عن العقوق والخيانة
جفرا نيوز - كتب - بلال حسن التل
تعقيبا على مقالي المنشور في عدد جريدة الرأي يوم الخميس الماضي بعنوان (احبوا الاردن)، وصلتني جملة ردود وتعليقات يفسر بعضها اسباب عدم حب اصحابها للأردن عموماً ولعمان على وجه الخصوص ، فعمان عند هؤلاء هي مدينة التلوث السمعي ،وأصحاب هذا الراي يزعمون (ان عمان والمدن الاردنية هي المدن الوحيدة في العالم التي تضطرك لسماع اصوات سيارات الغاز والخضار والخردة على الاقل عشر مرات في اليوم اذا كنت تسكن في حي راقي نوعا ما اما في الاحياء الشعبية فحدث ولا حرج).
سبب اخر لعدم حب هؤلاء لعمان ثم للاردن، هو (التلوث البصري وسؤ استعمال الارصفة، وكذلك التلوث البيئي، وعدم قدرتهم على فتح شبابيك سياراتهم اثناء السير في شوارع عمان من روائح الديزل المنبعثة من باصات المدارس والشاحنات والبكبات, وعدم قدراتهم على فتح شبابيك سياراتهم عند اي اشارة في شوارع عمان من كثرة الشحادين عن طريق بائعي الجرائد المزورين وبائعي الورد والتين والفرولة والسحبة وغيرها الكثير حيث ان اشكالهم توحي لك بانهم من اصحاب السوابق).
هذه هي الاسباب التي تذرع بها البعض, لتبرير عدم حبهم للأردن وتبرمهم من العيش في المدن الاردنية، وقد تناسى هؤلاء أن معظمها تعود لاسباب تنظيمية، لها علاقة بالتضخم السكاني, غير الطبيعي في الأردن والناجم عن الموجات المتعاقبة من اللجؤ التي تعرض لها الاردن بسبب أزمات المنطقة ، وهي موجات سببت ضغطا على البنية التحتية وعلى الخدمات المقدمة للمواطنيين، كما إنها أثرت على أولويات المسؤولين، وعلى اولويات انفاق الدولة في ظل أزمة اقتصادية خانقة، ومع ذلك بقي الأردن وما يقدمه لمواطنيه افضل من معظم دول المنطقة والكثير من دول العالم، ونحن هنا لا نبرر الاخطاء، لكننا نبحث عن اسبابها لنصل الى علاجها، ولنقول انها اسباب لاتبرر عدم حب البعض للأردن، فهؤلا الذين يشكوون من اصوات زوامير السيارات في المدن الاردنية، لاتقاس معاناتهم باي صورة من الصور مع الذين يعيشون مع أصوات الرصاص والقذائف في مدن اخرى ومع ذلك فانهم لم يكرهوا مدنهم.
وهؤلاء الذين لايحبون المدن الاردنية بسبب الثلوث البصري وسؤ الارصفة، لا تقارن معاناتهم مع سكان مدن وعواصم لا ارصفة فيها،ويعاني سكانها من تلوث ماء الشرب والهواء, وكذلك غذائهم اما دواؤهم فمفقود، بل ان في الكثير من مدن وعواصم العآلم جموع بشرية تعيش في العشوائيات وتحت الجسور وفي العراء، ومع ذلك لم يفقد هؤلاء ايمانهم باوطانهم، ولم يفقدووا حبهم لها.فالعلاقة مع الوطن ليست علاقة نفعية عابرة، تماما مثلما هي علاقة الأبناء بوالديهم ليست علاقة نفعية مرتبطة بالمصالح المادية ، فاذا إنتهت هذهِ المصالح صار انتهائها مبرراً لعقوق الوالدين، وكذلك هي العلاقة مع الوطن عندما تأخذ طابع المنافع المادية صار سهلاً تبرير عقوقه ، حتى لا تقول خيانته.
Bilal.tall@yahoo.com