لماذا تم حظر توزير النواب؟
جفرا نيوز - بقلم الدكتور ليث نصراوين - من أبرز التوصيات التي قدمتها لجنة التعديلات الدستورية المنبثقة عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية إلغاء النصوص الدستورية التي تجيز الجمع بين العضوية في مجلسي الأعيان والنواب من جهة والمنصب الوزاري في السلطة التنفيذية من جهة أخرى. ولا يقبل الدفع الذي أثير بأن هذا المقترح يتعارض مع نظام الحكم النيابي الذي أقرته المادة الأولى من الدستور، ذلك أن من أركان الديمقراطية النيابية التمثيلية كما يقرها الفقه الدستوري أن يكون الوزراء مسؤولين أمام مجلس النواب، بصرف النظر عن الآلية التي يتم اختيار الوزراء فيها، وبصرف النظر ما إذا كانوا أعضاء في مجلس النواب أم أنه قد جرى تعيينهم من خارج أعضاء المجلس النيابي.
إن الحظر على النواب المنتخبين أن يكونوا أعضاء في مجلس الوزراء من شأنه أن يعزز من الرقابة السياسية التي يمارسها المجلس النيابي المنتخب على القرارات والأعمال التي يصدرها الوزراء أثناء متابعتهم لشؤون وزاراتهم. فازدواج صفة الوزير واعتباره نائبا في المجلس المنتخب سيثير شكوكا حول فعالية أي سؤال أو استجواب أو محاولة لطرح الثقة به. هذا بالإضافة إلى العديد من التساؤلات الفنية التي تتعلق باستحقاقه لرواتب شهرية أم مكافأة العضوية في المجلس النيابي. كما يطرح التساؤل حول مدى إمكانية احتساب خدمة النائب الوزير في السلطة التنفيذية خدمة فعلية مقبولة لغايات التقاعد المدني، وذلك في ظل القرار التفسيري الذي أصدرته المحكمة الدستورية والذي حرمت فيه النائب من أي رواتب تقاعدية عن مدة عضويته في مجلس الأمة على اعتبار أنه ليس موظفا عاما.
إن هذه الممارسة الدستورية التي تحظر الجمع بين عضوية مجلس النواب والمنصب الوزاري قد تبنتها العديد من الدساتير العربية والأجنبية المقارنة والتي يتشابه فيها نظام الحكم الملكي مع الأردن. فقد شهد المغرب خلال الأسابيع الماضية سلسلة من الأحداث الدستورية التي تمحورت حول حظر الجمع بين عضوية مجلس النواب ومنصب الوزارة. ففي الثامن من شهر تشرين أول الماضي، تقرر تعيين سبعة نواب منتخبين وزراء في الحكومة المغربية الحالية، حيث أثار هذا التعيين تساؤلات حول دستورية بقاء أولئك الوزراء الجدد أعضاء في مجلس النواب المغربي.
ولهذه الغاية، جرى الطلب من المحكمة الدستورية المغربية الوقوف على تبعات تعيين النواب السبعة أعضاء في مجلس الوزراء، فقضت المحكمة في حكمها رقم (141) لسنة 2021 الصادر قبل أيام بإعلان شغور المقاعد النيابية السبعة التي يشغلها الوزراء الجدد في مجلس النواب المغربي، معتبرة أنه لا يجوز الجمع بين العضوية في مجلس النواب وصفة الوزراء في الحكومة.
وقد استندت المحكمة الدستورية في إعلان شغور العضوية في مجلس النواب على أحكام المادة (14) من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب المغربي التي تعتبر العضوية في مجلس النواب متنافية مع صفة العضو في الحكومة، وأنه في حالة تعيين نائبا وزيرا في الحكومة، فإنه يجب على المحكمة الدستورية أن تعلن شغور مقعده النيابي، وذلك بناء على طلب يقدم إليها من رئيس مجلس النواب خلال مدة شهر من تاريخ التعيين.
وقد اشتمل قرار المحكمة الدستورية المغربية بإعلان شغور العضوية في مجلس النواب على دعوة المرشحين الذين وردتهم أسماؤهم مباشرة بعد آخر عضو منتخب في كل قائمة انتخابية من قوائم الترشح المعنية لشغل المقاعد الشاغرة في المجلس النيابي، وذلك عملا بأحكام المادة (90) من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب المغربي.