كريشان يكتب: لماذا مات أحمد؟
جفرا نيوز/ كتب: محمود كريشان
الأربعاء.. الساعة تشير نحو الخامسة فجرا، والصباح كان "جنائزيا".. الشمس تنزوي على خجل، والورد الجوري ذبل وارتمى في قوار بائس على شرفة المنزل المقهور.. وجوه عابسة ومكلومة، فيما صوت القارىء يمتد ويصعد: "وبشر الصابرين"..
لكن.. فعلا انها "مصيبة" أصابتنا في قهر ووجع.. وسط البلد كئيبة، وشخوصها حزينة.. مازن بك.. الصامت النبيل، يتقطع وجعا.. مهندس المدينة عمر الشربجي الدموع تكلل محياه التقي النقي، الطبيب الباشا عامر يتجمل بالصبر، الدكتور فيصل يواسي نفسه ويستذكر الاستشارات الطبية المتواصلة والمكثفة.. حسن أبوعلي ينظر بألم ويتمعن شوارع المدينة.. علي.. مجموعة انسان انهار أمام لوعة المصاب الجلل.. محمد ابن ابوعلي يبتسم قهرا.. أنس صويلح بكل براءة تحدث موجوعا بلغة الدمع.. خالد بائع اليانصيب.. لا يتكلم.. أحمد الرحاحلة "مات"..!
اما قبل.. لم ندخل بالموضوع.. "هالة" من سيمسح دموعها الموجوعة؟.. من سيلبي طلباتها، التي كانت في عرفه "الأوامر" النافذة.. كان يقول: كل شيء ولا هالة.. فمن سيحضر لها الشوكلاتة الفاخرة.. والله كان يأكل سندويش الفلافل بربع دينار، لكنه يشتري حبة شوكلاتة بثلاثة دنانير لمعشوقته البريئة "هالة".. ومن مثل "هالة"..؟
أحمد مات.. وهذا وجيه عمان وانيقها عمران باشا الذهبي يحزن لفقده.. فيما كبير تجار المدينة ابوسالم العقايلة يوزع حزنه بالايمان المطلق بقضاء الله وقدره، وينتخي فارسا من معان قاده الرزق الحلال نحو وسط البلد، ليكون رجل البر والإحسان.. فمن مثل أحمد الذي يليق به الكلام، وتتجلى مفردات النقاء، وأبجديات التقوى به.. النبيل الجميل البهي الأبي.. وقبل ذلك الأجودي..
مات أحمد.. ولم يكن يكترث بكل الوزراء والمسؤولين عن التنمية الاجتماعية، ولا رؤساء الحكومات، وكبار الشخصيات، ربما لأنه ابن الشارع ونبضه.. فقر وقهر ولا تأمين صحي أو ضمان إجتماعي.. كان على بركة الله.. لكنه بكل فقره هو أكرم الناس، وأكثرهم كرامة وعزة نفس.. لا يعترف بما تكتبه الصحف والاعلام عن معالجة جيوب الفقر، وينظر بازدراء نحو صناديق المعونة الوطنية.. لكنه كان يحترم "ناجح صوالحة".. والله على ما أقول شهيد..
عموما.. غصة حزن ستبقى في حلوقنا، وصرخة إدانة بصوت أحمد الرحاحلة، تراود ضمائرنا وأسماعنا.. بأنه نظر مودعا "هالة".. وتأدبا لم يقل "عيب عليكم".. الفاتحة..!!
Kreshan35@yahoo.com