قمة «حاسِمة» بين بوتين وأردوغان اليوم.. «إدلب» السورية أَولويّة

جفرا نيوز - محمد خروب


تكتسب القمة التي تلتئم اليوم في منتجع سوتشي بين الرئيس بوتين ونظيره التركي أهمية استثنائية، ليس فقط كونها القمّة الأولى «وجهاً لوجه» التي تجمع بينهما منذ 5 آذار 2020، والتي تمّ التوصّل خلالها إلى اتّفاق حول إدلب, بعد معركة عسكرية عنيفة وقاسية سقطَ فيها ضحايا كثيرون، بل أيضاً لأنّ أردوغان لم يُنفّذ ما وقّع عليه خاصّة في شأن فصل الجماعات المسلّحة المعتدلة، عن تلك الإرهابية الجهادية والتكفيرية مثل هيئة تحرير الشام، وحرّاس الدين/الحزب التركستاني، والمجموعات الشيشانية/جنود الشام/أجناد القوقاز/جُند الملاحم، بل واصلت دعمها/تسليحاً/تدريباً واحتضاناً، ساعية «شرعنة» هيئة تحرير الشام والترويج لزعيمها أبو محمد الجولاني وحشد المزيد من قواتها كان آخرها رتلاً عبر يوم أمس, أراد أردوغان ربما إرسال رسالة لمستضيفه الرّوسي، أنّ تركيا عازمة على عدم التراجع والمُضيّ قدماً في مشروعها الذي تحدثت عنه وسائل إعلامية تركية/وغربية، وهو إقامة إمارة إسلامية في إدلب تمهيداً لاستتباعها ولاحقاً ضمّها إلى تركيا.

ولئن واظبَ اردوغان على إطلاقَ المزيد من التصريحات المستفزّة ضدّ سوريا، وآخر ما قاله 24 الجاري: إنّ نظام الأسد يُشكّل تهديداً وخطراً على بلاده من الحدود الجنوبية»، مضيفاً في شكل أكثر استفزازاً أنّه: «يتوقع» مُقاربات مختلفة من السيد بوتين أو بالأحرى- أضاف - روسيا, كـ«شرط» لتضامننا... نحن ــ واصَل ــ بحاجة إلى خوض هذا النضال في الجنوب».

ما يعكس إصراراً من قِبَله على عدم إبداء أيّ مرونة في قمة ذات جدول أعمال مزدحم، لكن مصير محافظة إدلب وليس فقط اتفاق/تفاهم آذار، سيكون أولوية بعد أن لم تعد موسكو وخصوصاً دمشق, مستعدتين للتعاطي مع لعبة شراء الوقت والتسويف المحمول على تكريس واقع ميداني تركي, على نحو تواصلت فيه عمليات التتريك والإلحاق بمحافظات تركية جنوبية ما يهدّد وحدة الأراضي السورية، ناهيك عن الاستعدادات التي تواصلها القيادة العسكرية التركية لاجتياح مناطق شرق سوريا، بذريعة محاربة الإرهاب الكردي/قوات قسد. بل إنّ وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اتّهم روسيا بأنّها «لم» تُنفّذ التزاماتها بشأن إدلب, «رداً» على ما قاله مسؤول روسيّ بأنّ الشروط المنصوص عليها في اتّفاق إدلب لم تنفَّذ بالكامل.

صحيح أنّ أردوغان وأركان إدارته يطلقون تصريحات تصعيدية كهذه، بهدف الحصول على تنازلات أو صمت من قبل موسكو التي تتابع بهدوء، وربما بغيظ سيل التصريحات التركية الاستفزازية، خاصّة تلك المتعلقة بموقف أنقرة من شبه جزيرة القرم، وإعلان أردوغان في كلمته أمام الأمم المتّحدة «عدم» اعترافه بضمّ جزيرة القرم لروسيا، كذلك رفضَ خارجيّته الاعتراف بنتائج انتخابات مجلس الدوما/ النواب الأخيرة، في الوقت الذي يواصل فيه أردوغان تسليح أوكرانيا كان آخرها تزويدها بسرب من الطائرات الهجومية المسيّرة من نوع بيروقدار.

غير أن بوتين الذي تواصل قواته الجوفضائية كما الطائرات والمدفعية السورية قصف مواقع الإرهابيين في عموم محافظة إدلب, لن يتسامحَ مع مناورات كهذه باتت مكشوفة ومُستفِزة على نحو واصلت فيه الجماعات الإرهابية وبدعم تركي إرسال الطائرات المسيّرة والمفخّخة على قاعدة حميميم، وتوسيع نطاق استهدافها لمواقع الجيش السوري.

يحاول أردوغان بعد خيبة أمله من تحسين علاقاته بالرئيس الأميركي بايدن الذي لم يلتقِ أردوغان خلال زيارته نيويورك، لحضور دورة الجمعية العامة/رقم 76، وهو ما كان يعوّل عليه أردوغان كثيراً، ما دفعه (أردوغان) إلى إطلاق تصريحات حادّة تجاه بايدن معتبراً بأنّ «بداية عمله مع بايدن ليست جيدة» ثمّ ألحقَ ذلك باتّهام واشنطن تسليح كرد سوريا ولم يتردد الرئيس التركي القول: إنّه «يفضّل انسحاب القوات الأميركية من سوريا والعراق تماماً كما غادرت أفغانستان، لأنّه لم تعد هناك جدوى من البقاء في هذه المناطق من العالم».

وفي ردّه على سؤال حول نيّة تركيا أن تحلّ محلّ الولايات المتّحدة في سوريا، أجاب: «دعني أقول لك بوضوحٍ تامّ وصِدقاً، لن نبقَ أبداً حيث لا يريدوننا أن نبقَى، ولن نكون حاضرين حيث لا يتمّ الترحيب بنا».

فهل يعني أردوغان ما يقول؟ أم أنّها مجرّد مناورة أراد ترويجها عبر وسائل الإعلام الأميركية للظهور بمظهر الزعيم الذي يسعى للسلام، فيما هو ينشر قواته في أكثر من بلدٍ عربيّ ويستعدّ لاقتحام منطقة القوقاز وجمهويات آسيا الوسطى، ضمن مشروعه المُسمّى «العالم الأزرق أو العالم التركي»، كذلك الإعلان الذي كرّره كثيراً عشية لقائه بالرئيس الروسي بأنّه «يريد شراء دفعة ثانية من منظومة S-400. وهو لن يشتريها حتى لا يُغضِب واشنطن.

فهل ينجح أردوغان في شراء المزيد من الوقت؟ أم بوتين سيصدّه ويُلزمه تنفيذ اتّفاق إدلب؟

ساعات مساء اليوم... تحمل الإجابة.