منظمة التعاون الإقتصادي: الجائحة أثرت على المواقف المالية للحكومات
جفرا نيوز - في توقعاتها المالية حتى 2060، قالت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أمس "إن وباء كوفيد - 19 كان له تأثير خطير في المواقف المالية للحكومات، ومن المتوقع الآن أن يكون إجمالي الدين الحكومي في الدول الأعضاء في المنظمة أعلى بحدود 20 إلى 25 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي عما كان سيكون عليه في 2022 في غياب الوباء".
مع ذلك، على المدى الطويل، فإن التأثير المالي المباشر للوباء يتضاءل مقارنة بالضغوط المالية الإضافية الناشئة عن اتجاهات القطاعات الاقتصادية والمالية على المدى البعيد، مثل شيخوخة السكان وارتفاع الأسعار النسبية للخدمات.
وتقيم الدراسة الجديدة للمنظمة هذه الضغوط المالية باستخدام توقعات مبسطة تأخذ التركيبة السكانية في الحسبان وزيادة سن التقاعد وتوفير مزيد من فرص العمل. الفكرة ليست الحصول على تنبؤات دقيقة، بل بالأحرى نظرة تقريبية لمواجهة التحدي المالي المقبل.
وبموجب فرضية "العمل كالمعتاد"، التي لا يتم فيها إجراء إصلاحات رئيسة للبرامج الحكومية، فمن المتوقع أن تزيد نفقات الصحة العامة والرعاية طويلة الأجل بمقدار 2.2 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الدولة متوسطة الدخل بين عامي 2021 و2060.
وتستند هذه التوقعات إلى خط أساس الصحة قبل الجائحة والإنفاق على الرعاية طويلة الأجل، وبالتالي فإن أي زيادة دائمة في الإنفاق الصحي استجابة للتجربة مع كوفيد - 19 ستأتي إضافة إلى ذلك "على سبيل المثال لبناء مزيد من السعة الاحتياطية في وحدات العناية المركزة أو رفع مستويات الأجور للعاملين في دور الرعاية العامة".
ومن المتوقع أن يرتفع الإنفاق على المعاشات التقاعدية العامة بمقدار 2.8 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في الدولة متوسطة الدخل بين عامي 2021 و2060، لكن التباين بين الدول أعلى بكثير مما هو عليه في حالة توقعات الإنفاق الصحي.
الدول التي أقرت زيادات في سن التقاعد القانوني "رفع سن التقاعد من 65 إلى 66 و67 وأكثر"، خاصة تلك التي ربطت الزيادات المستقبلية بمتوسط العمر المتوقع - مثل إستونيا وهولندا والبرتغال - تميل إلى زيادات أقل في الإنفاق على المعاشات التقاعدية العامة، في حين إن الدول التي لديها عوامل سكانية غير مواتية - مثل اليابان وكوريا وبولندا - تميل إلى زيادة أعلى في الإنفاق على المعاشات التقاعدية.
ومن المتوقع أن ترتفع النفقات الأولية الأخرى بمقدار نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج المحلي في الدولة متوسطة الدخل بين 2021 و2060. ويستثني هذا الرقم مصادر مهمة أخرى تضغط على الإنفاق، مثل التكيف مع تغير المناخ.
على النقيض من الضغوط المالية للقطاعات الاقتصادية، فإن خدمة الدين الإضافية على زيادة الدين العام بسبب وباء كوفيد - 19 - الناجمة عن زيادة إجمالي الدين الحكومي بين عامي 2019 و2022 - تضيف فقط نحو نصف نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للضغط المالي طويل المدى في الدولة الوسيطة.
وتسهم التحويلات المالية الطارئة خلال فترة انتشار فيروس كوفيد - 19 قليلا في الضغط المالي على المدى الطويل، لأنها مؤقتة. مكونها الدائم هو تدفق مدفوعات الفائدة على المخزون المرتبط بالديون الإضافية، على افتراض أنه يتم تجديده بشكل دائم، وهذا هو الحال هنا بسبب افتراض أن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي قد استقرت عند مستواها في 2022.
وطالما لم يتم ترويض وباء كوفيد - 19 بالكامل، ينبغي أن تستمر السياسة المالية في الحفاظ على النسيج الاقتصادي للدول، ولا سيما من خلال دعم الشركات الصغيرة. وبمجرد ترسيخ التعافي الاقتصادي، ستحتاج الحكومات إلى إنهاء البرامج المؤقتة وإعادة تقييم الاستدامة المالية على المدى الطويل.
وحزم الإصلاح لتحسين سياسة سوق العمل نحو أفضل الممارسات يمكن أن ترفع نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمقدار 12 نقطة مئوية في الذروة وترفع مستواه "أي مستويات المعيشة" بنحو 7 في المائة بحلول 2060 من خلال زيادة التوظيف.
وستحتاج جميع الدول تقريبا إلى إجراء ضبط مالي في ظل هذه الرؤية، الذي يفترض أن السلطات المالية ستسعى إلى تثبيت نسب الدين العام عند المستويات المتوقعة لـ2022 من خلال تعديل الإيرادات الأولية الهيكلية بدءا من 2023 فصاعدا.
وتقول الهيئة الاستشارية لمجموعة العشرين "إن الدولة متوسطة الدخل ستحتاج إلى زيادة الإيرادات الأولية الهيكلية بنحو ثماني نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بين 2021 و2060، في حين إن الجهد سيتجاوز عشر نقاط مئوية في الدول متدنية الدخل".
وتقول المنظمة "إن هذه النتائج لا تعني أن الضرائب سترتفع أو يجب أن ترتفع في المستقبل. مؤشر الضغط المالي هو ببساطة "مقياس يعمل على تحديد وتوضيح التحدي المالي الذي يواجه الحكومة". إن زيادة الضرائب ليست سوى واحدة من عديد من السبل الممكنة لمواجهة هذا التحدي".
وإذا ظلت ظروف التمويل مواتية، كما هو مفترض في الرؤية الأساسية، يمكن للدول ذات معدلات الدين العام المنخفضة نسبيا أن تمول بعض الزيادات المتوقعة في الإنفاق بالديون. مع ذلك، فإن ارتفاع الدين العام قد يأتي بمخاطر.
ولهذه الأسباب، فإن امتصاص الضغط المالي في المستقبل من خلال الاقتراض الإضافي هو استراتيجية يمكن أن تؤجل، لكن ربما لا تتجنب الحاجة إلى إصلاحات السياسة.
وتضع المنظمة سبيلا أخرى تتمثل في إصلاح أنظمة الصحة والمعاشات التقاعدية لزيادة الكفاءة ومنع الإنفاق من الارتفاع بالقدر المتوقع.
يمكن أن تؤدي الإصلاحات الهيكلية التي ترفع معدلات التوظيف إلى أرباح مالية كبيرة.
وحسبما توضحه الدراسة، فإن حزمة إصلاحات طموحة تجمع بين إصلاحات سوق العمل لرفع معدلات التوظيف مع إصلاحات للقضاء على مسارات التقاعد المبكر والحفاظ على زيادة سن التقاعد الفعلي يمكن أن: ترفع مستويات المعيشة 3 في المائة في الدولة المتوسطة الدخل، وبقدر يصل إلى 5 - 6 في المائة في الدول عالية الدخل، وأن تخفض بمقدار النصف الزيادة المتوقعة في الضغط المالي في الدولة متوسطة الدخل حتى 2060.
وبدون تغييرات في السياسات المالية والاقتصادية، قد يؤدي الحفاظ على معايير ومزايا الخدمة العامة الحالية مع الحفاظ على استقرار نسب الدين العام عند المستويات الحالية إلى زيادة الضغط المالي في الدولة متوسطة الدخل بنحو ثماني نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بين 2021 و2060، وأكثر من ذلك بكثير في بعض الدول.
وكالات