قمة غلاسكو.. ماذا يعني التغير المناخي بالنسبة للأردن؟
جفرا نيوز - بدأت الأسبوع الحالي في مدينة غلاسكو الاسكتلندية فعاليات القمة العالمية للتغير المناخي أو ما يسمى (COP26) وبمشاركة ٢٠٠ دولة، وهي القمة الأكثر أهمية بعد اتفاقية باريس للمناخ (COP21) في العام ٢٠١٥.
تأتي هذه القمة لمتابعة ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر باريس والذي لم يتم تحقيق أهدافه بشكل جيد، لا من حيث الالتزام بإبقاء الزيادة في ارتفاع درجة حرارة الارض بسبب الغازات المنبعثة والمسببة للاحتباس الحراري تحت درجتين، ولا من حيث الالتزامات المالية المطلوبة للدول النامية من خلال الصندوق الأخضر الذي أقر في اتفاقية باريس والذي وعد من خلاله تمويل الدول النامية بمئة مليار دولار.
تأتي أهمية قمة غلاسكو في إمكانية الاتفاق على مدى التزام الدول الصناعية في تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة في العشر سنوات القادمة وبهدف طموح يتلخص بصفر انبعاث للغازات بحلول منتصف القرن، وألا تزيد درجة حرارة الأرض بسبب الاحتباس الحراري عن ١،٥ درجة مئوية. أما الهدف الثاني فيتمثل بالتزام وتعهد الدول الغنية في مساعدة الدول النامية على توفير ما لا يقل عن ١٠٠ مليار دولار للصندوق الأخضر لصالح المشاريع التي تقلل من الاحتباس الحراري وتقديم التكنولوجيا المتقدمة للدول الفقيرة للتكيف مع التغير المناخي بمشاركة كافة الشركاء.
باستثناء المنطقة العربية وبعض دول أفريقيا الوسطى، فان تأثير التغير المناخي لما تبقى من دول العالم يعني فيضانات، ذوبان الثلوج وارتفاع درجة حرارة المحيطات وتأثيراتها على البيئة وحياة السكان والصحة والثروة السمكية والزراعة، وهي عوامل مهمة للدول الصناعية تهتم بها كثيرا حماية لمصالحها البيئية والاقتصادية.
أما بالنسبة لدولة مثل الأردن وهي من أفقر دول العالم من حيث نصيب الفرد من المياه المتجددة، فان التغير المناخي بالنسبة للأردن يعني ببساطة المزيد من نقص المياه والمعاناة من قلة التزويد المائي وواحداً من اهم التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه قطاع المياه. وقد أشرنا بمقالات سابقة الى الدراسات التي اثبتت ان معدل الهطول المطري في الأردن بسبب التغير المناخي سينخفض بحدود ٢٠-٢٥٪ مع نهاية القرن الحالي، وهذا التغير والتذبذب في أنماط الهطول المطري الزماني والمكاني سيكون لهما تأثير كبير على توافر المياه واستمرارية الزراعة المروية والبعلية وما يرتبط بهما من أمن غذائي، ذلك أن ارتفاع معدلات درجات الحرارة وزيادة شدة موجات الحر، وشدة الجفاف بسبب التغير المناخي سيؤدي حتماً إلى زيادة التبخر، ما سيؤدي إلى زيادة في الطلب على المياه في قطاع الزراعة بحوالي ١٨٪ وهذه الكميات الإضافية لن يتم تعويضها بأي شكل من الأشكال. كما أن النزاعات المسلحة التي تحيط بالأردن تؤدي إلى التدهور البيئي، وبالتالي المزيد من التغير المناخي الذي يؤثر علينا بشكل مباشر.
أضف إلى تلك العوامل الخارجية الممارسات غير السليمة التي نقوم بها على المستوى الوطني من ضخ جائر للمياه الجوفية والتوسع بالزراعات المروية على حساب المياه الجوفية وقطع الأشجار وسوء إدارة المخزون المائي للسدود والتوسع في استغلال الطاقة التقليدية على حساب الطاقة المتجددة وضعف برامج زيادة المنعة والتكيف المناخي، وعدم القدرة على الاستفادة من برامج تمويل الصندوق الأخضر في القطاعات الصناعية والبيئية والزراعية والمياه.
الأردن على مفترق طرق في هذا المجال، ويحتاج إلى استراتيجية حقيقية لمواجهة التغير المناخي قابلة للتطبيق وعابرة للقطاعات، ينبثق عنها سياسات قطاعية وبرامج وخطط عمل لزيادة المنعة والتكييف مع تغيرات المناخ، وهذا يحتاج إلى مركز وطني للتغير المناخي يعمل على التنسيق بين القطاعات المختلفة والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص للخروج بمشاريع متكاملة على مستوى الوطن ضمن برامج الاستراتيجية الوطنية لمواجهة التغير المناخي، وتوجيهها ضمن أهداف الصندوق الأخضر للتغير المناخي للحصول على التمويل المطلوب لتنفيذ المشاريع المنبثقة عن برامج وخطط الاستراتيجية، ومن الأفضل أن يكون هذا المركز برعاية وزارة التخطيط لأسباب التنسيق والتمويل.