فـي ذكـرى تـفـجـيـرات عـمّــان الأردن أكثر قوة ومنعة

جفرا نيوز - نيفين عبدالهادي

ليست كل الأحداث في حياتنا يمكن طيّها في غياهب النسيان، ونصنّفها ماضيا منسيّا، ففي بعض الأحداث ما يجعلنا نذكرها ونحييها في كل لحظة في ذاكرتنا، سيما إذا ما خطّت تفاصيلها بلون دماء الأبرياء من شهداء ومصابين، فذاكرتنا معها تقع دوما في كمين الوجع والألم والإصرار على نيل الحق بمزيد من محاربة الإرهاب ومزيد من الانجاز والتنمية والإبداع ليبقى وطننا عصيّا على كل متربص لأمنه وسلامة أراضيه.

اليوم التاسع من تشرين الثاني يوم عمّان الحزين، نحن جميعا تعيش الأسرة الأردنية الواحدة حزنها بتفجيرات عمّان عام 2005، التفجيرات التي جعلت الأردن أكثر قوّة وأثبتت لأيادي الإرهاب أن الأردن قوي وصامد وقادر على تجاوز أزماته وجراحه بتكاتفه حول قيادته، وفي روح العائلة الواحدة التي جعلت من الأردن يوم الأربعاء الأسود التاسع من تشرين الثاني بيت عزاء واحد وكأن شهداء هذا العمل الإرهابي أبناء كل بيت في المملكة.

مضت السنين، وعمليا لم تتغيّر المشاهد سوى بتغيير أرقام السنين، لكنها ثابتة بلونها الأسود في أذهاننا جميعا، وبإصرارنا على رفض الإرهاب ومحاربته بكل أشكاله، وبتعزيز وتعميق لغة الأمن والسلام، لتسود العالم كافة، وتعكس بظلالها على وطننا الذي لم ولن ينسى وجعه بتفجيرات عمان، حيث وقعت ثلاث عمليات تفجير ارهابية باستخدام أحزمة ناسفة، استهدفت ثلاثة فنادق تقع في عمّان، وقع أولها في تمام الساعة التاسعة والنصف مساء في مدخل فندق الراديسون ساس (سابقا)، ثم ضرب الثاني فندق حياة عمان ثم بعدها بدقائق تم استهداف فندق دايز إن، ووصل تقدير عدد الضحايا إلى 57 شهيدا، فيما قارب عدد الجرحى (200) جريح.

في مثل هذا اليوم وقبل (16) عاما تمكنت يد الإرهاب من تنفيذ ثلاث عمليات تفجير ارهابية باستخدام أحزمة ناسفة، استهدفت ثلاثة فنادق، ليبقى هذا التاريخ حالة وطنية فريدة عند كل مواطن، تضامنا مع الضحايا وذويهم، وحبا للوطن ومحاربة للإرهاب، كما ترك عشرات الأسماء في حياتنا، نتذكرها دوما، منهم من توفى ومنهم من عاش الحياة إمّا بضرر واصابة بجسده، أو بفقدان أحد أفراد أسرته، لكنهم أسسوا لحالة نضج سياسي وفكري عند الكثيرين، جاعلين من هذه المناسبة رغم مرارتها نوعا من التحصين المبكّر للأردن والمجتمع ضد الارهاب والتطرف، وتوحيد وجهات النظر كافة من ظاهرة التطرف والارهاب.

لم يقف الأردن بقيادة جلالة الملك مكتوف الأيدي حيال الارهاب، إنما سعى جاهدا ومنذ سنوات لمحاربته، بشكل عملي، جاعلا من ما حدث وسيلة لشحذ الهمّة الأردنية، فعلت وتيرة المقاومة، بانجازات ضخمة واجراءات عبقرية طوّرت وأنجزت، في كافة المجالات، اداريا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

هذا الحدث الذي يحيي الأردنيون ذكراه المؤلمة اليوم، وفي متابعة خاصة  يبدو واضحا أن تاريخ هذا اليوم ما هو إلاّ جرس يُقرع في هذا اليوم للإعلان للعالم بأسره أن الأردن والأردنيين يخلقون من وجعهم أملا ويغمضون أعينهم عن أي مساحة فارغة بكأس أيامهم الباحثين به عن جزئه الممتلئ، ويصرّون على مبادئهم بمحاربة الإرهاب والدفاع عن الوطن والعيش بثقة أن الغد أفضل بقيادة حكيمة متقدمة فكريا وسياسيا وأمنيا.

 قرأت أثر هذه الذكرى على الأردن وحربه على الإرهاب من خلال رصدها لآراء عدد من السياسيين، الذين أكدوا أن الأردن حالة خاصة في مواجهة الأزمات، والتحديات بداية في التفافهم حول قيادتهم، وثانيا في التفافهم حول جسدهم الواحد وإذا ما اشتكى منه عضو تداعى الجسد الأردني بأكمله بذات الألم وردة الفعل، فهي الأسرة الأردنية الواحدة العصيّة على الإرهاب ومجرميه.

ورأى محدثو " أنه بعد هذا الحدث الأليم ومنذ ذلك الوقت والاردن أصبح في طليعة دول العالم بمحاربة هذه الآفة ومحاربة الفكر الذي ينشؤها، ليس هذا فحسب إنما أصبح الأردن يمتلك قدرات أمنية وأيدولوجية اعلامية متقدمة في التعامل مع هذا الوباء الارهابي وايقافه عند حده، حفاظا على أمنه واستقراره، ليبقى حتى اليوم بفضل قيادته وحكمتها واحة أمن وسلام واستقرار اقليميا وعالميا.

الدكتور محمد المومني

الوزير الأسبق الدكتور محمد المومني قال ان ذكرى تفجيرات عمان مناسبة سنوية أليمة تذكرنا بقبح الإرهاب وظلاميته، منذ ذلك الوقت والأردن في طليعة دول العالم بمحاربة هذه الآفة الاقليمية والدولية ومحاربة الفكر الذي ينشؤها. وأكد المومني أن الأردن أصبح يمتلك قدرات أمنية وايدولوجية اعلامية متقدمة في التعامل مع هذا الوباء الارهابي وايقافه عند حده، لكي لا ينال من أمن واستقرار الأردن وسلم مجتمعه.

الدكتور محمد أبو رمّان

الوزير الأسبق الدكتور محمد أبو رمّان قال من جانبه ان تفجيرات عمّان لفتت انتباه المسؤولين في الممكلة الى خطورة تنامي التطرف والارهاب، وحدث في ذلك الحين المقاربة الثقافية حيث انطلقت من تلك المرحلة الجهود في محاولة حماية الشباب من التطرف والارهاب، وكما نذكر انطلقت رسالة عمان لتعدّ رد على هذ الفكر المتطرف، كما تم تأسيس مركز لمكافحة التطرف، وكانت كل هذه الجهود سببا في توعية المجتمع من هذا الخطر.

ونبّه أبو رمان إلى أن مواجهة الارهاب والتطرف يجب أن تبقى متواصلة، وأن لا تكون بفلسفة "الفزعة" ذلك أننا للأسف شهدنا ببعض المراحل تراخيا وتغييرا في التعامل مع المشروع الثقافي وبدأت الجهود الثقافية في حماية الشباب تتراجع، الأمر الذي فتح في سنوات ماضية الباب أمام الإرهاب ليطل برأسه من جديد تحديدا خلال عامي 2016 و2018، وما شهدته المملكة من أحداث ارهابية، الأمر الذي يجعلنا نؤكد على حماية الفكر الشبابي من أي تطرف، وبحاجة أن تبقى سياسة محاربة الارهاب مستمرة.

الدكتور ابراهيم بدران

من جانبه، أكد الوزير الأسبق الدكتور ابراهيم بدران أن هذه الذكرى كانت مؤلمة لجميع الاردنيين، وأبقت في أذهاننا جميعا مشاهدها المؤلمة، وصور الضحايا والمصابين، الذين لن ننساهم.

واستطرد بدران بقوله " لكن بنفس الوقت قوّت هذه الجريمة من عزيمة الاردنيين ليكونوا جميعا صفا واحدا ضد الارهاب والتطرف ويسيروا على مبدأ الإعتدال والوسطية، وهذا هو طريق الدولة الاردنية، وهذا ساعد على أن يشعر المتطرفون أن الأردن وأرضه ليست حاضنة لهم انما طاردة بكل ما في الكلمة من معنى.

الدكتور محمد عدينات

واتفق الوزير الأسبق الدكتور محمد عدينات مع الآراء التي أكدت أن هذه الذكرى الأليمة خلقت حالة من الاصرار عند الأردنيين كافة، في مواجهة آفة الارهاب، ووأدها في مكانها، وأبرزت وحدتنا حول بعضنا البعض، حيث حزنت المملكة على كل الشهداء وتضامنت مع الجرحى والمصابين، وما تزال هذه الذكرى الأليمة حتى اليوم وبعد مرور (16) عاما عليها تشكّل لنا جميعا دافعا لنيل حق الشهداء في محاربتنا للارهاب ومجرميه.

ولفت عدينات إلى أن اليوم ما هو إلاّ مناسبة رمزية تذكّرنا بحدث لا نبالغ إذا ما قلنا أنه الأكثر ألما بتاريخ المملكة، ذلك أننا لم ولن ننسى وجعنا بهذه الجريمة التي جعلت من الأردن أيقونة سلام، لإصرارنا على محاربة الإرهاب وبتر يد المجرمين المتربصين بأمننا وسلامة أراضينا، اضافة لما شهدته المملكة من انجازات ضخمة في كافة المجالات ولم نقف مكتوفي الأيدي مستسلمين لجرحنا الذي اعتدنا على علاجه بالحرب على الارهاب ومواجهته، وبمزيد من العمل والانجازات والتطوّر في كافة المجالات، وربما كانت مواجهة الأردن لجائحة كورونا من أبرز الأدلة على اصرارنا على مواجهة الازمات بالعمل، لتكن خطواتنا بهذا الاتجاه الأنجح اقليميا وربما عالميا.

عريس تفجيرات عمان

أشرف دعّاس، الذي بقي حاضرا في أذهاننا جميعا بعد هذه الجريمة فهو عريس تفجيرات عمان، الذي أكد لنا أن ما حدث لم ينس ولن ينسى، فقد كبُر أبناؤه اليوم وأصبحوا يسألون عن تفاصيل ما حدث، ونحن أنا وزوجتي أعددنا (ألبوما) كاملا يتضمن صورا وكتابات ومقالات عن يوم الأربعاء الأسود، نحكي من خلاله لأبنائنا ما حدث ببشاعته، مع التأكيد لهم أن الإسلام لا علاقة له بالإرهاب بل هو دين حبّ وتسامح.

أشرف أكد أن أسرته تعيش بقوة من الله واتكال عليه، وتجعل من الذكرى مصدر قوة وتحييها بالحديث عن ضحايا فرحهم الذي حولته يد الإرهاب لترح، لولديهما هالة وخالد، مؤكدا أن ما حدث أبقى بهم وزوجته ووالدته قوة تؤكد للإرهابيين أنهم فشلوا في جعل ذكرى فرحهم سوداء، مضيفا نحن نحيي هذه الذكرى بمزيد من العزيمة والإصرار نواجه الفكر المتطرف بقوة الإيمان والثقة بوطننا وقيادتنا، ولا يأس مع الحياة، فنحن نوكل أمرنا لله، ولن نجعلهم يفرحون بأنهم حققوا الهدف الذي أرادوه بكسر عزيمتنا.

وأكد دعّاس أن عزيمتهم زادت اليوم لمحاربة الإرهاب واظهار الصورة الحقيقة عن الإسلام، في ظل ما نسمعه يوما من محاولات لاتهام الإسلام بالإرهاب، وتوجيه تهم وصفات جائرة عن دين التسامح، والأمن والسلام، ونحدث طفلينا دوما عن التسامح والإسلام الحقيقي، إلى جانب مجموعة الصور التي نحرص على أن يشاهداها باستمرار، وتفاصيل الأحداث كما كتبتها وسائل الإعلام المختلفة، حتى لا ينسيا وجع والديهما ووطنهما.

وشدد دعّاس، على أنه مصرّ هو وزوجته أن نعيش رغما ألمنا، نعيش حياة تشبهنا وتشبه ظروفنا التي بدأت بها حياتنا الزوجية بأن وصلتها يد الإرهاب، لتنال من حلمنا بأن تكون ليلة العمر ذكرى مؤلمة، نعيش رغما عن كل من أراد لنا الألم حياتنا قاهرين ألمنا وارهابهم بإصرارنا على محاربة الإرهاب، كوننا نعيش في بلد الأمن والسلم وفي بلد عمليا الجميع به أسرة واحدة.

ولفت دعّاس أن أسرته لم ولن تنسى ما حدث، وسمنضي في نيل حقنا بما يشه الأردنيين، بلغة الحوار، وبسلام، مؤكدين للعالم أن وطننا واحة أمن وسلام وملجأ لكل مظلوم، بقيادة جلالة الملك.

عاطف عضيبات

الوزير الأسبق الدكتور عاطف عضيبات أكد بدوره انها ذكرى أليمة وحزينة لكل منزل أردني، ولكن كما قال الشهيد عمر المختار الضربات التي لا تكسر الظهر تقوّيه، وبهذه الحادثة قوّت الاردنيين وشدّت من عزيمتهم في مواجهة الارهاب ووأده، كما عززت من تماسكنا والتفافنا حول قيادتنا الحكيمة التي طالما حرص جلالة الملك أن يجعل من الاردن واحة أمن واستقرار.

وفي عزيمة أجهزتنا الأمنية وفق عضيبات وقدرتهم على مواجهة أي خطر تمكنا من مواجهة الارهاب والقضاء عليه، ليغدو الاردن واحة أمن واستقرار، ولم تترك مجالا ليد الارهاب ان تصل للاردن بعد هذه الجريمة.

وبين عضيبات ان هذه الجريمة رغم ما خلّفته من ألم إلا أنها نبهتنا للارهاب وسعينا لمواجهته مبكرا، اضافة لما شكلته رسالة عمان من نقطة ضوء هامة في التأكيد على ان الارهاب لا دين له وان الاسلام بريء مما يلصق به من تهم.

ناديا هاشم العالول

الوزيرة الأسبق ناديا هاشم العالول قالت لا شك أن السنين تمضي بسرعة فائقة، ونكاد ننسى، ولكن كيف ننسى مثل هذا التفجير الإرهابي الذي نال من فرحة القلوب وبهجة الاجيال المتطلعة للحياة، وما هذا العمل الإرهابي الا نتيجة الطمع والجهل والإنانية، مفسرين مضامين ديننا الحنيف وفق مصالحهم التي لا تخضع لعرف او قانون..

بل تلتهم كل ما هو بريء وهل من مزيد الدرس، الف رحمة على ارواخ شهدائنا ولنتعلم من قائدنا سيدنا الملك عبد الله الثاني ان الانسان اغلى ما نملك، مترجمين هذه المقولة

قولا وفعلا وسلوكا عبر احترام الاخر والرأي الاخر والثقافات الاخرى وان نقف صفا واحدا عبر هذه السلوكيات والمشاركات امام الإرهاب بأنواعه.

مذكرين ان التطرف بأنواعه البعيد عن الاعتدال يقود الى الإرهاب.

صحيح انه ليس كل متطرف إرهابي ولكن كل إرهابي متطرف.. فعلينا تربية الاجيال وتنشئتها اسريا، مدرسيا، اجتماعيا، إعلاميا / سوشال ميديا/ وما ادراك ما السوشال ميديا، بخطابها الذي يغلب عليه الكراهية، فخطاب الكراهية سبب كل علة ويقود للإرهاب حتما.

الدستور