لماذا منعت المنظومة النواب والاعيان من تلقي الهدايا النقدية والعينية؟
جفرا نيوز- بقلم د. ليث نصراوين
ضمن اهتمام لجنة التعديلات الدستورية بمراجعة آليات العمل النيابي التي عِمادها النزاهة والشفافية، قدمت مجموعة من المقترحات التي تهدف إلى تفادي تضارب المصالح المالية والشخصية لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب مع المصلحة العامة.
فعضو مجلس الأمة في الدستور الأردني يعمل بدوام جزئي، وله الحق في أن يباشر كافة أنواع المهن التجارية والمالية أثناء فترة عضويته في السلطة التشريعية. وهذا ما كان دائما يثير الشكوك حول إمكانية استغلال المنصب النيابي لخدمة المنافع المالية للأعيان والنواب.
وفي هذا الإطار، اعتبرت لجنة التعديلات الدستورية حكم المادة (75/2) من الدستور ذات الصلة بالقيود التجارية التي تفرض على أعمال النواب والأعيان غير كافية. فهي وإن منعت عضو مجلس الأمة أثناء مدة عضويته من التعاقد مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية العامة أو الشركات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة أو أي مؤسسة رسمية عامة سواء كان هذا التعاقد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلا أنها قد استثنت من هذا الحظر إبرام عقود استئجار اﻷراضي واﻷملاك، ومن كان مساهما في شركة تجارية أعضائها أكثر من عشرة أشخاص.
ونظرا لأهمية حماية المال العام وعدم إتاحة المجال أمام استغلال العضوية في السلطة التشريعية لتحقيق مكاسب مالية شخصية، فقد أوصت لجنة التعديلات الدستورية بتشديد القيود على أي معاملات أو عقود مالية أو تجارية قد تبرم بين النائب والعين من جهة وأي من المؤسسات والشركات الحكومية من جهة أخرى، فاقترحت أن يكون الحظر شاملا على أي علاقة تجارية أو تعاقدية يمكن أن يكون النائب أو العين طرفا فيها مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية العامة. فقدمت في هذا السياق نصا دستوريا مقترحا مفاده أنه يمتنع على كل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء مدة عضويته أن يتعاقد مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية العامة أو المؤسسات العامة، أو الشركات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة، أو أي مؤسسة رسمية عامة أو مؤسسة عامة، سواء كان هذا التعاقد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وألا يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله، أو يقايضها عليه، وألا يبرم معها أي عقد كان.
ولم تكتف اللجنة الملكية بهذا القيد، بل أنها منعت النائب أو العين من أن يتلقى أي هدية نقدية أو عينية بسبب عضويته في مجلس الأمة أو بمناسبتها، وأنه إذا حصل على مثل هذه الهدايا، فإن ملكيتها تؤول إلى الخزانة العامة للدولة على النحو الذي سينظمه القانون.
وضمن التوجه التشريعي ذاته القائم على ضرورة حماية المال العام من أي محاولة للاعتداء عليه بهدف تحقيق مصالح شخصية، فقد أكدت لجنة التعديلات الدستورية على المركز القانوني لكل من النائب والعين بأنه لا يعتبر موظفا عاما لغايات تقاضيه راتبا تقاعديا، وإنما يتلقى مخصصات العضوية التي يحددها القانون. وفي هذا الإطار، وضعت اللجنة الملكية قيدا على حق مجلسي الأعيان والنواب في تعديل هذه المخصصات الشهرية بالزيادة، بحيث إذا قرر أي من المجلسين زيادة مخصصاتهم المالية، فإن هذا القرار لن ينفذ إلا بدء من مجلس الأعيان أو النواب التالي الذي أقر التعديل. وبهذا يضمن المشرع الدستوري أن لا يستغل عضو مجلس الأمة منصبه لغايات زيادة مستحقاته المالية أثناء فترة تواجده في السلطة التشريعية.