غباء الخصاونة السياسي ومراهقته سلما البلد للبيروقراط واجهزا على بقايا عملية الاصلاح
جفرا نيوز – كتب اسد بن الفرات
ليس من باب الصدفة ان يرسل عون الخصاونة استقالته من تركيا عبر احد وزرائه للقصر الملكي بل كان هذا بتخطيط وتدبير من الخصاونة الذي ينفذ تعليمات مثله الاعلى احمد عبيدات "الذي كان رئيسا للحكومة فعليا وليس الخصاونة" فقد كان الاخير يرسم السيناريو وعون ينفذ قائلا " في احدى جلساته كان على عون ان يتخذ مثل هذا الاجراء حفاظا على كرامته كرئيس للحكومة".
والخصاونة الذي يمتاز بضعف في الشخصية اهلته لان يكون مطية لعبيدات وحمزة منصور وان لا يخالف ما يمليه عليه مذهبه ان يتبع شيوخه في تعليماتهم دون ادنى مخالفة .
فالخصاونة النزق سياسيا والقليل الخبرة في مداميك السياسة كان سهل الانجرار وراء البحث عن الشعبية الزائفة التي اعتقد ىان عبيدات حصل عليها معتقدا ان بطئه في ادارة ملفات الدولة ستجبر النظام على ان ينصاع لرغبات عبيدات وحلفائه من الاسلاميين فماطل في قانون الانتخاب ومسرحية هزلية مكشوفة مع النواب لكسب الوقت وتأجيج الشارع ليعود منتصرا بعد ذلك في الانتخابات البرلمانية متوهما ان الاسلاميين سيختارونة باعتباره نموذجا فاشلا منقادا .
وهو بغبائه السياسي المعتاد حاول ان يقنع الاخرين ان قانون الانتخاب ليس نسخته وهو الذي دافع عنه امام الصحافيين وقال عندما انتقدوه "لا اريد قفزة في الهواء".
فالخلافات بدأت عندما تحفظ القصر على ارتماء الخصاونة في احضان الاسلاميين والمعارضة ورسم سياسات تتماهى مع مطالبها واغفاله البعدين الاقتصادي والسياسي وحفظ التوازنات والوقوف على مسافة واحدة من الجميع حيث تم تنبيهه لاكثر من مره الا انه عاند الرغبة اكثر من مرة كما حاول الاطاحة بالخصوم التقليديين تحت حجة مكافحة الفساد وتصفية الحسابات السياسية مع رموز وطنية وتشويه اخرين وهو ماكان له .
كما استغل الخصاونة حالة التنازع الوطنية وبدأ بممارسة هوايته المفضلة وهي اقليميته المقيتة لابناء الشمال حيث بدأ بتفريغ الوزارات والمؤسسات من مدرائها وامنائها وتعيين 80% منهم من ابناء الشمال ولو استمر لاكثر من ذلك في حكومته لامتدت يده الى الامن والجيش.
فالخصاونة الذي عاش فترة حكومته في جلباب احمد عبيدات فهم كتاب التكليف السامي خطئا او انه حاول بفهمه البطيء ان ينساق وراء رغبات معلمه عبيدات في كسر العظم مع القوى الوطنية الاخرى وجاء المسمار الاول في نعش حكومته عندما استقال وزير العدل سليم الزعبي من الحكومة لانه ادرك ان الرئيس تعامل بشخصنة مع الوضع السياسي وحاول فرض رغباته الشخصية على وزرائه دون مشاورتهم او معرفة رأيهم فكان الكف الاول له من معلمه عبيدات والكف الثاني من الاسلاميين الذين ادارو ظهرهم للاتفاق معه لينتحر بعده المراهق السياسي الخصاونة بعد ان اقدم على حماقة كانت اكبر من ان يتحمله رصيده السياسي فذهب غير مأسوف عليه او على حكومته طي النسيان.
ولتبدأ حقبة جديدة اضاع فيها الخصاونة على الاصلاحيين الفرصة لدخول مرحلة اصلاحية طالب بها الاردنيون على مدى عقود بأنانيته المفرطه ورعونته السياسية فكان مثالا سيئا لرئيس الحكومة.
والاخطر من ذلك ان خطوات الخصاونة اضطرت البلد للدخول في مرحلة جديدة يتسلم فيها التقلييديين والبيروقراطيين والمحافظين مقاليد السلطة ومن هنا جاء دخول فايز الطراونة الجديد.
فالطراونة الذي لا يمثل تيارا قويا جاء كرسالة قوية للمعارضة التي رفضت القبول بالقانون الانتخابي ان البلد الان ستدخل في مرحلة جمود سياسي وان زمن التقارب والمبادرات انتهى .
فالطراونة غير مؤمل منه السير في اصلاحات سياسية لانه يرفضها بالاساس ويؤمن بالصوت الواحد على طريقته التي اشار اليها في غير مرة معتبرا انها الطريقة الوحيدة التي من شأنها الحفاظ على هوية الدولة ومنع تسلل الاسلاميين الى السلطة.كما ان الرجل تقليدي ومحافظ بالفطرة ولا يعتبر ان الولاية العامة يجب ان تكون بيد الرئيس وانما هي تشاركية بمجموع اجهزة الدولة.
وهو بارع في تنفيذ التعليمات العليا وفي عهده سيشهد الاعلام والاحزاب انكماشا قل نظيره وغضبا في بالشارع كما انه بطيء ومتردد في اتخاذ القرارات .
والمدرسة التي جاء منها الطراونة لم تنجح في ادارة اجهزة الدولة فحسب بل وزادت الاحتقانات اذ انها تعيش فقط في ظل وجود ازمات، اذن فهي حكومة طوارئ بالفعل.
ويستحيل على الطراونة ان يتخلى عن عقلية البيروقراط ويدخل في حوارات وطنية داخلية وان فعلها فسيكون لكسب الوقت والتفاوض لتمرير جوانب سياسية خفية لا نها لن تكون واضحة ولا تؤمن بالتشاركية السياسية .
وستكون حكومة الطراونة خليط من البيروقراط والتكنوقراط والمناطقية ولن تحمل بين طياتها مشاركون سياسيون حقيقيون بل ستكون اسوأ من سابقاتها .
والحقيقة ان الحقبة السياسية الجديدة التي دخل فيها الاردن ستعطي الصلاحية لاجهزة الدولة والقصر على حساب الحكومة وستكون تنفيذية لقرارات عليا دون ان يكون لها رأي.
فالطريقة التي خرج بها الخصاونة كانت غبية فرضت نمطا جديدا في التعاطي مع القضايا الوطنية لتحرق جميع المراحل التي وصلت لها الدولة في عملية الاصلاح.
وسنتعرف على برامج حكومة الطراونة حال الاعلان عن تشكيلتها التي ستكون بلا شك اسوأ بكثير من التشكيلة الضعيفة التي ضمها الخصاونة في حكومته.