في ذكرى اعدام شيخ المجاهدين عمر المختار
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله
في حياة الامم والشعوب هنالك قادة وزعماء ورموز خالدين دخلوا التاريخ من اوسع ابواب المجد شهرة ورفعة ومكانة حين سجلوا أروع البطولات التي كتبت بحروف من نور وعزة وفخار وذلك تكريما وتقديرا لمواقفهم المشرفة وتضحياتهم العظيمة في الدفاع عن اوطانهم واعراضهم ودينهم وهويتهم ببذل دمائهم وارواحهم رخيصة في سبيل كرامتهم وحريتهم واستقلالهم بعد دحرهم المستعمرين الغزاة
تحل علينا اليوم الذكرى الـ 90 لإعدام شيخ الشهداء المجاهد البطل العربي الليبي عمر المختار الذى امضى من حياته نحو 20 عام بعد أن أتم الـ 57 ربيع عام وهو يقاتل ويدافع عن ليبيا ضد الغزاة الإيطاليين حتى بلغ الـ 73 وبات مثلاً ونموذجا يحتذى به في القوة والتحمل والمقاومة والثبات رغم تقدم سنه
في مثل هذا اليوم من كل عام يحي الليبيون ذكرى استشهاد عمر المختار على يد القوات الإيطالية المحتلة حيث تسمي ليبيا هذا اليوم بـ ( يوم الشهيد ) وهو عطلة رسمية في البلاد يستذكرون فيه بشرف وكبرياء جهاد الآباء المؤسسون وتوحد وتضحيات وبسالة الشعب الليبي في مقاومة المستعمر الاجنبي
ولد عمر بن مختار بن عمر المنفي الهلالي في 20 آب عام 1858 فى منطقة جنزور بالقرب من مدينة طبرق في شرق ليبيا توفي والده وهو في طريقه إلى مكَة المكرمة لأداء فريضة الحج وقد وصى والده قبل وفاته بأن يكفله عمه الشيخ حسين الذي تولى بالفعل رعايته وأخيه محمد محققاً بذلك رغبة والدهما حيث أدخلهما مدرسة القرآن الكريم بمنطقة الزاوية
ثم ألحق عمر المختار بمعهد الجغبوب لينضم إلى طلبة العلم من أبناء القبائل الأخرى للدراسة وتحصيل العلم على يد كبار علماء ومشايخ الطريقة السنوسية والتي كتبت اعوامها الثمانية التي قضاها في المعهد مصير حياته الجهادي ليتحول طريقه من الدعوة والحكم في فض النزاعات ودرء الخلافات إلى حمل البنادق ووضع التكتيكات والخطط لصد ودحر المحتلين الإيطاليين الفاشيين
اشتهر المختار منذ صغره بالجدية والحزم والاستقامة والصبر وقد لفتت أخلاقه أنظار أساتذته وزملائه وهو لم يزل يافعاً ومع مرور الزمن وبعد أن بلغ أشدَه أصبح على إلمام واسع بالأحداث القبليّة وتاريخ وقائعها اضافة الى قيم الدين والخلق والرجولة
عاش المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها ورغم أنه كان معلما للقرآن الكريم وبعض العلوم الشرعية إلا أنه سرعان ما تحول إلى مجاهد وقائدا للمقاومة ضد الاحتلال الإيطالي بعدما أعلنت روما في عام 1911 الحرب على الدولة العثمانية وبدأت إنزال قوَاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة وبعد علمه بالغزو الإيطالي لبلاده سارع إلى جمع المجاهدين وتنظم صفوفهم وتأسيس معسكر للتدريب والمقاومة في منطقة الخروبة ثم انتقل منها إلى منطقة الرجمة شرق البلاد ليلتحق ومقاتليه بالجيش العثماني
مع تولى ( بادوليو ) منصب الحاكم العسكري على ليبيا عام 1929 تظاهر في البداية برغبته للسلام وذلك لكسب الوقت وقد استجاب المختار لندائه بالنزوع للسلام ودخل في تفاوض معه ولكن المفاوضات فشلت فى النهاية وبقيت الثورة الليبية مستمرة عقب ذلك تولى ( جراتسياني ) عمله فى ليبيا
وبدأ سلطاته باتخاذ سلسلة من الإجراءات القمعيَّة والتعسفيَّة حيث أرسل بعض المشايخ إلى سجون إيطاليا وسجن معظم مشايخ وأعيان بنغازي ودرنة في قلعة بنينة كما قرر تنفيذ عقوبة الإعدام على كل من يتعاون أو يتصل بالثوَار أمَا أبرز ما فعله فكان إنشاء ( المحكمة الطائرة ) وهي محكمة بكامل أجهزتها تقطع البلاد على متن الطائرات وتحكم على المواطنين بالموت ومصادرة الأملاك لأقل شبهة وبعد ذلك تمنحها لازلامها من المرتزقة
فى 11 / 9 / 1931 وبينما كان عمر المختار يستطلع منطقة وادي بوطاقة جنوب مدينة البيضاء شرق ليبيا تمكنت القوات الإيطالية من حصاره والقبض عليه بعد تطويقه وتمَ استدعاء أحد القادة الطليان الذين فاوضوه والتقوا به من قبل ليعرفوا على شخصيته وهويته وهو ما أكده الضابط الإيطالي ثم اقتيد إلى مبنى بلدية سوسة ومن هناك نقل على ظهر طرَاد بحري سريع إلى سجن بنغازي وهو مكبل بالسلاسل حيث لم يستطيعوا نقله برا خوفا من رد فعل المقاتلين ومحاولة خطفه
بتاريخ 15 / 9 / 1931 جرت محاكمته صوريا بعدما اعد الطليان المشنقة له وانتهوا من ترتيبات الإعدام قبل بدء المحاكمة وصدور الحكم عليه وفي صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء 16 / 9 / 1931 اتخذت جميع التدابير اللازمة لتنفيذ الحكم وتم إحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران وقد أحضر 20 ألف من المواطنين وجميع المعتقلين السياسيين من أماكن مختلفة ليشاهدوا تنفيذ الحكم بقائدهم
أستحضر شيخ المجاهدين عمر المختار الملقب بـ ( أسد الصحراء ) مكبل اليدين والرجلين وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا سلم إلى الجلاد وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على علو منخفض وبصوت مدوي وذلك للتشويش على الحاضرين من الاستماع إلى صوت عمر المختار لكنه لم يتحدث بأي كلمة ثم سار إلى منصة المقصلة وهو شامخ الجبين ينطق الشهادتين وبلحظات خاطفة تم تنفيذ حكم الاعدام في رجل بلغ حينها 73 عام ويعاني من شدة مرض الحمة ليكون اكبر وصمة عار في تاريخ ايطاليا الاجرامي والوحشي
لقد تأثر عمر المختار كثيرا بالحركة السنوسية في ليبيا وكان ذو ثقة عند شيوخها وقادتها وهو ما اكسبه لقب ( سيدي عمر ) والذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ السنوسية وقادتها المعروفين وتقديرا له عينه الشيخ ( محمد المهدي السنوسي ) ثاني زعماء السنوسية شيخاً لزاوية عين كلك في السودان من أجل مقاومة الاستعمار الفرنسي هناك كما اختاروه ايضا قائدا للمقاومة ضد الفرنسيين في تشاد ثم كان شيخاً لبلدة زاوية القصور في منطقة الجبل الأخضر عام 1897
بصلابته وقوته كبد الشيخ المقاتل عبر هجماته المتواصلة على معسكرات وجنود الاحتلال الإيطالي خسائر فادحة عبر ضربات خاطفة ومعارك صحراوية كان خبيرا بها ما جعل كل ثكنات روما في ليبيا تشعر بالخوف والقلق وهي معرضة لضربات المقاتلين وقد انتشر صيته عند قادة الاستعمار الإيطالي وقتها وأصبح المطلوب الأول لإيطاليا
من اروع الكلمات الخالدة التي قالها الشيخ المجاهد للمستعمرين الطليان ولا زال يسمع صداها في ارجاء الكون هدير بطولة وعنفوان رجولة ( نحن لا نستسلم بل ننتصر أو نموت وهذه ليست النهاية ) بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي
يذكر ان الهدف الاساس من إعدام الشيخ المختار كان يهدف الى إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي الفاشي لكن النتيجة جاءت عكسيَّة فقد ارتفعت حدَة الثورة وتصاعدت المقاومة والهجمات بتحدي صارخ للجبروت والطغيان الى ان انتهى الأمر بهزيمة القوات الإيطالية الغازية وكنس الاستعمار من ارض ليبياعام 1943
اليوم ونحن نعيش في اعماق النشوة والفخار في رحاب هذه المناسبة الغالية وشيخها الجليل وما تحمله من معاني ودلالات في النضال والحرية والمقاومة نتطلع الى ليبيا الشقيقة وهي غارقة في متاهات الفوضى العارمة فيما يتوارى فيها حلم بناء الدولة الجديدة الديمقراطية ليصبح بعيد المنال اكثر والمواطنين يحرمون من أبسط مقومات الامن والحياة والخدمات وهم يستعيدون ذكريات الاستقرار والرخاء في الوقت الذي يخشى فيه الليبيون بشكل واضح من فشل الدولة واركانها مع زيادة عدد الميليشيات المسلحة التي اُختطفت المؤسسات العامة لتسخيرها للمصالح الحزبية أو القبلية والجهوية وهو ما يهدد بقاء ليبيا موحدة بينما استنفذ الصراع وفساد النخب الحاكمة منذ 2011 القسم الأعظم من الثروات والموارد في كل ارجاء البلاد
المطلوب مع عبير الذكرى الـ 90 لاستشهاد الشيخ المختار ( اسد الصحراء ) وقف الحرب الأهلية المريرة وفتح الأبواب أمام طي صفحة الصراع والاقتتال وبناء هيكل أمني موحد وتفعيل الحوار السياسي الذي عقد مؤخرا تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة كطريق وحيد لإنهاء الصراع واعادة البناء والاعمار وبما يتوافق مع مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة واتفاق الصخيرات
واخيرا ضرورة تشكيل قاعدة مصالحة وطنية شاملة بين الليبيين بعيداً عن التدخلات الأجنبية والعمل على تفكيك الميليشيات والمرتزقة والتطلع إلى المستقبل الافضل وعلى جميع اطراف الصراع والاقتتال ان يفهمو جيدا ان ليبيا ليست مجرد جائزة ينالها الأقوى بل هي بلد يقطنه 6.5 مليون شخص يستحقون الحياة والأمن السلام
mahdimubarak@gmail.com
في حياة الامم والشعوب هنالك قادة وزعماء ورموز خالدين دخلوا التاريخ من اوسع ابواب المجد شهرة ورفعة ومكانة حين سجلوا أروع البطولات التي كتبت بحروف من نور وعزة وفخار وذلك تكريما وتقديرا لمواقفهم المشرفة وتضحياتهم العظيمة في الدفاع عن اوطانهم واعراضهم ودينهم وهويتهم ببذل دمائهم وارواحهم رخيصة في سبيل كرامتهم وحريتهم واستقلالهم بعد دحرهم المستعمرين الغزاة
تحل علينا اليوم الذكرى الـ 90 لإعدام شيخ الشهداء المجاهد البطل العربي الليبي عمر المختار الذى امضى من حياته نحو 20 عام بعد أن أتم الـ 57 ربيع عام وهو يقاتل ويدافع عن ليبيا ضد الغزاة الإيطاليين حتى بلغ الـ 73 وبات مثلاً ونموذجا يحتذى به في القوة والتحمل والمقاومة والثبات رغم تقدم سنه
في مثل هذا اليوم من كل عام يحي الليبيون ذكرى استشهاد عمر المختار على يد القوات الإيطالية المحتلة حيث تسمي ليبيا هذا اليوم بـ ( يوم الشهيد ) وهو عطلة رسمية في البلاد يستذكرون فيه بشرف وكبرياء جهاد الآباء المؤسسون وتوحد وتضحيات وبسالة الشعب الليبي في مقاومة المستعمر الاجنبي
ولد عمر بن مختار بن عمر المنفي الهلالي في 20 آب عام 1858 فى منطقة جنزور بالقرب من مدينة طبرق في شرق ليبيا توفي والده وهو في طريقه إلى مكَة المكرمة لأداء فريضة الحج وقد وصى والده قبل وفاته بأن يكفله عمه الشيخ حسين الذي تولى بالفعل رعايته وأخيه محمد محققاً بذلك رغبة والدهما حيث أدخلهما مدرسة القرآن الكريم بمنطقة الزاوية
ثم ألحق عمر المختار بمعهد الجغبوب لينضم إلى طلبة العلم من أبناء القبائل الأخرى للدراسة وتحصيل العلم على يد كبار علماء ومشايخ الطريقة السنوسية والتي كتبت اعوامها الثمانية التي قضاها في المعهد مصير حياته الجهادي ليتحول طريقه من الدعوة والحكم في فض النزاعات ودرء الخلافات إلى حمل البنادق ووضع التكتيكات والخطط لصد ودحر المحتلين الإيطاليين الفاشيين
اشتهر المختار منذ صغره بالجدية والحزم والاستقامة والصبر وقد لفتت أخلاقه أنظار أساتذته وزملائه وهو لم يزل يافعاً ومع مرور الزمن وبعد أن بلغ أشدَه أصبح على إلمام واسع بالأحداث القبليّة وتاريخ وقائعها اضافة الى قيم الدين والخلق والرجولة
عاش المختار حرب التحرير والجهاد منذ بدايتها ورغم أنه كان معلما للقرآن الكريم وبعض العلوم الشرعية إلا أنه سرعان ما تحول إلى مجاهد وقائدا للمقاومة ضد الاحتلال الإيطالي بعدما أعلنت روما في عام 1911 الحرب على الدولة العثمانية وبدأت إنزال قوَاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة وبعد علمه بالغزو الإيطالي لبلاده سارع إلى جمع المجاهدين وتنظم صفوفهم وتأسيس معسكر للتدريب والمقاومة في منطقة الخروبة ثم انتقل منها إلى منطقة الرجمة شرق البلاد ليلتحق ومقاتليه بالجيش العثماني
مع تولى ( بادوليو ) منصب الحاكم العسكري على ليبيا عام 1929 تظاهر في البداية برغبته للسلام وذلك لكسب الوقت وقد استجاب المختار لندائه بالنزوع للسلام ودخل في تفاوض معه ولكن المفاوضات فشلت فى النهاية وبقيت الثورة الليبية مستمرة عقب ذلك تولى ( جراتسياني ) عمله فى ليبيا
وبدأ سلطاته باتخاذ سلسلة من الإجراءات القمعيَّة والتعسفيَّة حيث أرسل بعض المشايخ إلى سجون إيطاليا وسجن معظم مشايخ وأعيان بنغازي ودرنة في قلعة بنينة كما قرر تنفيذ عقوبة الإعدام على كل من يتعاون أو يتصل بالثوَار أمَا أبرز ما فعله فكان إنشاء ( المحكمة الطائرة ) وهي محكمة بكامل أجهزتها تقطع البلاد على متن الطائرات وتحكم على المواطنين بالموت ومصادرة الأملاك لأقل شبهة وبعد ذلك تمنحها لازلامها من المرتزقة
فى 11 / 9 / 1931 وبينما كان عمر المختار يستطلع منطقة وادي بوطاقة جنوب مدينة البيضاء شرق ليبيا تمكنت القوات الإيطالية من حصاره والقبض عليه بعد تطويقه وتمَ استدعاء أحد القادة الطليان الذين فاوضوه والتقوا به من قبل ليعرفوا على شخصيته وهويته وهو ما أكده الضابط الإيطالي ثم اقتيد إلى مبنى بلدية سوسة ومن هناك نقل على ظهر طرَاد بحري سريع إلى سجن بنغازي وهو مكبل بالسلاسل حيث لم يستطيعوا نقله برا خوفا من رد فعل المقاتلين ومحاولة خطفه
بتاريخ 15 / 9 / 1931 جرت محاكمته صوريا بعدما اعد الطليان المشنقة له وانتهوا من ترتيبات الإعدام قبل بدء المحاكمة وصدور الحكم عليه وفي صباح اليوم التالي للمحاكمة الأربعاء 16 / 9 / 1931 اتخذت جميع التدابير اللازمة لتنفيذ الحكم وتم إحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران وقد أحضر 20 ألف من المواطنين وجميع المعتقلين السياسيين من أماكن مختلفة ليشاهدوا تنفيذ الحكم بقائدهم
أستحضر شيخ المجاهدين عمر المختار الملقب بـ ( أسد الصحراء ) مكبل اليدين والرجلين وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا سلم إلى الجلاد وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على علو منخفض وبصوت مدوي وذلك للتشويش على الحاضرين من الاستماع إلى صوت عمر المختار لكنه لم يتحدث بأي كلمة ثم سار إلى منصة المقصلة وهو شامخ الجبين ينطق الشهادتين وبلحظات خاطفة تم تنفيذ حكم الاعدام في رجل بلغ حينها 73 عام ويعاني من شدة مرض الحمة ليكون اكبر وصمة عار في تاريخ ايطاليا الاجرامي والوحشي
لقد تأثر عمر المختار كثيرا بالحركة السنوسية في ليبيا وكان ذو ثقة عند شيوخها وقادتها وهو ما اكسبه لقب ( سيدي عمر ) والذي لم يكن يحظى به إلا شيوخ السنوسية وقادتها المعروفين وتقديرا له عينه الشيخ ( محمد المهدي السنوسي ) ثاني زعماء السنوسية شيخاً لزاوية عين كلك في السودان من أجل مقاومة الاستعمار الفرنسي هناك كما اختاروه ايضا قائدا للمقاومة ضد الفرنسيين في تشاد ثم كان شيخاً لبلدة زاوية القصور في منطقة الجبل الأخضر عام 1897
بصلابته وقوته كبد الشيخ المقاتل عبر هجماته المتواصلة على معسكرات وجنود الاحتلال الإيطالي خسائر فادحة عبر ضربات خاطفة ومعارك صحراوية كان خبيرا بها ما جعل كل ثكنات روما في ليبيا تشعر بالخوف والقلق وهي معرضة لضربات المقاتلين وقد انتشر صيته عند قادة الاستعمار الإيطالي وقتها وأصبح المطلوب الأول لإيطاليا
من اروع الكلمات الخالدة التي قالها الشيخ المجاهد للمستعمرين الطليان ولا زال يسمع صداها في ارجاء الكون هدير بطولة وعنفوان رجولة ( نحن لا نستسلم بل ننتصر أو نموت وهذه ليست النهاية ) بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليه أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي
يذكر ان الهدف الاساس من إعدام الشيخ المختار كان يهدف الى إضعاف الروح المعنويَّة للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي الفاشي لكن النتيجة جاءت عكسيَّة فقد ارتفعت حدَة الثورة وتصاعدت المقاومة والهجمات بتحدي صارخ للجبروت والطغيان الى ان انتهى الأمر بهزيمة القوات الإيطالية الغازية وكنس الاستعمار من ارض ليبياعام 1943
اليوم ونحن نعيش في اعماق النشوة والفخار في رحاب هذه المناسبة الغالية وشيخها الجليل وما تحمله من معاني ودلالات في النضال والحرية والمقاومة نتطلع الى ليبيا الشقيقة وهي غارقة في متاهات الفوضى العارمة فيما يتوارى فيها حلم بناء الدولة الجديدة الديمقراطية ليصبح بعيد المنال اكثر والمواطنين يحرمون من أبسط مقومات الامن والحياة والخدمات وهم يستعيدون ذكريات الاستقرار والرخاء في الوقت الذي يخشى فيه الليبيون بشكل واضح من فشل الدولة واركانها مع زيادة عدد الميليشيات المسلحة التي اُختطفت المؤسسات العامة لتسخيرها للمصالح الحزبية أو القبلية والجهوية وهو ما يهدد بقاء ليبيا موحدة بينما استنفذ الصراع وفساد النخب الحاكمة منذ 2011 القسم الأعظم من الثروات والموارد في كل ارجاء البلاد
المطلوب مع عبير الذكرى الـ 90 لاستشهاد الشيخ المختار ( اسد الصحراء ) وقف الحرب الأهلية المريرة وفتح الأبواب أمام طي صفحة الصراع والاقتتال وبناء هيكل أمني موحد وتفعيل الحوار السياسي الذي عقد مؤخرا تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة كطريق وحيد لإنهاء الصراع واعادة البناء والاعمار وبما يتوافق مع مخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة واتفاق الصخيرات
واخيرا ضرورة تشكيل قاعدة مصالحة وطنية شاملة بين الليبيين بعيداً عن التدخلات الأجنبية والعمل على تفكيك الميليشيات والمرتزقة والتطلع إلى المستقبل الافضل وعلى جميع اطراف الصراع والاقتتال ان يفهمو جيدا ان ليبيا ليست مجرد جائزة ينالها الأقوى بل هي بلد يقطنه 6.5 مليون شخص يستحقون الحياة والأمن السلام
mahdimubarak@gmail.com