وادي الهيدان وعيون النبي موسى!!

جفرا نيوز/ كتب: بقلم د. محمد أبو عمارة*

قبل أيام حللت أنا ومجموعة من أصدقائي ضيوفاً على صديقنا الأستاذ خالد الشوابكة في مأدبا وقام شقيقه المحامي الأستاذ محمد بإصطحابنا في جولة سياحية (مادباوية) مميزه بدأت من (سلة ميشع) ثم انتقلنا إلى منطقة وادي الهيدان حيث لم يتوقف مضيفنا عن وصف روعة المكان وجمال الطبيعة فيه وعذوبة مياهه ولذة الجوافة التي تنبت في أرضه .

مما جعلنا أكثر شوقاً للوصول إلى هذه الجنان التي يحدثنا عنا الأستاذ محمد الشوابكة .
واقتربنا من المكان وبدأنا بالنزول إلى وادي الهيدان وهي منطقة منخفضة أشبه بالغور طريقها صعبة وشوارعها ضيقة وبدأت أرقب الطريق وأرقب عيون محدثنا الأستاذ محمد وتساؤل يدور في أذهاننا جميعاً أين المياه التي حدثتنا عنها؟!!
وكنا ننظر لأسفل الوادي حيث تبدو آثار المياه جليه في كل مكان ولكن……. لا وجود للمياه!! 
نظرت إلى عيني الأستاذ محمد وقلت: جفت المياه؟
-دعنا نسأل سكان المنطقة... 
وسرنا إلى أن وجدنا إحدى سيارات –البكب- تقف على جانب الطريق...
-سلام
-اهلاً شباب...
-شكله ما في ماء؟!
-اه والله من فترة من لما فضي السد!!
-طب وتحت في؟
-ممكن، أنا زمان ما نزلت!
-شكراً...
-أفلحوا جاي تغدوا عنا!!
-بوركت... 
وأكملنا المسير إلى أسفل الوادي لنحمد الله كثيراً على وجود بقايا عيون ماء تصب في تجوف صخري طبيعي وبمنظر فريد وجميل، نزلنا وداعبنا المياه المنحدرة وأخذنا مجموعة من الصور التذكارية بالمكان الذي رسمته يد الخالق بكل إبداع ولكن استوقفني كم القمامة الملقاه في الماء وعلى جانبي الطريق، علب عصائر وأكياس وأغصان أشجار وملابس... وبكميات كبيرة جداً جداً، تلوث كبير....
قلت في نفسي لو أن هذا المكان موجود في بلد آخر لكانت المطاعم تتناثر على جانبي الطريق ولكانت هذه الينابيع تشكل لوحات أرضية يؤمها كل من يريد الاستمتاع بالطبيعة، ولكن لا أقول إلا "لا حول ولا قوه إلا بالله"
غادرنا المكان والغصة تملأ القلب للجفاف الحاصل ولكم الإهمال المتراكم، وأبى مضيفنا أن نخرج إلا ونحن سعداء بما نرى من معالم فقادنا إلى منطقة (عيون موسى) التي تقع أسفل (جبل نبو) حيث الطريق أقل وعورة من طريق (وادي الهيدان) وصلنا للمكان الذي خلا من أي علامات للحياة، مكان خالٍ من البشر ولكن آثارهم موجودة، بنايات مهدمة ومهجورة ومهملة وتملأها القمامة وجدرانها مليئة بالأسماء وعبارات الحب والتواريخ، سرت مع مضيفي بطريق صعب إلى أن وصلنا إلى مغارة تضم في داخلها عيون موسى ولا شك أن المغارة جميله وكبيرة ومليئة بالنباتات التي تتدلى من السقف لترسم لوحة جميله يرافقها تناثر قطرات الماء التي ينثرها الهوا ء هنا وهناك، شربت من عين الماء التي تخرج بمنظر فريد من بين الصخور ولأول مرة في حياتي اشعر بمعنى ماء عذب لأن الماء كان لذيذاً لدرجة لا توصف، ولكن المؤسف أيضاً أن عيون الماء هذه تغمرها النفايات والزجاج المكسور والطرق المهدمة والبنايات المهجورة والتي تشكل مكرهه صحية بكل معنى الكلمة، أنهينا الشرب والوضوء من الماء وصعدنا مره أخرى لأصدم بمشاهدة شجرة (كينا) ربما هي أضخم شجرة رأيتها في حياتي، فوجئت بوجودها وكيف أنني ولغاية الآن لم أقرأ شيئاً عنها ولم يذكر هذه الشجرة أحد أمامي!!
زاد حزني وغادرنا الموقع وأفكار كثيرة يعصف بها ذهني! ربما لو كانت هذه الشجرة في (تركيا) مثلاً لكتب عنها مسلسلات ولربما دخلت الموسوعات ولربما صارت مزاراً لكل سياح العالم، أما مياه موسى لوكانت في (لبنان) مثلاً لوصل صيتها بأنها تشفي من السحر، وأن العقيم إذا شربت منها تنجب وأن العانس ليس لها طريق للزواج إلا بشرب هذه المياه ولو ولو ولو...
ولكن حجم الإهمال ووعورة الطرق هي من تجعل الأردنيين يطلبون السياحة والراحة في دول أخرى، فماذا لو كانت الطرق معبدة ومريحة ومزودة بما يحتاجه الزائر من خدمات مأجورة!! والله لدفع الزائر تذاكر لرؤية هذه الشجرة ولشرب ماء من عيون موسى!!
رجعنا إلى بيت ضيفنا الشهم الكريم الذي كان مثالاً للكرم والضيافة وأفكار كثيرة تعصف بذهني وصور ذهنية تمر أمامي ومقارنات لم أستطع منع عقلي من التفكير بها...
*رئيس جمعية الكتاب الإلكترونيين الأردنيين