أسبوع آخر من التفاوض ... ولبنان إلى مزيد من الإنهيار

جفرا نيوز- بصراحة مطلقة ومن دون لفّ ودوران لم أفهم بعد، ومعي جميع اللبنانيين لم يفهموا أيضًا، لماذا كل هذه المماطلة في تشكيل الحكومة؟ والغريب في الأمر أن الجميع يجمعون، بمن فيهم المعرقلون والمعطّلون، على أن الحكومة، التي لا يزال مصيرها معلّقًا على رضى فلان وخاطر علتان، هي الحلّ الوحيد المتبقّي لإنقاذ لبنان من المصيبة الواقع فيها.


وبما أن هذه هي الحقيقة المجرّدة، أقّله هذا ما يُعلن عنه، فلماذا لا تزال المفاوضات حول شكل الحكومة في مربعها الأول، خصوصًا أن الذين يعرفون التفاصيل "الشيطانية" يستغربون كيف لا يصار، وفي أسرع ما يمكن، إلى تشكيل حكومة "الأمل"؟ فما يمكن إنقاذه اليوم قد يصبح متعذّرًا غدًا. هذا ما يقوله الخبراء، الذين هم على تواصل دائم مع الخارج، الذي أصبحت لديه خشية حقيقية من عدم إمكانية إنقاذ لبنان قبل أن ينهار كليًا.

ما يقوله بعض هذا الخارج لا يطمئن. وهذا ما سمعه المسؤولون، الذين يُفترض أن يكون مفتاح الحلّ بين أيديهم. فإذا إنهار كل شيء فلا يعود ينفع هؤلاء شيء، وبالأخص الذين لا يزالون يطالبون بحقيبة من هنا وبوزير من هناك، وتارة بثلث معطّل، وطورًا بمركزية القرار. فمن لديه الكثير ليس بحاجة إلى القليل. وهذا الكثير المعطى له سيزيد متى وضعت العربة على سكّتها الصحيحة، ومتى توافر الحلّ الممكن. ويشبّه المتفائلون الحلّ الممكن بكرة الثلج، التي سرعان ما تكبر مع كل إندفاعة لها إلى الأمام. ولكن المهمّ أن يكون هناك إرادة حقيقية بتكوين تلك الكرة المرجّح لها أن تكبر متى تخطّت دحرجاتها الأولى.

المطلوب اليوم، وقبل فوات الآوان، وقبل أن تحلّ ساعة الندم، بعضٌ من التنازلات. من هنا ومن هناك. فرقصة التانغو لا تكتمل مشهديتها إلاّ إذا تواجد على حلبة الرقص شخصان مستعدّان على تنسيق الخطوات حتى تحظى في النهاية بتصفيق الجميع.
ما شهده الأسبوع المنصرم لا يبشرّ بكثير من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى حلحلة معينة. فهناك من لا يزال يعتقد أن وضع البلد يسمح بممارسة هواية المناورات، أو مقارعة طواحين الهواء.
وعليه، يطلع علينا اليوم فجر جديد، ومعه بعضٌ من أمل، مع العلم أن الإتصالات التي يجريها الرئيس المكّلف نجيب ميقاتي لم تتوقف، حتى على رغم توقّف عدّاد اللقاءات في القصر الجمهوري.

البدائل جاهزة. ولكن ليس قبل آخر المحاولات. فإذا كان التجاوب على قدر الأمنيات يكون المسار التأليفي قد رسم أولى خطواته الضرورية، والتي لا بدّ منها، وذلك تمهيدًا لولادة قريبة لحكومة "المهمّة" بمواصفات فرنسية، وبخلطة لبنانية "سحرية" تتوافق، في حال ذُلّلت العقبات، مع متطلبات المرحلة المصيرية، التي تتطلب تعاونًا إيجابيًا من قِبل الجميع، وبالأخصّ الذين يُعتمد عليهم لتسهيل "المهمّة الصعبة" للحكومة الموعودة قبل الوصول إلى الخيارات البديلة.
وبالصراحة نفسها ننهي ما بدأنا به، لنخلص إلى القول بأن البلد ينهار كل يوم أكثر من يوم. وهذا ما يحتّم علينا المطالبة بوقف "الدلع السياسي" والكفّ عن سياسة التعطيل والمراهنة على المتغيّرات الإقليمية... وإلاّ فتّشوا عن بلد آخر.