وهي الاستعانة بطاقم وزراء تبين انه يجهلهم. وعمليا فإن الرئيس أجرى تعديله الأول وهو يوشك أن يؤدي القسم و(على الدرج)، فقد استبدل حميدي باشا الفايز بابنه نايف وغير حقيبة محمد الرعود من التنمية الاجتماعية إلى الداخلية وفي الزفير الأخير غضّ الرئيس النظر عن توزير ميشيل مارتو و منذر حدادين لدواعي الجنسية الأجنبية).
أما الحادي عشر فهو أن الرئيس، أعلى من شأن صورته وخشيته من انكشاف بؤس خياراته، على الموضوعية وعلى المصلحة الوطنية التي استوجبت التعديل الوزاري من أول شهر. كان الرئيس يكابر في ما يعرفه الشعب الأردني كله، فظل محتفظا بوزراء أضروا بالمصلحة الوطنية و ظل الرئيس يحملهم على أكتافه وهم يدّعون من وراء ظهره، أنهم يحملونه، إلى أن أركبوه معهم !!
أما الثاني عشر فهو تشكيلة مجلس الأعيان التي لا تحتاج إلى بيان هشاشتها ومخالفتها الدستورية الصريحة. علاوة على استثناءات تقع في خانة الحسابات الشخصية التي قد توصم بأنها غير مترفعة (استثناء معروف البخيت مثلا).
امّا الثالث عشر فهو اسلوب الرئيس، الذي تميز بالعصبية والتسرع في اكثر من محطة، واخرها اسلوب الإستقالة الغريبة، فقد طمست الاستقالة الرئيس المستقيل، وها هو حديث المواطنين قد انصبّ على الاستقالة وليس على المستقيل، فضاع الرئيس و وزراؤه، خلف دخان الإستقالة وقرقعتها.
وأما الرابع عشر فهو أن الرئيس حطّ في مطار الملكة علياء الدولي، قادما من لاهاي مزهوا، بروحية (المخلّص والمنقذ والفدائي) الذي ضحي من اجل الوطن. علما أن الديوان الملكي هو من رتب ودبّر وتكتك واتصل وعقد الاتفاقيات من اجل تبادل التصويت وضمان نجاح عون الخصاونة في انتخابات المحكمة الدولية.
فكيف يكون رئيس وزراء الأردن منّانا ؟! ، في حين أن عليه أن يكون ممتنا وشاعرا بالعرفان، ويتصرف بتأثير هذا العرفان. أو لا يقبل من الأساس، المهمة المعروضة عليه.