التعافي الاقتصادي في الأردن يتطلب الإسراع بتنفيذ الأولويات والمشروعات التنموية

جفرا نيوز -  أكد اقتصاديون أهمية الإسراع بتنفيذ الأولويات والبرامج والمشروعات التنموية التي أطلقتها الحكومة ضمن برنامج عمل أولوياتها، لتنعكس مباشرة على مستوى معيشة المواطنين، وتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن.

وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن المسؤوليات التي تقع على عاتق الحكومة كبيرة ومتنوعة، وتتطلب عملاً وجهداً مضاعفا، مؤكدين ضرورة تنفيذها على أرض الواقع للوصول لمرحلة التعافي الاقتصادي، مع ضرورة تعزيز المساءلة والشفافية والانفتاح والتواصل مع المواطنين والقطاع الخاص.

وطالبوا بتفعيل الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص لتجاوز الصعوبات والتحديات التي تقف أمام نموه وازدهاره، واستعادة زخم الاستثمارات العربية والاجنبية، وإجراء مراجعة شاملة للإصلاحات القطاعية والهيكلية لمختلف القطاعات الاقتصادية.

 وأشاروا الى ان البلاد بحاجة اليوم لإطلاق العنان لقدرات القطاع الخاص، وتركيز الجهود على القطاعات القادرة على النهضة الاقتصادية المرجوة، وتعزيز آليات الرقابة والتنفيذ والمتابعة، بشكل يضمن الوصول للإصلاح الاقتصادي المنشود. 

ويهدف برنامج أولويّات عمل الحكومة الاقتصادي (2021 -2023)، الذي أطلق الشهر الماضي وخصص له 480 مليون دينار، إلى وضع الاقتصاد الوطني على مسار التعافي بعد التباطؤ الذي حدث جراء جائحة كورونا وانعكاساتها.

ويرتكز البرنامج على محاور رئيسية تشمل تحسين بيئة الأعمال والاستثمار وتعزيز المنافسة والتشغيل ودعم القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، وهي: السياحة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة.

وقال رئيس غرفة صناعة الاردن المهندس فتحي الجغبير إن رئيس الوزراء بشر الخصاونة اكد خلال مقابلته مع التلفزيون الاردني أن الأردن قادر على الوقوف بوجه الأزمات المتعددة بالرغم من الموارد القليلة التي يمتلكها مقارنة مع الدول المحيطة، مبينا ان استقطاب الاستثمار الأجنبي ضروري للتشغيل وزيادة حجم الاقتصاد، وتنمية القدرات التصديرية للخدمات والسلع، من خلال دعم الصناعات.

واشار الى ان الحكومة وضعت العديد من الاولويات التي تستهدف تحسين بيئة الأعمال، ودعم القطاعات ذات الأولوية ما يتطلب تعزيز مبدأ المتابعة والتقييم، وبشكل يضمن الاعلان عن مؤشرات أداء ورصد معلنة للجميع وتؤسس لمبدأ الثواب والعقاب.

واوضح المهندس الجغبير أن الاستراتيجيات السابقة، كان ينقصها المتابعة والتقييم ورصد الأداء بشكل واضح ما أضعف تحقيق أهدافها، لافتا الى ان نجاح برنامج عمل الحكومة الاقتصادي يحتاج لترجمته على أرض الواقع بشكل عاجل ومتواز مع اطلاق قدرات القطاعات الانتاجية ولاسيما القطاع الصناعي، والذي يشكل رافعة للاقتصاد الوطني ومحرك التشغيل الرئيس.

ولفت الى ما أثبتته الصناعة الاردنية من قدرات انتاجية ضخمة خلال جائحة كورونا يمكن البناء عليها، وتعويض ما ينقصنا من موارد، وتؤسس نحو الانطلاق لتأسيس دولة الانتاج والاعتماد على الذات، رغم محدودية الموارد الطبيعية والأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تحيط بالاقتصاد الوطني.

وطالب الجغبير بان يكون على سلم أولويات المرحلة المقبلة، القدرة للتحول الفعلي نحو دولة الانتاج وبشراكة حقيقية وفاعلة بين القطاعين العام والخاص، وتطبيق خطة الاولويات جنباً الى جنب، لا سيما وأن لإطلاق قدرات القطاع الانتاجي تبعات ايجابية على الاقتصاد الوطني، مشيرا الى ضرورة ان تعمل الحكومة على اعادة النظر بقضية التعاطي مع ملف دعم وترويج الصادرات لضمان استغلال الفرص المتاحة للصادرات وبشكل ينعكس على تنوعها الجغرافي والسلعي وتعزيز تواجد المنتجات الأردنية بالأسواق العالمية.

 ودعا لبلورة مشروعات الشراكة بأسرع وقت ممكن، لتكون نواة نجاح المشروعات المشتركة بين القطاعين وتؤسس لمشروعات مقبلة تضمن تحقيق التنمية المستدامة، وتضع القطاع الخاص في محور وجوهر تنفيذ مشروعات البنى التحتية وتطوير الخدمات الحكومية.

واكد المهندس الجغبير ان البلاد بحاجة اليوم لإطلاق العنان لقدرات القطاع الخاص، وتحديد الاولويات بالشكل المطلوب، وتركيز الجهود نحو القطاعات القادرة على النهضة الاقتصادية المرجوة، وتعزيز آليات الرقابة والتنفيذ والمتابعة، بشكل يضمن الوصول الى الإصلاح الاقتصادي المنشود.

بدوره، دعا نائب رئيس الوزراء الأسبق للشؤون الاقتصادية الدكتور جواد العناني، إلى البحث بالأسباب التي تعيق الاستثمار، وحلحلة كل العراقيل أمام جذب الاستثمارات، مؤكدا أن تمكين القطاع الخاص يتطلب تحويله لشريك كامل للقطاع العام، بالمشروعات وصناعة القرار، وجذبه لزيادة استثماراته الداخلية.

وأكد ان العلاقات الأردنية العربية، تعزز تنفيذ مشروعات كبيرة مثل سكك الحديد والربط الكهربائي وغيرها، بما يفتح مجالات عمل كبرى بالمملكة.

وبين أن زيادة الفرص الاستثمارية بالقطاع الخاص، سيخفض نسب البطالة، ولاسيما بين الخريجين الجدد، مع تنظيم سوق العمل من حيث العرض والطلب، لافتاً إلى ضرورة إعادة النظر بتوجيه التعليم الجامعي نحو حاجات ومتطلبات السوق وبما يتواءم مع المستقبل وأولويات الدولة الاقتصادية.

وأشار الدكتور العناني إلى أن التوجه نحو تكنولوجيا المعلومات مع رفع مستويات الوظائف في القطاعات التي تشغلها عمالة غير أردنية، من خلال تغيير أنماط هذه الوظائف بتحديثها تقنياً، يشجع الأردنيين للعمل فيها.

من جانبه، أكد وزير المالية السابق الدكتور عز الدين كناكرية، ضرورة مواصلة اعتماد الإجراءات الهادفة إلى تخفيض التكاليف على القطاعات الاقتصادية، بما فيها قطاع الصناعة والصادرات، من خلال تخصيص الحكومة لأراض تملكها وتأجيرها للمستثمرين بأسعار رمزية لإقامة مشروعات من شأنها أن تخفض من فاتورة الاستيراد أو تزيد من الصادرات الوطنية وباشتراط اعتماد آلية لتشغيل الأردنيين.

وأضاف أن الخطة الحكومية للأولويات الوطنية، هي المرحلة الأولى بتنفيذ هذه الأولويات، ولابد من إضافة برامج ومشروعات عديدة أخرى لهذه الخطة، لتنعكس على تحسين المؤشرات الاقتصادية جوهرياً. 

ودعا إلى تعديل قانون المالكين والمستأجرين بما يعزز إنشاء مشروعات جديدة وتوسيع القائم منها تلبية لرغبة العديد من القطاعات الاقتصادية، مع البحث في الآليات الفاعلة والتعاون بين الجهات ذات العلاقة لتخفيض تكاليف التمويل لتمكين المشروعات من الحصول على التمويل بأسعار مناسبة. 

وقال كناكرية إن بقاء معدلات البطالة المرتفعة، سيزيد المشكلات المتعددة الاقتصادية والاجتماعية، داعياً إلى تكليف فريق متخصص متفرغ للعمل المستمر مع الجهات المعنية بما فيها وزارة العمل والوزارات والدوائر الأخرى ذات العلاقة، بما يضمن التنسيق بين هذه الجهات، ودراسة الإجراءات الإضافية، ومنها تقييم دوري للإجراءات الحكومية المعمول بها، وتسهيلها. 

وأضاف أن "زيادة التشغيل، يجب أن تكون أولى أولويات الحكومة لتخفيض معدلات البطالة، في خطتها للأولويات الوطنية"، مؤكدا أن الجهود الملكية مع مختلف الدول، أثمرت بإزالة العقبات التي كانت تعترض إقامة المشروعات والتبادل التجاري المطلوب مع بعض الدول المجاورة مثل سوريا، وتزويد الطاقة الكهربائية لبعض الدول ومنها لبنان، وتعزيز التعاون مع العراق والدول الأخرى.

واوضح ان هذه الخطوات الملكية السامية يجب ان يتبعها خطوات وبرامج تنفيذية زمنية سواء من القطاع العام او الخاص لاستثمارها بالنحو الأمثل، لتعزيز النمو الاقتصادي بالمملكة.

 وأشار إلى أن الاعتماد على المخصصات الرأسمالية التي ترصد سنوياً بالموازنة العامة لإقامة المشروعات الرأسمالية، غير كاف لتحسين الوضع الاقتصادي وتخفيض معدل البطالة، مؤكداً أهمية إطلاق فرص ومشروعات استثمارية عديدة ومتنوعة في قطاعات مختلفة، على أسس الشراكة مع القطاع الخاص، دون الحاجة لتمويلها بالكامل من الموازنة.

ولفت كناكرية الى ضرورة اعتماد آلية تساعد المستثمرين وتمكنهم من إنشاء مشروعات استثمارية، من خلال عرض الفرص المتاحة للقطاع الخاص، مبينا ان هناك مواطنين لديهم التمويل ويحتاجون للمساعدة بإرشادهم لنوعية المشروعات والفرص الاستثمارية المتاحة.

وشدد على أهمية مراجعة المشروعات الرأسمالية التي يرصد لها مخصصات سنوية في الموازنة لتحديد ما يمكن تمويله من خلال التعاون مع القطاع الخاص بدلا من الموازنة نفسها، لتشجيعه على إنشاء مشروعات اقتصادية، والحد من نمو الاقتراض الحكومي. 

ودعا إلى التركيز على ضبط النفقات الجارية الحكومية وتخفيضها، حتى يقتصر الاقتراض الحكومي على تمويل النفقات الرأسمالية وليس الجارية، لما له من آثار سلبية تتمثل بزيادة الحاجة لمخصصات إضافية لتسديد فوائد القروض، التي تحد من قدرة الحكومة على تحديد مخصصات كافية ذات أولوية.

بدوره، أكد وزير المالية الأسبق الدكتور محمد أبو حمور، أن مجموعة من الملفات الاقتصادية التي تناولها رئيس الوزراء في مقابلته، تشكل جانباً مهماً من الهم الاقتصادي والظروف غير السهلة التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية والمواطنون بشكل عام.

 وأضاف "اليوم نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الالتفات للتحديات التي تواجه المواطنين ولاسيما ارتفاع نسب البطالة والفقر، كما أن النهوض بالقطاعات الاقتصادية المختلفة والسير قدماً نحو التعافي يتطلب التنسيق الفاعل مع القطاع الخاص وتمكينه من تجاوز العقبات والتحديات التي تقف أمام نموه وازدهاره". 

ولفت الدكتور أبو حمور إلى أن المسؤوليات التي تقع على عاتق الحكومة جسيمة ومتنوعة، والقيام بها يتطلب عملاً وجهداً كبيراً، مؤكدا ضرورة المباشرة به على أرض الواقع مع تعزيز المساءلة والشفافية والانفتاح على التواصل مع المواطنين ورجال الأعمال لأن الحكومة كما أقر رئيس الوزراء لن تستطيع لوحدها مجابهة المصاعب والتحديات.

وبين أن هناك الكثير من الإجراءات والقرارات التي يمكن للحكومة أن تتخذها دون أن تتحمل كلفا مالية، قاصدا بذلك ما يتعلق بالإصلاح الاداري وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن وبما يؤدي لتحسين مستوى حياته ويشجعه على المساهمة الفاعلة بإعلاء شأن الوطن ومقدراته.

ونوه إلى متابعة تنفيذ ما بدأه جلالة الملك من فتح الباب أمام التعاون مع دول الجوار حيث لا بد أن يحظى بالأولوية والمتابعة الحثيثة، مشيرا إلى أن النجاح بتحقيق البرامج الحكومية يتطلب مؤشرات لقياس الاداء لكل وزارة ومؤسسة وإدارة حكومية وربط تلك البرامج بالتنفيذ على أرض الواقع وبما يلمسه المواطن بصورة واضحة وضمن إطار حكومة ومساءلة ومتابعة محددة ودقيقه وبالتزامن مع سرعة الانجاز.

من جهته، دعا وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق الدكتور تيسير الصمادي، إلى مراجعة شاملة للإصلاحات القطاعية والهيكلية السابقة بمختلف القطاعات الاقتصادية، بنحو مترابط ومتكامل لتعظيم الاستفادة من الإصلاحات، وتجاوز نقاط الضعف والقصور التي شابت بعضها في وقت سابق، بما يعود بالنفع على الأداء الاقتصادي والأسعار وارتباطها بالتكاليف والأرباح المعقولة التي يمكن القبول بها.

وأكد أهمية مراجعة الحكومة لأولوياتها الاقتصادية، لدورها بإعادة توزيع الدخل بين مختلف فئات المجتمع، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج لوقت حتى يتم تقييم تنفيذ هذه الأولويات. 

وقال الدكتور الصمادي إن "العبرة ليست في صياغة الأولويات والبرامج والمشروعات، وإنما في تنفيذها، وأن تكون عملية وموضوعية وذات أثر مباشر على معيشة المواطنين، والنمو الاقتصادي المتوازن بين مختلف القطاعات والفئات المجتمعية".

 الى ذلك، قال المدير العام لجمعية البنوك سابقا الدكتور عدلي قندح، إن رئيس الوزراء طرح عددا من المشروعات التنموية والاقتصادية والاستثمارية المشتركة ما بين الأردن والعراق ومصر ولبنان وسوريا، وإعادة تأكيده برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي، واطلاق مشروعات كبيرة بالشراكة مع القطاع الخاص كـمشروع تحلية ونقل المياه "الناقل الوطني"، جميعها مشروعات ايجابية وتحتاج لتفعيل الشراكة الفعلية مع القطاع الخاص لننتقل من مرحلة الإطلاق الى مرحلة العمل على أرض الواقع. 

وعبر عن أمله بأن يتم توفير تمويل لهذه المشروعات من خلال ادوات التمويل الأخضر بإصدار سندات خضراء، لافتا إلى ان مشروع الناقل الوطني سيوفر كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب، ويقلل من النقص الحالي في المياه.

وعبر عن أمله بان يتصاحب هذا المشروع مع معالجات لمسألة فاقد المياه المرتفع الذي يصل الى نسبة 47 بالمئة، وتعاني منه المملكة منذ عقود طوال ويدفع ثمنه المواطن وخزينة الدولة.

 وأشار الدكتور قندح إلى أن الأوضاع الاقتصادية لا تحتمل التأخير ولاسيما بظل عدم وجود حيز مالي لدى خزينة الحكومة تمكنها من تنفيذ هذه المشروعات وفي ظل حاجة الدولة لمثل هذه المشروعات التنموية التي تحرك الاقتصاد وتوفر فرص العمل.

وبين أن المشروعات المطروحة في برنامج الحكومة جيدة، ولكن الاقتصاد الأردني بحاجة ماسة لإطلاق خطة اقتصادية استراتيجية شاملة للنهوض بالاقتصاد الوطني تتضمن عددا أكبر من المشروعات التنموية في مختلف القطاعات والمحافظات وفقا للميزة التنافسية لكل محافظة بعضها ينفذها القطاع الخاص وأخرى وفقاً لمعادلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 وأوضح أن هذه الخطة هي المخرج الحقيقي لتنشيط الاقتصاد واستعادة معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة والبناء على ما تحقق في الربع الثاني من هذا العام، الذي تحققت فيه معدلات نمو ايجابية مرتفعة نسبيًا، ما يعطي انطباعًا حقيقيًا بان الاقتصاد الاردني بدأ بالخروج من تداعيات الازمة التي سببتها جائحة كورونا، مضيفا ان معدلات البطالة انخفضت ولو بشكل بسيط وهذا مؤشر أولي على بدء تعافي الاقتصاد والأسواق. 

وأكد الدكتور قندح أهمية استعادة زخم الاستثمارات العربية والاجنبية، مبينا أن هناك حاجة ماسة لتواصل الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها المختلفة تعاونها مع القطاع الخاص بمختلف مكوناته، وخصوصا رجال الاعمال والمستثمرين للبدء بطرح وارساء العطاءات وتنفيذ المشروعات.

 ولفت إلى وجود وزارة استثمار حاليًا حيث لا بد من العمل على تسريع استكمال اجراءات انشائها على ارض الواقع لتمكينها من القيام بالواجبات المترتبة عليها لتحفيز الاستثمارات المحلية واستقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية. 

اما فيما يتعلق بمشروعات الطاقة، أشار الدكتور قندح إلى ضرورة الاستفادة من المشروعات البيئية مثل الطاقة المتجددة التي ستعمل على زيادة الاعتماد على الذات، آملا أن تنعكس بالإيجاب على فاتورة المملكة للطاقة، وتلك التي يدفعها المواطن