أوجه التعاون الدولي في مواجهة الهجمات السيبرانية
جفرا نيوز - إن الأمن السيبراني هو بُعد جديد ضمن أبعاد الأمن القومي، أحدث تغييرات جوهرية في مفاهيم العلاقات الدولية كالصراع والقوة والتهديد، حيث حتّم على فواعل المجتمع الدولي الانتقال من عالم مادي إلى عالم افتراضي في غاية التعقيد والتشابك .
ويقصد بالهجوم السيبراني في أجهزة الكمبيوتر وشبكات الكمبيوتر، أي هجوم هو يعتبر محاولة لفضح أو تغيير أو تعطيل أو تدمير أو سرقة أو الحصول على وصول غير مصرح به أو استخدام غير مصرح به للأصول.
أن الهجمات السيبرانية التي حدثت طوال هذه السنوات، ولم يتم التبليغ عنها، قد شكلت أسبقية لما يمكن أن تعدّه الدول سلوكاً سيبرانياً مقبولاً، خاصة في ظل عدم احتجاج الدول التي تعرضت لهذه الهجمات. وأن المشكلة تكمن في حال وقوع هجوم أو تجسس سيبراني، فلا توجد هيئة قانونية دولية يمكن أن تلجأ إليها الدولة المتضررة وتطلب منها إصدار أمر بالتحقيق في الحادث وجمع المعلومات أو الأدلة، كما لا تستطيع محكمة العدل الدولية الاضطلاع بهذا الدور، وأي أدلة يتم جمعها سوف تصنَّف على أنها سرية، وقد تتضمن معلومات حساسة سياسياً؛ لذلك فإن ترك الدول لتجري تحقيقاً مع نفسها لن يجدي نفعاً.
وبالتالي ، لا بد من وجود قوانين دولية ملزمة فيما يتعلق بتنظيم العمليات السيبرانية؛ لأن المشكلة تكمن في أن العديد من الدول تتصرف دون رادع قانوني في هذا الشأن، وتتحول ممارساتها بمرور الوقت إلى أمر مألوف وكأنه لا ينتهك القانون الدولي.
أن التحدي الرئيسي أمام تطبيق مبادئ وأحكام القانون الدولي على الفضاء السيبراني يتعلق بتفسير القانون الدولي للعمليات السيبرانية، فثمة خلافات ماتزال قائمة حول هذا المفهوم بين بعض الدول، وهو ما يمثل عقبة أمام التوصل إلى منظومة قانونية لتنظيم الفضاء السيبراني بأبعاده المختلفة؛ ولهذا لا بد من قيام المجتمع الدولي بتبني معاهدة دولية ملزمة في هذا الشأن ، فلا يمكن تطبيق القانون الدولي على الفضاء السيبراني إلا بعد تجربة طويلة مباشرة من جانب الدول ومناقشة حول كيفية تطبيقه، وهذا يتطلب تعديلات في القوانين والمعايير الدولية في المستقبل.
وهنا لا مناص من تعزيز دور التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي في مواجهة هذه الهجمات، وتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين الدول وتبادل المعلومات الخاصة بالعمليات السيبرانية، والعمل على صياغة منظومة قانونية دولية محوكمة للتعامل مع العمليات السيبرانية يتم الالتزام بها من جانب جميع دول العالم، وينبغي على الأمم المتحدة في هذا السياق أن تشجع الدول الأعضاء على تطوير وكشف نهجها بشأن تطبيق القانون الدولي على الفضاء السيبراني.