جفرا نيوز - حققت قصتان نشرتا أخيراً عبر منصة "تيك توك" للتواصل الاجتماعي انتشاراً واسعاً، بسبب تسليطهما الضوء على الضغوط التي يتعرض لها الموظفون العاملون في تجسيد شخصيات كلاسيكية في مدينتي "ديزني لاند" و"ديزني وورلد" الترفيهيتين.
في المقطع الأول، نشر إيفان سنيد لقطات من عام 2015 عادت للظهور الآن، تبين قيام إحدى الزائرات بمضايقة ممثل كان يجسد شخصية الصياد "غاستون" من فيلم "الجميلة والوحش" (الصادر عام 1992) إلى حد أن طلب الممثل منها المغادرة، قائلاً لها: "هذا يكفي".
أثار مقطع الفيديو جدلاً ساخناً حول مَن كان الطرف المحق في الموقف، حيث دعا السيد سنيد الجمهور إلى مراعاة الممثلين أكثر، وأوضح لاحقاً لـ"اندبندنت": "أحب دائماً وضع إرشادات بسيطة أمام الناس ليقوموا ببساطة بمعاملة الممثلين في ديزني باحترام وبالطريقة التي يحب الجمهور نفسه أن يعامل بها".
في المقطع الثاني، قامت سارة دانييلز التي لعبت في السابق إحدى شخصيات ديزني، بالإجابة على أسئلة حول حياتها المهنية من متابعيها على موقع مشاركة الفيديو، وكشفت أن بعض الرجال المتزوجين كانوا يضايقونها كثيراً عند ظهورها في المدينة الترفيهية مرتدية زي الجنية "تينكر بيل" من فيلم "بيتر بان" (الصادر عام 1953).
قالت دانييلز: "لو كان الرجال سيئين ويقومون بمضايقتك، أعتقد أنهم سيقومون بذلك سواء كنت تجسدين شخصية من ديزني أم لا... لكن كانت هناك مواقف كثيرة، بخاصة عندما كنت ألعب شخصية تينكر بيل، حيث يعطيني رجال متزوجون مفاتيح غرفهم في الفندق ويخبرونني بمكان إقامتهم".
تم افتتاح أول مدينة "ديزني لاند" ترفيهية في أنهايم بكاليفورنيا في عام 1955 تحت الإشراف المباشر للشخص الذي يحمل المرفق اسمه، والت ديزني، مبتكر شخصية ميكي ماوس وأفلام الرسوم المتحركة الخيالية الرائدة مثل: سنو وايت والأقزام السبعة (1937)، بينوكيو و فانتازيا (صدر كلاهما عام 1940)، دامبو (1941)، بامبي (1942) وسندريلا (1950).
ضمنت ديزني شخصياً أنها تبذل كل ما في وسعها لجعل المدينة "أسعد مكان على وجه الأرض" ومنع تحطيم الهالة السحرية المحيطة بها، ما يسمح للأطفال المأخوذين بأن يشعروا بالدهشة خلال العروض، من دون التعرض للانزعاج من التدخلات غير المرحب بها من عالم البالغين.
قال مايك فوكس، مؤلف كتاب "الأسرار والقصص الخبيئة لعالم والت ديزني" الصادر عام 2016، إن "الالتزام العميق بالتجربة التي يعيشها الضيوف [هو] في صميم الشركة".
وقال لموقع "بيزنس إنسايدر" مشيراً إلى إحدى القواعد العديدة التي تحكم سلوك الممثلين ضمن المدن الترفيهية التي تمنعهم من تجاوز الحدود اللائقة لشخصيتهم: "بالنسبة إلى والت، كان الأمر كله متعلقاً بالحكاية. إن رؤية راعي بقر من منتزه فرونتيرلاند [في ديزني لاند، والذي يحمل طابع أراضي رعاة البقر الأميركية في بدايات القرن العشرين] يتجول في منطقة "تومورولاند"، تخرب الحكاية".
يُنتقى الممثلون بعناية بعد خضوعهم لاختبارات أداء لشخصياتهم، ويطلب منهم الغناء والتدرب على تصاميم وحركات الرقص، مع اعتبار تمتع الممثل بمهارات ارتجالية، أحد الشروط الأساسية.
يقول السيد فوكس: "عندما تتحدث إلى سندريلا، وتقول "مرحباً، هل يمكنني التقاط صورة لك بواسطة هاتفي الـ آي فون" فتجيب سندريلا "ما هو الـ آي فون؟"، فإنها تلعب دوراً ومن واجبها الالتزام بروح ذلك الدور، بهدف الحفاظ على المتعة وعدم الخروج عن تلك الحكاية".
اللغة المسرحية المستخدمة في هذه الوظيفة سردية. القول إن "الممثلين" موجودون على "المسرح" عندما يظهرون مرتدين أزياء شخصياتهم أمام الجمهور هي حقيقة توضح أنه يتوقع من الموظِفين النظر إلى عملهم على أنه عمل تمثيلي حيث من الضروري ألا يخرجوا عن إطار الشخصية.
قالت الممثلة السابقة ديفين ميليندي واصفة الفترة التي أمضتها في "ديزني وورلد" في أورلاندو بولاية فلوريدا: "كانوا يصرون بشدة على أن العرض هو تجربة. ليس تجربة لكم كممثلين، بل تجربة للزائر. عليكم أن تقدموا أفضل عرض ممكن".
تتضمن القواعد السرية الأخرى المحددة بشدة التي تحكم سلوك الممثلين، عدم السماح لهم باستخدام السبابة عند إرشاد الزوار على الاتجاهات (يُفضل استخدام إصبعين في حركة أقل "فظاظة"، التي كان والت ديزني يفضلها شخصياً)، أو الإجابة بـ "لا أعرف" عند طرح أحد الضيوف سؤالاً، إذ يعتبر هذا الرد بشرياً للغاية، وليس مفيداً بالنسبة للزائر أو للسحر الذي تتمتع به الشخصية، كما أنه يؤدي إلى إنهاء المحادثة بين الطرفين.
لا يُسمح للممثلين بطلب الحصول على توقيع أي من المشاهير الذين قد يقابلونهم، بغض النظر عن مدى إعجابهم بالنجوم، ويتم استخدام مصطلحات رمزية ملطفة عند إبلاغ المشرفين عن حوادث تتطلب التنظيف، مثل قول "الرمز V" أو "انسكاب البروتين"، لاستدعاء زميل لتنظيف بقعة مغطاة بالقيء، تماماً كما قد يفعل الموظفون في وسائل النقل العام.
بالمناسبة، يُزعم أنه يتم استخدام عبارة "405 موجود في الصف الثاني"، للفت الانتباه إلى شخص جذاب جداً، التقطته عين أحدهم واقفاً ضمن الطوابير.
قد تكون هناك قواعد خاصة متعلقة بشخصيات بعينها، على سبيل المثال: ما عدا المشاركة في الاستعراضات، يسمح للوحش [من فيلم النائمة والوحش] بالظهور فقط أثناء أوقات تقديم الوجبات في مطعم "بي آور غيست" في منطقة "المملكة السحرية" في "ديزني وورلد"، وذلك وفقاً لمجلة "ريدرز دايجست".
يتماشى هذا منطقياً مع الشخصية التي يعرفها الأطفال من خلال الفيلم - وهذا تفصيل مدروس يشرح أيضاً سبب عدم رؤية نسختين من الشخصية نفسها ضمن المدينة الترفيهية في ذات الوقت. قد يؤدي القيام بخلاف ذلك إلى إثارة أسئلة محرجة من الأطفال الحائرين، وإثارة شكوك مزعجة حول المغامرة بأكملها والكثير من الأمور الأخرى التي ربما تشبه إلى حد كبير تصور الأطفال عن بابا نويل أو جنية الأسنان.
الهدف المبتغى هو عدم تخريب السحر الذي يدخل في تصميم مدن ديزني الترفيهية في أنهايم، أورلاندو، باريس، وطوكيو.
في أورلاندو، على سبيل المثال، ورد أنه تم بناء قلعة سندريلا لتكون مطلة على الجنوب بحيث لا تظهر الشمس خلفها مباشرة أبداً، وتنتصب القلعة بعيداً من جميع الأبنية العالية الأخرى، مما يضمن عدم تغطية الظلال لبرجها أبداً وبقاءها مضاءة بشكل جيد من أجل التقاط الصور العائلية.
بسبب موقع مدينة أورلاندو ضمن الجو المعتدل للمستنقعات بوسط فلوريدا، كان ينبغي بناؤها أيضاً من دون برك مياه للزينة لتجنب جذب البعوض. وإذا رغبت تلك الحشرات بزيارة المكان على كل حال، يتم نشر رذاذ مستخلص من الثوم حول الأرض لثنيها عن ذلك، تكون رائحته خفيفة للغاية بحيث لا يمكن للبشر شمها.
وبالمثل، فإنه لم تتم أبداً مشاهدة الطائرات المزعجة والصاخبة تحلق فوق مدن ديزني الترفيهية حيث توجد منطقة حظر طيران دائمة لإبقاء الطائرات بعيداً، بينما هناك شبكة من الأنفاق أو "طرقات التوصيل" تحت الأرض للسماح للموظفين والممثلين بالتنقل بسهولة، والاختفاء بسهولة وبعيداً من الأنظار. ولحماية هالة الكمال هذه أكثر، يتم نقل القمامة والمخلفات بعد جمعها بعيداً من الأنظار عبر هذه الطرق السرية نفسها.
هناك جانب آخر مثير للاهتمام في تصميم المدن الترفيهية قد لا يكون واضحاً على الفور لمن يزورون المكان للمرة الأولى وهو عدد "المفاجآت الخفية" الداخلة في تصميم بنيتها التحتية.
تم إخفاء علامات مميزة خاصة بـ ميكي ماوس في كل مكان لكي تكتشفها أعين الزوار المتفحصة، وينتشر عدد من الغرف السرية لا تكون مفتوحة بشكل عام لغير المؤهلين، بدءاً من جناح فندق مخفي داخل قلعة سندريلا في أنهايم، وهو متاح حصرياً للفائزين بالمسابقات والزوار الخاصين، إلى المساحة التي يستخدمها الموظفون متى شاؤوا للعب كرة السلة، والكائنة في علية فوق لعبة المغامرة "ماترهورن" في المدينة نفسها.
توجد عربة قطار سرية على سكة حديد ديزني في منتجع أورلاندو تحمل اسم "ليلي بيل" تكريماً لزوجة مؤسس عالم ديزني، وقد زينت العربة كصالون على الطراز الفيكتوري، وتضم تذكارات نادرة، وهي مفتوحة أمام الزوار في الصباح الباكر فقط.
وبحسب مجلة كوزموبوليتان، هناك أطباق سرية في قوائم الطعام في المدينة الترفيهية، التي توصي برقائق الذرة مع الآيس كريم في مطعم غولدن هورس شو في منطقة فرونتيرلاند، وكرات البطاطا المحشوة في مطعم ريفر بيل تيراس، ووجبة المعكرونة بالجبن المقدمة ضمن طبق مصنوع من الخبز في وارف كافيه بمدينة "كاليفورنيا أدفينتشر".
يتم دفن كبسولات زمن سرية أمام قلعة "الجميلة النائمة" في أنهايم منذ عام 1995، وتحت ساحة "بوينا فيستا بلازا" في مدينة "كاليفورنيا أدفنتشر" منذ عام 2012، لكن ربما يكون الأمر الأكثر غموضاً على الإطلاق، هو وجود ناد حصري لتناول الطعام، يُعرف باسم "كلَب 33" Club 33، ينشط في مكان يتم الصعود إليه بواسطة سلالم متعرجة في ساحة نيو أورلينز في المدينة نفسها، وقد طلي الباب الأمامي عن قصد بدرجة مزعجة من اللون الأخضر الشاحب لإبعاد المتطفلين.
ماذا عن الألعاب؟ تفيد إحدى الإشاعات الأكثر إثارة للدهشة، والتي نقلتها مجلة "كوزوبوليتان" أيضاً، بأن لعبة "قراصنة الكاريبي" الأصلية، التي ألهمت سلسلة الأفلام الرائدة التي قام ببطولتها جوني ديب، كانت تحتوي على هياكل عظمية حقيقية عند افتتاحها في عام 1967، تم الحصول عليها من مركز "يو سي أل إي" الطبي. التساؤل مشروع حول ما إذا كان هذا صحيحاً في أي فترة من الفترات، لكن اطمئنوا، توجد هياكل عظمية بلاستيكية في مكانها هذه الأيام.
بعض الحكايات الأخرى التي قد تستمتعون بها تشمل الكشف عن عدم وجود حمامات في ساحة "ليبرتي سكوير" التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية والموجودة في منطقة "المملكة السحرية" من أجل الالتزام بالصدقية التاريخية، تمت زراعة منطقة "تومورولاند" المستقبلية بنباتات صالحة للأكل بما يتماشى مع مستقبل الزراعة المستدامة، ويحتوي الرف المخصص للمفقودات في سكة حديد "مين ستريت ريلواي" على أشياء يفترض أن شخصيات ديزني الأخرى مثل علاء الدين وماري بوبينز قد نسيتها.
وللأسف فإن تلك الصرخات التي تسمعونها في "برج الرعب" مسجلة سابقاً، كما أن رائحة الخبز الطازج الجذابة التي تشمونها بالقرب من المطاعم هي رائحة اصطناعية ويتم نشرها في المكان، كما أن ديزني ضليعة بشدة في استغلال مواردها، لدرجة أنها تعيد استخدام الشخصيات المتحركة لديها، حيث تمكنت مجموعة من راصدي النجوم ضمن جولة سفينة الفضاء الأرضية "إيبكوت" في باي ليك بفلوريدا، من رؤية شخصيات "قاعة الرؤساء" ذات مرة.
ماذا أيضاً؟ تتدلى أعلام تشبه العلم الأميركي من السواري من أجل الالتفاف على قوانين العلم الفيدرالية، وتستخدم تلك السواري أيضاً كمانعات صواعق للحفاظ على سلامة الزوار أثناء العواصف، وتقوم عناصر أمن بملابس مدنية بدوريات بين الحشود في جميع الأوقات وهم يرتدون ملابس السائحين، وقد يتم التوجيه بتأدية عروض للشخصيات تبدو عفوية لجذب الحشود بعيداً من طوابير الانتظار المزدحمة عند الألعاب.
آه، تذكرت، لم يعد الموظفون الذين يرتدون الأزياء يحصلون، لحسن الحظ، على ملابس داخلية موحدة (نعم، لقد قرأتم الجملة بشكل صحيح)، فبحسب صحيفة "لوس أنجليس تايمز" كان هذا تقليداً سارياً، مع كل الأهوال التي قد تتوقعون أن تنطوي عليها هذه السياسة إلى حد كبير في الواقع.
قالت ميغان أونيل، ممثلة سابقة أخرى لموقع "بيزنس إنسايدر": "العمل في ديزني ليس تجربة سحرية طوال الوقت... أنت تعمل لساعات طويلة تحت كل الظروف الجوية وتتعامل مع زوار لديهم توقعات عالية".
وفي سياق الموضوع هذا، سأل موقع "باز فيد" في وقت سابق من هذا العام المعلقين عن ذكرياتهم عن العمل في "ديزني لاند" و"والت ديزني ورلد"، فكانت التعليقات عبارة عن عدد كبير من الحكايات الفظيعة التي لا يمكن التحقق منها.
انتشرت حكايات عن انتصاب الأعضاء الذكرية للفيلة بشكل غير مقصود، وقيام الممثلين بالتقيؤ داخل الأزياء التنكرية التي يرتدونها بسبب حرارة الصيف الحارقة، لكن من المؤكد أن أغرب تلك القصص كانت عن قيام رجل بالتبليغ عن مجموعة من البالغين الذين كانوا يتحرشون لفظياً بـ ميني ماوس، لكي يرد ميكي بطريقته المميزة في الكلام قائلاً: "إذا نظرتم إلى صديقتي مرة أخرى، سأفرقعكم!"
© The Independent