سودانيون معارضون للانقلاب في الشوارع والعالم يراقب العسكريين

جفرا نيوز - يحشد أنصار الحكم المدني في السودان قواهم في الشارع السبت، لإثبات قدرتهم على تحدّي انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وإعادة البلاد إلى عمليّة التحوّل الديمقراطي رغم القمع الدامي للاحتجاجات على مدى الأيّام الخمسة الأخيرة.

ويراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون "مليونيّة".

وتعالت الأصوات عشيّة الاحتجاجات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.

وقالت الناشطة من أجل الديمقراطيّة نهاني عباس لوكالة فرانس برس "العسكريّون لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا". 

وأكّدت أنّ التظاهرة "المليونيّة" التي دُعي إليها السودانيّون السبت، على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى جدران الخرطوم - حيث قطعت السلطات الإنترنت - ليست إلا "خطوة أولى".

ففي بلد يحكمه عسكريّون بشكل شبه مستمرّ منذ استقلاله قبل 65 عاما، قرّر الشارع أن يقول "لا" السبت للفريق أوّل عبد الفتّاح البرهان الذي حلّ الاثنين كلّ مؤسّسات الحكم في البلاد واعتقل غالبيّة المسؤولين المدنيّين، ليستأثر العسكريّون بالسلطة.

والشعار الأساسي لهذه التظاهرات هي "الردة مستحيلة" بعد عامين على الانتفاضة التي استمرت شهورا وانتهت بإسقاط عمر البشير في نيسان/أبريل 2019 وتشكيل سلطة انتقالية من المدنيين والعسكريين منوطة بها إدارة شؤون البلاد إلى حين تسليم الحكم إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا عام 2023.

"سلميتنا سلاحنا الوحيد"

فور إطاحة البرهان المدنيّين قبل 5 أيّام، دخل السودانيّون في "عصيان مدني" وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد. 

وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط ثمانية قتلى بين المتظاهرين، حسب أطباء.

لكنّ الناشطين مصرّون رغم كل شيء على أن تكون "المواكب" سلميّة، لأنّ "سلميّتنا هي سلاحنا الوحيد وقد نجح من قبل"، بحسب عباس.

فالمتظاهرون الذين يعِدون أيضًا بمسيرات في الشتات، يرون في ما يحدث تكرارا لـ "ثورة" 2019 التي استمرّت خمسة أشهر وسقط خلالها 250 قتيلاً.

العالم يتابع

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السبت، إن قوات الأمن السودانية يجب أن تحترم حقوق الإنسان وإن أي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول.

وأضاف على حسابه على تويتر أن الولايات المتحدة تقف بجانب الشعب السوداني في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية.

وحذرت منظمة العفو الدولية "القادة العسكريين من الحسابات الحاطئة"، مؤكّدةً أنّ "العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء".

وحضّت الولايات المتحدة الجمعة الجيش السوداني على عدم قمع تظاهرات السبت.

وقال مسؤول أميركي كبير لصحفيّين "نحن قلقون فعلاً حيال ما سيحصل السبت"، مضيفا "سيكون الأمر اختبارا فعليا لنوايا العسكريين".

كما حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش السوداني على "ضبط النفس" خلال تظاهرات السبت.

وقال خلال مؤتمر صحفي عشية افتتاح قمة مجموعة العشرين في روما "أدعو العسكريين الى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا. يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلميا".

والخميس طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بإجماع أعضائه، العسكريين في السودان بـ"عودة حكومة انتقاليّة يديرها مدنيّون"، مبديا "قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة".

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن "رسالتنا معا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون". 

وأكّد أن "الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي للمضيّ قدما نحو أهداف الثورة السودانية".

ولا يزال العدد الأكبر من القادة المدنيّين معتقلين منذ خمسة أيّام أو قيد الإقامة الجبريّة.

وكانوا قد أوقِفوا فجر الاثنين بأيدي قوّات عسكريّة اقتحمت كذلك مقرّ التلفزيون الرسمي الذي أعلن من خلاله الفريق أول البرهان بعد ساعات حلّ كلّ المؤسّسات السياسيّة للمرحلة الانتقاليّة في البلد الذي يعدّ واحداً من الأفقر في العالم.

وأعلنت مؤسّسات حكوميّة ونقابيّة عدّة الانضمام إلى "العصيان المدني" الذي حوّل الخرطوم مدينة أشباح منذ خمسة أيام.

وتتوالى الدعوات إلى التظاهر، من نقابات وأحزاب، وحتى من بعض الوزارات ومسؤولي الولايات.

ويريد الناشطون أن تكون الشوارع السبت مليئة بالمتظاهرين أكثر من أيّ وقت مضى، وهو تحدٍّ في ظلّ اعتقال كثير من وجوه المجتمع المدني.

لكن، حسب الحبراء، فإن الناشطين أكثر تنظيما الآن بفضل تجربة 2019.

وهم يحظون بدعم المجتمع الدولي الذي فرض عقوبات على الجنرالات.

فالولايات المتحدة والبنك الدولي جمّدا مساعداتهما للسودان الذي يعاني الفقر والغلاء المتزايد. 

كما قرّر الاتّحاد الإفريقي تعليق عضويّة الخرطوم، وطالب مجلس الأمن بالدفع باتّجاه العودة إلى مؤسّسات الحكم الانتقالي التي كان يُشارك فيها المدنيّون.