وزير العدل يكشف بلقاء لـ"جفرا" تفاصيل "عدم حبس المدين وضمان حق الدائن" والعقوبات المجتمعية (المراقبة بإسوارة أسفل القدم)



*عدم حبس المدين لا يعني عدم ضمان حق الدائن

*قانون التنفيذ المعدل سيحقق التوازن بين الدائن والمدين ويحقق العدالة بين الجميع

*لا تتجاوز مدة حبس المدين في السنة الواحدة عن (120) يوماً مهما تعدد الدائنون

*أغلب القروض التي كان سقفها لا يتجاوز الـ(5) آلاف جاءت لغاية استهلاكية وليست إنتاجية

*العقوبات المجتمعية تفرض على مرتكبي الجنح وبعض الجنايات لأول مرة فقط

*العقوبة المجتمعية لا تزيد عن (100) ساعة ولا تقل عن (40) ساعة

*العقوبة المجتمعية في أغلب الحالات رادعة أكثر من الحبس 

*المتخلفون عن العقوبات المجتمعية دون عذر سيفرض عليهم عقوبة سالبة للحرية 

*المراقبة الإلكترونية ستكون من خلال تركيب الإسوارة الإلكترونية أسفل قدم المحكوم عليه للحفاظ على كرامته

حوار: موسى العجارمة -  تصوير: أحمد الغلاييني

"عدم حبس المدين لا يعني عدم ضمان حق الدائن؛ لأنه بالإمكان الحجز على أموال المدين وبيعها لإيفاء الدائن حقه من المدين الذي يمنع من السفر لحين سداد الدين، وخاصة  وأن الحالات التي يتوجب فيها عدم الحبس وفق مشروع قانون التنفيذ المعدل، ترتبط بالأشخاص المحجور عليهم للسفه أو الغفلة، والزوجين معاً إذا كان لهما ابن عمره يقل عن (15) عامًا أو ابن من ذوي الإعاقة، أو إذا كان زوج المدين متوفًّ أو نزيل مركز إصلاح وتأهيل، إضافة إذا كان المحكوم به ديناً بين الأزواج أو الأصول أو الفروع أو الإخوة ما لم يكن الدين نفقة محكوماً به". بحسب ما قاله وزير العدل د. أحمد الزيادات.

ويضيف الزيادات خلال لقاء خاص مع "جفرا نيوز" أن الحالات التي لا يجوز فيها حبس المدين بعد تعديل المادة (23) من مشروع قانون العقوبات، تشمل المدين المفلس أثناء معاملات الإفلاس والمدين المعسر وفقاً لأحكام قانون الإعسار والمدين المحجور عليه وفقاً لأحكام القانون المدني، والمدين الذي وثق دينه بتأمين عيني، والشخص الذي يقل مجموع الدين المنفذ أو المبلغ المحكوم فيه عن خمسة آلاف دينار، مؤكداً أنه في حال ثبوت وجود أموال للمدين كافية لأداء الدين وقابلة للحجز عليها لا يجوز هنا حبس المدين أيضاً.

وفي سياق متصل، يشدد على أهمية الإيجابيات التي سوف يجني بها قانون التنفيذ المعدل في حال إقراره؛ لأنه سيحقق التوازن ما بين الدائن والمدين للوصول إلى قانون تنفيذ يضمن تحقيق العدالة بين جميع الأطراف، والحد من حبس المدين بوجه عام، ومنع حبس المدين في بعض الحالات التي يمكن أن يترتب عليها آثار اجتماعية سلبية وضرر بأفراد عائلة المدين كما في حالة حبس الزوجين معاً في حال وجود أطفال لهما تقل أعمارهم عن (15) عامًا، مؤكداً أنه تم تعديل بعض النصوص لمعالجة الثغرات التي كشف عنها التطبيق، وتحقيق الانسجام بين نصوص قانون التنفيذ وبعض القوانين الموضوعية الناظمة لبعض أنواع الإسناد.

*تخفيض مدة الحبس من (90 يوماً إلى 60 يوماً)

ويقول إن مشروع قانون التنفيذ الجديد قام بتخفيض مدة حبس المدين عن الدين الواحد على ألا تتجاوز ستين يوماً في السنة الواحدة بدلاً من (90) يوماً، ولا تتجاوز مدة الحبس في السنة الواحدة عن (120) يوماً مهما تعدد الدائنون، موضحاً أن الغاية من تخفيض مدة الحبس جاءت لمنح المدين فرصة لتأمين المبالغ المالية المترتبة عليه، ومراعاة مصالح أسرته، وخاصة إذا  كان المدين هو المعيل الوحيد لأسرته مما سيؤدي ذلك إلى تردي أوضاعهم المعيشية، إضافة لتخفيف الاكتظاظ في السجون.

أما فيما يخص الأمور التي سوف يتبعها القاضي في تحديد مدة الحبس حسب قيمة الدين؟، يجيب الوزير بأن أهم ضابط يجب مراعاته قام القانون بتحديده صراحة "وهو قيمة المبلغ المطروح للتنفيذ، بالإشارة إلى أن القاضي من الممكن أن يراعي عمر الدين، وظروف القضية التنفيذية.

ولم يخفِ الزيادات الهدف والغاية من منح القاضي السلطة التقديرية في مدة الحبس، خلال لقائه مع "جفرا نيوز"، معتبراً أن الهدف من تلك الغاية تمكن القاضي من مراعاة ظروف كل قضية عند تحديد مدة الحبس، تبعاً لمقدار المبلغ المطروح للتنفيذ.

*تخفيض نسبة التسوية من 25% إلى 15% 

يعزى أسباب تخفيض نسبة التسوية إلى الحد من حالات حبس المدين ومساعدته على الوفاء بالدين المترتب عليه، فقد يكون المدين قادراً على دفع (15)% وتقسيط المبلغ المتبقي عليه؛ ولكنه قد لا يستطيع دفع (25)% من قيمة الدين، مضيفاً أنه في حال الاتفاق بين الدائن والمدين على تسوية معينة، المحكمة لا تملك التدخل بإرادة الأفراد، إلا أن القاضي يجب أن يوافق على التسوية التي عرضها المدين إذا رأى أن الأخير سيتمكن من وفاء الدين وفق شروط التسوية التي عرضها، وانها لا تلحق بالدائن ضرراً جسيماً.

*الإئتمان الإنتاجي والاستهلاكي

"الإئتمان بين التجار عامل ضروري،  ويعد من الأعمدة الرئيسة للتجارة، لأنه إذا توقف تاجر التجزئة عن الدفع لتاجر الجملة سيتوقف عن الدفع للمنتج مما يضطر للتوقف، وهذا يكون بمبالغ كبيرة لأن سبب الاقتراض يكون لعامل إنتاجي الذي يمكن التاجر من السداد، بينما الإئتمان الذي يمنح للمستهلكين يكون بمثابة تأمين استهلاكي وليس إنتاجي؛ لأن المواطن عندما يقوم بشراء مفروشات بالتقسيط تكون الغاية منها استهلاكية، وقد يتعرض المدين لتعثر مفاجئ من عملية السداد، بالتالي نحن علينا تشجيع الإئتمان الإنتاجي وليس الاستهلاكي، وخلال الفترة الأخيرة شهدنا كثرة بالإعلانات عن البضائع التي تمنح بأقساط ميسرة ومنها بدون دفعة أولى؛ لينتهي المطاف وتكون أغلب القروض تحت سقف الـ(5) آلاف لغاية استهلاكية وليست إنتاجية". بحسب ما قاله الزيادات في نهاية هذا المحور.

*بدائل الإصلاح المجتمعية

يؤكد وزير العدل د.أحمد الزيادات أن العقوبات المجتمعية تعد بمثابة بدائل عن العقوبات السالبة للحرية؛ لكونها لا تتطلب حبس الشخص في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل، وتفرض على من يرتكب بعض الجرائم البسيطة لأول مرة، وتتمثل حسب المادة (25) مكرر من قانون العقوبات: "للمحكمة بالجنح وبناءً على تقرير الحالة الاجتماعية فيما خلا حالة التكرار أن تقضي حتى لو اكتسب  الحكم الدرجة القطعية ببديل أو أكثر"،  والبدائل تتمثل بالخدمة المجتمعية التي تلزم المحكوم عليه وبموافقته القيام بعمل غير مدفوع الأجر لخدمة المجتمع خلال مدة تحددها المحكمة لا تقل عن (40) ساعة ولا تزيد عن (100) ساعة وعلى أن يتم تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد عن سنة، إضافة للمراقبة المجتمعية التي تلزم المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمة يهدف لتقويم سلوك المحكوم عليه وتحسينه. 

ويضيف أن المراقبة الإلكترونية تعد من العقوبات المجتمعية التي تضع المحكوم عليه تحت الرقابة الإلكترونية بالوسائل التي يحددها النظام لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، إضافة لحظر ارتياد المحكوم عليه أماكن محددة لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة.

وإيجابيات العقوبات المجتمعية للمحكومين وللدولة بحسب زيادات، تكمن بالمحافظة على مصدر رزق المحكوم عليه وعدم انقطاعه عن عمله حتى لا يشكل ذلك عبئاً اقتصادياً على أسرته وأطفاله، وناهيك عن المحافظة على نسيج المجتمع وإعادة إدماج الشخص المحكوم عليه وبقائه مع أسرته، وعدم اختلاطه مع المجرمين الخطيرين، والمثال عندما يرتكب شخص حادث سير ويتم حبسه سيتعامل مع أصحاب السوابق داخل الحبس وهذا بحد ذاته قد يؤدي للعود الجرمي،  مشيراً إلى أن من إيجابيات العقوبات المجتمعية أيضاً تتمثل بتحقيق الردع الخاص والعام وفق السياسة العقابية الحديثة خارج أسوار السجون؛ لأن الشخص عندما يتطلب منه عملاً مجتمعياً بديلاً عن العقوبة السالبة للحرية سيغير ذلك سلوكه وخاصة بأن التطبيق سيكون أمام الجميع، وهذا سيسهم أيضاً بالتخفيف من الاكتظاظ داخل مراكز الإصلاح والتأهيل وتوفير النفقات.

*الخدمة المجتمعية 

"شروط تطبيق العقوبات المجتمعية ترتبط بعدم وجود الاسباقيات بحق الشخص، وأن تكون فعلته لأول مرة وتتمثل بالجرائم البسيطة وبعض الجنايات التي يتم النزول فيها للحد الأدنى من العقوبة، لأن العقوبة المجتمعية تشمل حالات معينة فقط، وأن يكون الشخص موافقاً على تنفيذ العقوبة المجتمعية، وأن يكون للقاضي قناعة بأن الشخص لن يعود لتكرار فعلته وليس من مصلحته أن يحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية مما يحول ملفه لضابط الإرتباط لدراسة حالته من كافة الجوانب". وفق الوزير.

ويتابع: بأن العقوبات المجتمعية يتم تنفيذها في إحدى المؤسسات التي تم توقيع مذكرات تفاهم معها (دوائر حكومية ووزارات)، ويتم مراعاة العمر والحالة الصحية ومؤهلات الشخص المحكوم عليه، ويتم تحديد نوع العمل وعدد الساعات من خلال حكم قاضي الموضوع ويتم إعداد تقرير حالة يقدم للقاضي قبل جلسة الحكم بالعقوبة المجتمعية بناءً على طلب القاضي وفي ضوء التقرير  يحكم  عقوبة سالبة للحرية أو عقوبة مجتمعية التي تكون ملزمة بالخدمة المجتمعية أو المراقبة المجتمعية أو الإلكترونية أو يحظر عليه ارتياد أماكن معينة.

حول الأمور التي يجب مراعاتها في الشخص الذي يصدر بحقه خدمة مجتمعية، يكشف الوزير بأن أخلاق المحكوم عليه وماضيه وسنّه والظروف التي ارتكب فيها الجريمة وكل ما يبعث على الاعتقاد بعدم عودته إلى مخالفة القانون، تعد من العوامل الهامة بذلك، إضافة لمراعاة الحالة الصحية والاجتماعية وظروف المحكوم عليه. مثلاً إذا كان طالب جامعة أو موظف يتم التنسيق مع ضابط الإرتباط لتحديد جدول زمني لعمل يتلاءم مع ظروف المحكوم عليه، وخاصة بأن الهدف من العقوبات المجتمعية إعطاء فرصة للشخص الذي ارتكب الخطأ لأول مرة.

ويستعير الزيادات مثالاً بشخص أقدم على قطع الأشجار الحرجية وحكم عليه بخدمة مجتمعية لمدة (40) ساعة بأعمال زراعية وصيانة حدائق ومرافق، بهدف تقديم فائدة للمجتمع لتكون عقوبة رادعة له وتسهم بتعديل سلوكه.

*ضمان تطبيق العقوبات المجتمعية 

يوضح الوزير بأن ضابط الإرتباط التابع لوزارة العدل ومديرية العقوبات المجتمعية ستنسق مع المؤسسات الشريكة التي تم توقيع اتفاقيات معها، والتي هي بالأصل تقدم تقاريراً إذا تخلف المحكوم عليه بالعقوبة المجتمعية عن برنامجه المعد مسبقاً، لافتاً إلى أنه في حال الإخلال بتطبيق بدائل الإصلاح خارج عن إرادة المحكوم عليه فيجب عليه تقديم العذر لقاضي تنفيذ العقوبة مثل: تقرير طبي عن حالته الصحية ويمكن تغيير نوع البدائل حسب قناعة المحكمة بالعذر المقدم، بالإشارة إلى أن قبول العذر من عدمه سلطة مقدرة للقاضي.

وفي حال تعمد المحكوم عليه بعد إخطاره عدم تنفيذ العقوبة المجتمعية أو قصر في تنفيذها دون عذر تقبله المحكمة، يرفع تقريره بذلك مع كافة الأوراق ذات الصلة إلى قاضي تنفيذ العقوبة، والذي يرفعه بدوره إلى المحكمة المختصة بعد إبداء مطالعته عليه وتقوم المحكمة بإصدار قرارها بهذا الشأن وفق أحكام القانون، بما في ذلك إلغاء البديل والحكم بعقوبة سالبة للحرية .

*المراقبة المجتمعية 

يفسر الزيادات بأن المراقبة المجتمعية تتمثل بإلزام المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمة بهدف تقويم سلوكه وتحسينه، منوهاً أن النص المقترح يتطلب صدور نظام يحدد تفاصيل بدائل العقوبات السالبة للحرية وآليات تنفيذها،  فقد تم تشكيل لجنة في وزارة العدل للعمل على وضع مسودة للنظام الذي سيحدد آليات تنفيذ بدائل العقوبات السالبة للحرية، وسيتم وضع قائمة بهذه البرامج والمؤسسات الشريكة التي توفرها وآليات التنفيذ والمتابعة والاشراف.

ويتطرق الوزير لبعض الأمثلة على أماكن المراقبة المجتمعية من خلال وزارة الأوقاف التي توفر البرامج التأهيلية الدينية (الوعظ والارشاد) للأشخاص الذين بحاجة لذلك، وكذلك الأمر وزارة الصحة التي توفر برامج التأهيل النفسي (الصحة النفسية) ومديرية الأمن العام التي تعقد دورات لمخالفي قانون السير من خلال معهد المرور، مع العلم بأن البرنامج يضع وفق ما تراه المحكمة مناسباً لتأهيل المحكوم عليه وإعادة إدماجه في المجتمع وبناءً على تقرير الحالة المجتمعية المعد من ضابط الإرتباط المختص. 

وتفعيل تطبيق الرقابة الإلكترونية وفق ما يؤكده الزيادات، يأتي من خلال النظام الذي تم بناؤه في وزارة العدل وقصر العدل، والذي تم ربطة مع مديرية القيادة والسيطرة في مديرية الأمن العام لمتابعة الشخص المحكوم بالرقابة الإلكترونية ضمن النطاق الجغرافي أو داخل حدود منزله أو المسار المسموح التحرك من خلاله، والذي يتم تحديده من المحكمة المختصة من خلال حكم قاضي الموضوع، بحيث يتم تركيب الإسوارة الإلكترونية في أسفل القدم تحت الملابس حفاظًا على كرامة الشخص المحكوم بالرقابة الإلكترونية،  والذي هو عبارة عن جهاز إلكتروني يتم تصميمه ضمن مواصفات وخصائص معينة لا تعرقل النشاط اليومي، وفي حال تجاوز المحكوم المنطقة يتم رصد التنبيهات وإرسالها لضابط الارتباط والقاضي من مديرية القيادة والسيطرة بضبط إلكتروني لاتخاذ الإجراء القانوني .

وفيما يتعلق بالأسئلة والاستفسارات حول عدم اقتصار العقوبات المجتمعية على الجنح فقط دون شمول الجنايات؟، يعلل وزير العدل أحمد الزيادات في نهاية لقائه مع "جفرا نيوز"، بأن المشرع قد اشترط على أن يتم استخدام البدائل للأشخاص الذين لم يكرروا الجنح والجنايات؛ لأنه إنسان غير معتاد الإجرام والهدف من ذلك التوسع في استخدام البدائل وتحقيق الغايات التي أرادها المشرع من العقوبات المجتمعية، مشيراً إلى أن الكثير من الحالات تكون العقوبة المجتمعية رادعة أكثر من الحبس، بالإضافة إلى أن الجناية لا تشملها العقوبة المجتمعية إلا إذا استخدم القاضي الحد الأدنى من العقوبة، ومثال على ذلك: (شخص سرق لأول مرة سلعة بسيطة من السوق نتيجة زلة وعدم وعي، هنا تكون العقوبة المجتمعية بمثابة فرصة له).