بني مصطفى تضع الرتوش الأخيرة على التعديلات الدستورية و قوانين الاحزاب والانتخابات

جفرا نيوز - رفضت وزيرة الشؤون القانونية وفاء بني مصطفى، عن كشف اللمسات الأخيرة،على مخرجات وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي يراد لها أن تكون جسراً مدروساً بعناية أقيم مؤخراً ويحتفظ بوظيفتين أساسيـتين هما احتواء حالة تجاذب داخلية، ثم تقديم نموذج للأمريكيين وغيرهم، تحـت عنوان الأردن المتحول ديمقراطياً وبهـدف قطـف عدة ثمار.

يفهم من ذلك كله بأن تحديث المنظومة السياسية أكثر من وثيقة، بل خطوة مزدوجة الأهداف العميقة وتتحول إلى استراتيجية عمل سياسية وقائية لم تقف التحضيرات من أجلها عند حدود الاستعانة بالوزيرة بني مصطفى كخبيرة قانونية وبرلمانية بعد التعديل الوزاري الأخير، بل تجاوزت في اتجاه الإعلان أمس الأول عن تأسيس مكتب أو شعبة صغيرة في الديوان الملكي لمتابعة مخرجات اللجنة. وهي خطوة تعني أيضاً بـيروقراطياً الكـثير، لأنها توحي بصنف ونوع مخـتلف هـذه المرة من الإرادة السـياسية.

الوزيرة بني مصطفى في ثالث اشتباك أو مداخلة إعلامية لها، كانت للتو قد خرجت من مطبخ لجنة تحديث المنظومة الملكية. وهدف رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة من ضمها لفريقه الوزاري هو الاستعانة بخبرتها في اللجنة لتمرير المخرجات عبر السلطة التنفيذية إلى السلطة التشريعية.

قد يكون ضم بني مصطفى أصلاً للحكومة واحدة من أكثر الخطوات حكمة، لا بل قد تمثل الإشارة السياسية اليتيمة في التعديل الوزاري الأخير حيث ستعمل مع زميلها المخضرم وزير التنمية السياسية وشؤون اـلبرلمان موسـى المـعايطة حصـرياً في المفصل المتعلق بعبور وثيقة التحديث للمنظومة.

ليس سراً هنا أن خبرات بني مصطفى في برلمان سابق عندما كانت مقررة للتعديلات الدستورية قبل نحو عشر سنوات قد تكون مطلوبة قبل غيرها.

وليس سراً أن المحامية والحقوقية والبرلمانية المعروفة والوزيرة الآن كانت قد شاركت عبر اللجنة الملكية في مواجهة محاولات التخويف من فتح الدستور ولديها وجهة نظر متقدمة في ملف المساواة خلافاً لأنها واجهت في أثناء عمل اللجنة الملكية في بعض المحطات ضغوط صنف من الإرهاب الفكري الذي مورس على أعضاء اللجنة قبل إنضاج المخرجات.

بني مصطفى بهذه المواصفات عادت للحديث عن لمسات أخيرة، فيما تستعد حكومتها لتقديم وجبة كاملة من تشريعات المنظومة السياسية بعد أقل من أسبوعين لمجلس النواب في دورة برلمانية جديدة ستنعقد، غامضة الترتيب والتنسيق حتى اللحظة، وترهقها مسبقاً استقطابات انتخابات رئاسة مجلس النواب ومواقع الصف الأول واللجان بعد سنة واحدة من عمر برلمان وسم شعبياً بأنه نتج عن انتخابات خضعت للهندسة.

في كل حال، الخشية موجودة من أن تنعكس تناقضات النواب وحساباتهم الضيقة على النقاش والتصويت في بنود مخرجات تحديث المنظومة، مع أن القطب البرلماني صالح العرموطي يرى مبكراً بأن مجلس نواب سيد نفسه، ويفترض أن يعالج بعض الهفوات والاقتراحات غير الدستورية التي وردت باسم لجنة التحديث، ومع أن نائباً مثل الدكتور عبد الرحيم المعايعة، يدعو لوقفة تشريعية جدية بعيداً عن الحسابات الضيقة عند مناقشة قوانين في غاية الأهمية مثل الانتخاب والأحزاب.

في المقابل، قد لا تكون مهمة الثنائي المعايطة وبني مصطفى، سهلة وبسيطة مع النواب كما يتوقع البعض عندما يتعلق الأمر بمخرجات لجنة تحديث المنظومة، فدورة البرلمان المنعقدة بعد أسبوعين تشهد مستويات متقدمة ومبكرة من الانفلات والرمال المتحركة تحت أرجل النواب وفي المستوى الإقليمي أيضاً. وحديث الوزيرة بني مصطفى عن لمسات أخيرة قبل تمرير المنظومة السياسية الجديدة لمجلس النواب قد يسبق محاولة لإعادة تشكيل مجلس الأعيان على مقياس التحديث الجديد.

وقد يتضمن تمرير تعديلات أخفقت اللجنة الملكية في اعتمادها عبر برنامج التشريع الحكومي، ومن بينها -حسب المعلومات- تعديلات على بعض النصوص الدستورية لها هدف تكتيكي عميق وتنطوي على رسالة للمجتمع الدولي، وقد يكون من بينها إعادة صلاحيات تعيين بعض مديري الأجهزة الأمنية وليس كلهم، من النطاق الملكي إلى نطاق الولاية العامة الحكومية كما كانت في الماضي.

مجدداً، الحديث عن وظيفتين أساسيتين للسمفونية التي تعزفها اليوم الدولة وليس الحكومة فقط، باسم تحديث المنظومة السياسية. واحتواء التجاذب الداخلي وتحقيق قفزة ما نحو تعبيرات إصلاحية سياسية هدف أساسي ومهم في المرحلة اللاحقة، وعلى أساس أنه وصفة مضادة لالتهاب المشاعر العامة في ظل الضغط الاقتصادي والمعيشي والضائقة الاقتصادية.

لكن ما تسر به أوساط عليمة جداً بخصوص الوظيفة الثانية قد يكون الأهم، فالضغط كبير على المؤسسات الأردنية في الخارج، والأردن ولأول مرة تحت الأضواء الساطعة جداً للإعلام الأجنبي ومباشرة بعد ملف الفتنة الشهير.

فوق ذلك، إدامة الاستثمار في المكانة التي استقبل فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأردن داعماً ومحتضناً، يتطلب التسريع الجدي هذه المرة بمسارين: الأول، إظهار الشفافية المالية أكثر ومكافحة ما تيسر من الفساد، والآخر تنميط خطة في اتجاه تحديث المنظومة السياسية صالحة لتقديم نموذج يرضي الإدارة الأمريكية الجديدة ورموزها، قبل مضي السنوات الثلاث المقبلة؛ تجنباً للوقوع في مزيد من تحرك الرمال.