جفرا نيوز - أثار اكتشاف مقبرة كهف حود الأموات اهتماماً كبيراً من قبل المؤرخين وعلماء الآثار اليمنيين، بعد أن شهدت المحافظة اكتشاف أول مومياء بداية هذا العام، لتفتح المجال للكشف عما تملكه المحافظة من حضارة عظيمة عاصرت مملكتي حمير وقتبان في فترة الحضارة اليمنية القديمة.
وقال الخبير المتخصص في الآثار اليمنية عبده التالبي، إن محافظة إب اليمنية غنية بحضارتها العظيمة الموغلة في القدم، وهو ما تؤكده عشرات المواقع والمناطق والمعالم الأثرية والتاريخية المنتشرة في عدد من مديرياتها وعزلها.
ولفت التالبي إلى وجود مواقع عدة في المحافظة تعود لعصور ما قبل التاريخ كالعصر الحجري الحديث، وعصر البرونز، والعصر الحديدي، وتم اكتشاف العديد من شواهد الحضارة، وهناك مواقع أخرى لم يتم دراستها أو مسحها وتنقيبها بعد.
وتابع "هناك شواهد ومواقع تعود لفترة الدولة القتبانية، إذ إن سيطرة قتبان طالت أجزاء ومواقع في إطار المحافظة حالياً، مع أن نهاية مملكة قتبان واختفاء ذكرها في نقوش خط المسند - خط الكتابة اليمنية - في فترة ظهور مملكة حِميَر عام 115 قبل الميلاد، وهناك مواقع لمستوطنات حِميَرية على سبيل المثال كمواقع جبل العود وجبل حجاج الحرثي وظفار والعصيبة، وهذا ما تم اكتشافه والعمل والتنقيب فيه، وللأسف هناك مواقع كثيرة لم يصلها التنقيب والمسح الأثري، بل هناك مواقع يتم فيها النبش والتخريب العشوائي من قبل عصابات الآثار".
الحضارة الحِميَرية
وعن الحضارة الحِميَرية التي تعد ضمن الحضارات الست الرئيسة التي شهدها اليمن قبل الميلاد، يسهب خبير الآثار قائلاً، "قبل ظهور الحضارة الحِميَرية في 115 قبل الميلاد، كانت هناك ممالك صغيرة تواجدت في المناطق الوسطى لمحافظة إب حالياً، وكانت تسمى ’ممالك ذو رعين’، وهذه الممالك التي كانت عبارة عن تجمعات لمجتمعات قبلية هي من أنشأت مملكة حِميَر، وكانت ممتدة حتى جبال يافع جنوباً وأسقطت مملكة قتبان، وظهر ملوك سبأ وذو ريدان واستمروا حتى دخول الأحباش والفرس اليمن قبيل الإسلام".
وتتميز حضارة حِميَر التي أوضحتها المواقع بوجود تطور كبير في صناعة التماثيل البرونزية التي لها تأثير روماني، كما ظهر تمثال يمثل شكل تمثال "أبو الهول" ومصنوع من البرونز، وبرزت صناعة الزجاج والحلي الذهبية الدقيقة الصنع، كما وجد في موقع العصيبة مديرية السدة، وانفردت المدن الحِميَرية بتحصيناتها الطبيعية باستخدام المرتفعات في البناء، كما أنهم اعتنقوا الديانة اليهودية في القرن الرابع الميلادي في عهد الملك أسعد الكامل، وظهرت في الفترة الحِميَرية اللوحات التي نُحت عليها أشكال خرافية مثل الحيوانات المجنحة والحيوانات والطيور التي تنتهي بزخرفة نباتية.
ظفار العاصمة
وينوه التالبي بأن مدينة ظفار منذ عام "115 ق ـ م" كانت عاصمة لمملكة سبأ و"ذو ريدان"- المشهورة بدولة حِميَر- الأمر الذي أكسبها مكانة سياسية واقتصادية مهمة ومتميزة، وكان اختيار تلك المدينة عاصمة استراتيجية وبتخطيط مسبق ودقة بالغة، لما تمثله من أهمية اقتصادية وعسكرية وظلت ظفار اليمن لمدة طويلة العاصمة السياسية لمملكة حِميَر، فاهتم الملوك بتحصينها وتشييد المباني العامة والمعابد والأسواق والسدود والقصور والمنازل.
تعدد المواقع الأثرية
يؤكد مدير عام الهيئة العامة للآثار والمتاحف بمحافظة إب خالد غالب، على تفرد المحافظة بوجود كنوز ومخزون وإرث تاريخي وحضاري كبير جداً لا يضاهيه تاريخ أو حضارة، بدليل امتلاكها العديد من المناطق الأثرية والتاريخية.
مومياء السياني
وأفصح غالب عن اكتشاف أثري جديد، يتمثل في مومياء بمديرية السياني يبدو أنها لملك حِميَري عمره 2500 سنة، متكئاً بكامل هيئته على إرث تاريخي عظيم لم تحدد تفاصيله بعد.
وأشار مدير الآثار إلى أن من نقلوا المومياء قاموا بإخراجها من جلد التحنيط، وتم حفظ المومياء في مكان آمن، كي يتم تحليلها ودراستها من قبل المختصين لمعرفة عمرها الحقيقي وتحديد حقبتها الزمنية بدقة.
ويشكو غالب من اعتداءات ممنهجة على الآثار في المحافظة من قبل عصابات منظمة ومواطنين، مستغلين الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب الحرب ونتائجها وضعف الإمكانيات لدى الهيئة.
وأضاف "ما يحدث من هجوم وتدمير للمواقع الأثرية لم يكن عشوائياً، إنما عن طريق عصابات منظمة تتاجر في الآثار، وهناك عدة أعمال يقومون بها مثل حفر المقابر القديمة وقبب الأولياء، والبحث عن الآثار في بعض مواقع الحضارة الحميرية بالحفر العشوائي، وهذه الأعمال تضر بتاريخ وهوية اليمن وتاريخه، ونحن نتمنى تعاون الجميع، بخاصة في هذه المرحلة، للحفاظ على آثارنا من العبث، وندعو للتعاون معنا بالإبلاغ عن أي حالة حفر أو محاولة سرقة أو تخريب أو اعتداء".
اندبندت عربية