مجد عباسي تكتب : أريدك أن تكون
جفرا نيوز- بقلم مجد عباسي
إن الفعل الأسمى للحرية هو الحب، لا يمكنك ان تتحدث عن الحب الحقيقي إذا لم تكن حراً. في الحقيقة، الحرية والحب ليسا مرحلتين متتاليتين من سيرورة ما، لأنهما لا ينفصلان ابدا، من يختار الأنانية فهو ليس حراً. فالأنانية تخنق أعظم وأجمل الاحتمالات. لهذا السبب، فإن مفاهيم الأنانية أو المتعه للحرية قمعية والأنانية هي شكل من أشكال التبعية المنفردة، حتى عندما يتم تقديمها باسم الحرية لذلك لا تعتمد على غرائزك التي تُمنحك العنان، والتي بواسطتها يتم التلاعب بك وتجاوزك فإن من يحب نفسه يجد نفسه أمام الآخرين في وضع التبرع، ولهذا السبب فهو في حالة من الحرية العميقة تجاههم وهكذا نصل إلى تاكيد مركزية الحب.
لا يمكنك أن تحب دون أن تكون على طبيعتك وبدون اختيار الآخر فالرغبة في الخير للآخر لا تعني فرض عنصر خارجي عليه، بل تعني تعزيز حريته، فقط أولئك الذين يحبون حرية الآخر يحبون حقًا فالحب يعني الرغبة في أن يكون الآخر على أتم وجه، تأكيد الآخر وتمجيده في كيانه هو المعنى الحقيقي للحب فكل حب أصيل هو حب غير مشروط والعكس من ذلك ان الحب غير المشروط يعني أنه موجه نحو الآخر ليس بسبب ما لديه، ولكن بسبب ما هو عليه، فالمحبة أيضًا وفية لشخص معين: فهي ليست أمانة مجردة وفارغة ولا يمكن لأي حرية أن تكون أصيلة خارج سياق علاقة الحب وللوصول إلى نضج الحرية، يجب أن يمر الإنسان بالحب باعتباره اعترافًا بالآخر وعلوه، لان الحب هو علامة النضج البشري فالرجل والمراة الذان لا يعيشان حبًا حقيقيًا في حياتهما لا يمكنهما أن يعتبرا نفسيهما انسانا كاملاً وحرًا حقًا.
الخيار الأساسي هو الاختيار الذي من خلاله يقرر كل رجل او امراة بشكل صريح أو ضمني الاتجاه العام لحياتهما بمعنى اخر أهم نواة للإنسان، خيار الواقع والحاضر؛ يتم التصديق على الخيار الأساسي أو تعديله أو تنقيحه بالكامل فعندما تبدأ العلاقة، تأتي قصتان من الحياة معًا، يجلب كل شخص معه حقيبة من التجارب والخبرات التي لها علاقة بجوهره وما تلقاه وتعلمه في عائلاته الأصلية وعلى الرغم من صحة أنه في المرحلة الأولى من الوقوع في الحب، تكون المتعة الأكبر هي التواجد معًا، لكن مع مرور الوقت ولكي تكون الرابطة صحية، من الضروري ترك مساحات خالية على مسافة تدل على الاحترام المتبادل والقبول وهنا تصبح ديناميكيات العشاق رقصة، وتحتاج إلى الحفاظ على التوازن حتى لا تخنق التقارب المستمر عندما تصبح العلاقة اندماجًا، فإنها تتوقف عن كونها صحية ويمكن أن تصبح مختلة، مما ينعكس في مجالات مهمة مثل التواصل والالتزام والأبوة والأمومة التي تتأثر بواقع الرابطة والقلق المستمر والخوف من عدم الامان ولن انكر اهميه الحدود فهي تعتبر ضرورية عندما تتضمن مشاركة الحياة والنضج والاهتمام بالمساحة الفردية، والقدرة على التحدث عن خططك، وما ترغب في القيام به، ومنح الإذن، والعيش والاستمتاع بمفردك. من المهم أن
نقول إن الحفاظ على هذه المساحة الشخصية ليس وسيلة للفرار أو الانفصال عن شريكك، بل هو وسيلة للاعتناء باحترامك لذاتك، وشعورك بالاستقلال والاستقلالية. احترام حرية الشريك هو مفتاح الحفاظ على التوازن العاطفي ولا تنسى ان تكون في وقت فراغك حكيم، حتى لو فاتك الآخر ولكن لا تنسى تقدير وجوده والتزم رفقته. اعلم ان التعمق في تاريخك الشخصي والعائلي، ومعرفة نفسك وقبول شخصيتك أمر ضروري فهو مفتاح الحب لكي تبني الحرية المرجوة لذاتك ولكن لا تنسى ان تصنع لحظات لنفسك. لا يجب مشاركة كل شيء كشريكين، فالحب الصحي ملتزم بإعطاء مساحة شخصية، مع الحرص على أنها من أجل النمو والرفاهية المتبادلة لكلاكما. امنح نفسك الإذن بالمشاركة بشكل مستقل مع عائلتك وشبكة الدعم الاجتماعي المحيطة بك وخذ الوقت الكافي لبناء مشروعك الشخصي فقد يكون من اجل العمل، الدراسة، الخطط، الأهداف او الاهتمامات. ركز على بناء علاقة تجد فيها وتساهم في رفاهيتك وطمانينتك. تذكر أن الحب بدون الحرية لا يدوم بمرور الوقت.
شكل الحب الذي بناه البشر اجتماعيًا كالمثل المثالي يبدو كالتالي: شخصان يقعان في الحب، تظهر طيور صغيرة تحلق حولها، وهناك موسيقى تجعل الأشجار ترقص ونعد بأن نعيش معًا إلى الأبد. كل شيء جميل حتى نحن. لكننا نعلم بالفعل أن هذه القصص ليس لها دائمًا نهاية سعيدة ولصياغة الأمر بسرعة، كل هذا يتوقف عليك وعلى قراراتك ومدى استعدادك لتجربة في حياتك. الحب، في جوهره أبدي ولانهائي، يتم تأكيده فقط عندما يتجاوز الحالة الطبيعية وغير المحددة لواقعه، من خلال قفزة القرار المطلق، حيث يتم الوصول إليه كقوة كاملة.
الحب هو أعظم ما يمكن أن يمنحه إنسان لآخر حيث كل شيء هو نعمة.