اعادة اعتقال الأسرى لن يمحو اثار الاخفاق والفضيحة

جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله

رغم الألم الكبير الذي تركه في نفوسنا إعادة اعتقال ( أسرى نفق الحرية الستة ) والتي كان اخرها اعتقال الاسيرين مناضل نفيعات وأيهم كممجي في محافظة جنين بعد اسبوعين من تحررهما الا انه على طريق الكفاح والمقاومة والصمود لا مكان للحزن والاحباط والرد على ذلك ينبغي ان يكون بتصعيد الفعل الميداني الشعبي والفصائلي القادر على حماية الاسرى الأبطال من بطش وإرهاب وتنكيل العدو داخل السجون الاسرائيلية التي تعمل فيها اليوم إدارة السجون الصهيونية بالهروب من هزائمها واخفاقها واخفاء حجم الخزي والعار الذي لحق بكامل المؤسسة الأمنية الصهيونية والتغطية على فشلها الذريع بقهر وتعذيب السجناء واساءة معاملاتهم داخل باستيلات الاحتلال

اعتقال الأبطال بعدما استطاعوا زعزعة إسرائيل بصورة غير مسبوقة لن يكسر ارادتهم وعزيمتهم وشموخهم ولن يحجب حقيقة عملهم البطولي المشرف ولن يمحو آثار الضربة والفضيحة المدوية التي تلقتها دولة الاحتلال الإسرائيلي ومنظومتها الأمنية محلياً وإقليمياً حينما انتزع الأسرى الفلسطينيين الستة حريتهم من سجن جلبوع بإرادتهم الفولاذية رغماً عن انف الاحتلال وسجانيه وإجراءاته الأمنية والمشددة وبما اثبتوه من جرأة وشجاعة مميزة وفريدة ليتَحولوا إلى أيقونات نضالية خالدة في العقل والوعي الجمعي الفلسطيني وان القاء القبض عليهم بعد مطاردة واسعة لا يقلل من الإنجاز النوعي الذي حققوه حيث أعادوا قضية الأسرى إلى الواجهة المحلية والعالمية بكل قوة وشموخ وعنفوان

طريقة الاعتقال قد تكون بحاجة إلى لجنة تحقيق مستقلة ودون التسليم بالرواية الإعلامية الإسرائيلية فالوقائع الميدانية تشير إلى أن اعتقالهما كان بمحض الصدفة ولا ينسب للجهود الاستخبارية التي كانت مسخّرة على مدار الساعة منذ لحظة هروبهم حيث لم تفلح كل محاولات الاحتلال وترويجه المتكرر للأخبار والروايات الكاذبة حول عملية إعادة اعتقال عدد من الأسرى الأبطال والتي كان هدفها كي الوعي الفلسطيني ورفع معنويات جيشه المهزوم والتي زادت الثقة بأبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل الذين شكلوا على الدوام حاضنة شعبية للمقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية وهو الذي تجسد واقعيا في هبتهم ا الأخيرة بانتصارهم للقدس وغزة

النتيجة النهائية حول مصير الاسرى كانت معروفة سلفاً ولا مفاجآت فيها وهم كانوا يدركوا جيداً أنهم امام ثلاثة احتمالات إما الاستشهاد أو إعادة الاعتقال أو الاختفاء وعمليتهم البطولية انتصرت فيها إرادتهم وتوقهم للحرية عبر تحطيمهم نظرية الأمن الاستراتيجية لمعسكرات الاعتقال الإسرائيلية التي زرعتها إسرائيل منذ نشأتها في نفوس وعقول العرب والمسلمين وخصوصاً معتقل جلبوع السجن القلعة الأكثر تحصيناً من حيث الموقع والبناء والتكنولوجيا واليقظة الدائمة للسجانين ورغم كل ذلك وفي توقيت لافت بالتزامن مع عيد رأس السنة العبرية شق أبطال الحرية طريقهم تحت الأرض لينطلقوا في فضاء الحرية عبر استخدام أبسط الأدوات البشرية المتوفة لديهم في ظل قسوة السجن وجبروت السجان

منذ معركة سيف القدس مروراً بقتل الجندي الاسرائيلي القناص شرقي قطاع غزة وصولاً إلى هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع مر الاحتلال الإسرائيلي في أسوأ حالاته تجلت فيها إرادة قتالية عالية للمقاوم الفلسطيني مقابل ضَعفها وخوارها لدى الجندي الإسرائيلي فضلا عن بروز الحاضنةٌ الشعبية المتماسكة من جديد والتفافها الوطني الكبير حول الاسرى وتحذيرهم من أي مساس بحياتهم واعتبار ذلك إعلان الحرب على كل الشعب الفلسطيني والذي سيضع تل أبيب أمام مسلسل متواصل من دفع الثمن الباهض

كما ظهرت حالة زيادة الاستعدادٌ العالٍ للتضحية والفداء عند الأسرى في المقابل اهتزاز ثقة الإسرائيليين بجيشهم وضَعفِ جبهتهم الداخلية مما يثبت بأن ارادة الابطال التي أسقطت الوهم الأصغر في قلعة جلبوع قادرة بكل تاكيد على إسقاط الوهم الأكبر وهو قلعة إسرائيل الكبرى

هروب الاسرى كان تجربة ثقيلة وغير مسبوقة مرت على قادة اسرائيل وأجهزتها الأمنيّة والإستخباريّة منذ ساعة الصفر لتلك اللحظات التي خرج فيها الاسرى من سجن جلبوع والتي قلبت الكيان بقده وقديده رأسا على عقب ولا زال بكل اجهزته عاجزا عن فك شيفرات اكبر عملية معقدة واجهته حتى الآن في اكثر سجونه تحصينا ليتجه الى اعلامه المغشوش لخلق هالة كبيرة ومفضوحة عن قوته وجبروته وتفوقه الأمني والعسكري والإستخباري المزعوم بعدما احدثت عملية نفق الحرية هزة في كيانه اصابة عصبه الرئيسي

عملية نفق الحرية بكل تفاصيلها لم تكن مجرد خرق امني عادي يمكن المرور عليه مرور الكرام بل هي ( فضيحة امنية واستخبارية من العيار الثقيل ) سببت صدمة وارباكا وتخبطا على كافّة المستويات وتناقضا واضحا في بيانات قادة وضباط ووزراء ومحللي الصحف ووسائل الإعلام العبرية بخلق الروايات الامنية الكاذبة والمفبركة للسجان والمحقق الاسرائيلي والاعلام العبري حول طريقة اعتقال الابطال التي اهتزت بعد انتزاع الأسرى حريتهم والتي نسف صدقيتها بالكامل تصريحات الاسرى لمحاميهم والتي كان هدفها ضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني وصناعة البطولات الوهمية والزائفة اضافة الى محاولة رفع الروح المعنوية المنهارة للمواطنين والجنود

ايام بلياليها والفلسطينيون والعرب بل وأحرار العالم يقبضون على قلوبهم فيما دولة الاحتلال القوة العسكرية الرابعة في العالم مستنفرة بكافة أجهزتها العسكرية والأمنية والمدنية والدعائية وهي تقف على رجل واحدة كما يقال تحاول لثأراً للهزيمة النكراء التي ألحقها بها أبطال أسرى سجن جلبوع الذين تمكنوا من الفرار من السجن شديد التحصين ومهما كانت النهاية باعتقالهم مؤلمة وشديدة القسوة لكنها كانت متوقعة وفي السياق الطبيعي للتحليل الواقعي بالنسبة لفدائيين حِملُهم ثقيل وتضحياتهم مشهودة

صحيح أن اعادة اعتقال قادة عملية نفق الحرية تعد خسارة كبيرة لكنها كانت واحدة من تلك السيناريوهات المتوقعة وليست هي بالشيء الخارق في ظل دولة جندت كل أجهزتها العسكرية والأمنية والإستخبارية والمخابراتية ووحدات المستعربين والمتعاونين والطائرات المسيرة والاستشعار الجوي وكل الوسائل التكنولوجية والتجسسية الجبارة على مدار الساعة في دولة تقاس طاقة قدراتها بمعايير الدول العظمى لملاحقة ومطاردة ستة أسرى في بقعة جغرافية محصورة حيث الحواجز العسكرية تفصل الداخل الفلسطيني 48عن الضفة الغربية وكذلك الحدود البرية مقفلة مع لبنان وسوريا والأردن

بكل الفخار والاعتزاز نقول ان تمكن الاحتلال من اعتقالهم لن يمس بعظمة النصر وتاج الجدارة الذي فاز به الأبطال على دولة الاحتلال أكان ذلك بتمكنهم من الفرار من السجن الحصين أو ببقائهم أحراراً طيلة تلك الأيام بلياليها مع التأكيد بان المواجهة مع المحتل ستظل مفتوحة وفي سجال كما هي الحرب بغض النظر عن بمعادلات الواقع وموازين القوى والمقدرات

سيتذكر العالم اجمع ان الأسرى الستة اجتازوا ما يشبه المستحيل وتجاوزا كل منظومات الأمن في معتقل جلبوع ونجحوا بإبداع منقطع النظير وهكذا دخلت مأثرتهم عمق التاريخ والوعي وسجل الخالدين كأبطال من طراز باسل وفريد كانوا يعرفون مسبقا وهم يقدمون على هذه الخطوة الفذة بإرادة وعناد أنهم لم يخرجوا ليغادروا دائرة الاشتباك الصعبة مع العدو والتي تبقى فيها كل الاحتمالات قائمة بما فيها الاستشهاد أو الاعتقال لكنهم رغم ذلك لم يترددوا عن دخول هذه المغامرة القاسية والخطيرة

وبلك حقق الأسرى الأبطال إنجازا فلسطينيا عبقريا بكل المقاييس شهد له العالم الحر وان اعتقالهم ليس مأثرة تعتز بها اسرائيل وكيف تكون مأثرة حين يجند لها الاحتلال آلاف الجنود والأمن والتكنولوجيا والأدوات الرخيصة في ميدان محاصر جوا وبحرا وبرا وهم يختبئون في البيارات والحقول ينثرون في طيات ارضها التي اشتاقوا لها عدة رسائل للمحتل المستبد في مقدمتها أن الأدمغة الفلسطينية قادرة على أن تصنع المستحيل وان تتغلب على كل التحصينات الأمنية وان توجه ضربة قاصمة لتفوق العدو الأمني والعسكري وان تزرع الهلع والرعب بين مواطنيه

اخيرا على جميع القوى الفلسطينية والشعبية والثقافية التسلح بالأمل والحرص على العمل بحراسة قضية الاسرى والمطالبة بحريتهم وأن تبقيها كحساب انتقام مؤجل مع الاحتلال وحالة من الاشتباك والصراع المستمر في كل ساعة ودقيقة لتبقى انتفاضتهم المشرفة ومواقفهم المشرفة مع ضرورة الانتباه الى ان الاحتلال سيبقى يحاول بكل الطرق والوسائل لقتل وتحطيم الإرادة الشعبية الفلسطينية وفرض الاستسلام الكامل على مشروع المقاومة وتوجيه ضربة شاملة لمعنويات الحركة الأسيرة وحاضنتها الوطنية وقطع الطريق على ترسيخ حالة الوعي العالي في العمق الفلسطيني والعربي

‎ طوبى لأسرانا الميامين الأبطال في عتمة زنازينهم وفي اقبية القمع والتنكيل ننحني احتراماً وتحية لمعاناتهم وصبرهم وهم يرفعون رؤوسنا مباهاة وفخر ويشهدون امام العالم على ارهاب الكيان الصهيوني المتوحش واننا نشد على أيديهم ونقول لهم نحن كشعوب عربية قلوبنا وغضبنا وامانينا معكم ولن نتخلى عنكم وانن ننتظر اللقاء القريب ان شاء الله بكم في صفقة تبادل أسرى عاجلة مع الاحتلال يتم فيها تحريركم ( من فوق الارض ) بكل كبرياء وشموخ والسجان سيفتح لكم الابواب الرهيبة رغما عنه وبيديه الاثمة والمهزومة
mahdimubarak@gmail.com