الأحلام والعقل الباطن
جفرا نيوز - الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
من منا لا يحلم في منامه بغض النظر عن نوعية الحلم، مزعج أم ظريف، مفرح أم محزن، واقعي أم خيالي، مرغوب أم مبغض.
من منا لا يحلم في منامه بغض النظر عن نوعية الحلم، مزعج أم ظريف، مفرح أم محزن، واقعي أم خيالي، مرغوب أم مبغض.
لعل النوم وما يمر به وخلاله العقل البشري من عمليات تخزين وإعادة ترتيب للملفات النهارية ووضعها في ملفات بذاكرة أطول وما يتخلل ذلك من عمليات قد تكون منظمة أو عشوائية تخلق جانبا من التخيل أو الحلم، وقد يكون الحلم قصيرا أو طويلا وقد نستيقظ خلاله بفزع أو بمنبه فسيولوجي وفي هذه الحالة نتذكر الحلم جيدا، وقد يمر الحلم ونحن في سبات عميق ونستيقظ لاحقا ولا نتذكر منه شيئا.
أيا كان السبب الكامن وراء الحلم إلا أنه يفسر الصراع الذي يمر به الانسان بين عقله الواعي في مرحلة الاستيقاظ وعقله الباطن في مرحلة النوم، وغالبا ما تكون الأحلام ترجمة واقعية لما يفترض أن يقوم به الجسم، فقد تحلم أنك في طابور لقضاء الحاجة، وعندما تستيقظ تدرك فعليا حجم الحاجة لقضائها، وقد يكون الحلم أيضا شرب ماء وعند الاستيقاظ تشعر بنشاف اللسان ومدى الحاجة الفعلية للماء.
وقد يكون الحلم محاولة لتنفيذ الرغبات الباطنة والتي يستحال تلبيتها في الواقع، ولكن أيا كان الحلم يبقى السؤال: لماذا معظم الأحلام بشقيها المزعج والمقبول مرتبطة بذكريات الطفولة من أحداث وأماكن؟ ولماذا تبقى تلك الأحداث في مرحلة الطفولة السائدة والمسيطرة؟ حتى عندما يعاني كبار السن من فقد الذاكرة تبقى ذكريات الطفولة ومرحلة الشباب المبكرة محفورة ويستطيع الانسان تذكرها وسردها بتفصيل دقيق.
قد يكون المكان الذي خزنت فيه تلك الظاهرة أعطتها صفة التخزين طويل الأمد وأعطتها أيضا الأهمية وعدم القابلية للمسح وإعادة تخزين بيانات أخرى مكانها.
ما نراه أن العقل البشري يبقى عاملا حتى في فترة استراحة الجسد، وقد ينشط أكثر في النوم، ويعيد ترتيب الأولويات والأمور ويصدر تنبيهات وتحذيرات للمستقبل من خلال الأحلام لعل وعسى أن يستوعبها الانسان ويحاول تلاشيها والبعد عنها في الواقع.
سبحان من خلق فأبدع وعلم الانسان ما لم يعلم، ومهما حاول الانسان التعلم يبقى جاهلا بأسرار الله في الكون وفي أسرار النفس البشرية.