د.مهند مبيضين يكتب …محمد داودية معلماً
جفرا نيوز - كتب - د . مهند مبيضين
في سيرة الاستاذ محمد حسن سليمان الداودية التي يعكف عليها، الكثير من المودات والأسفار والمحطات النادرة، التي تمثل انموذجا اردنيا فريداً في سيرة النخبة السياسية الأردنية.
ابن الطفيلة المولود عام 1947 في H4 أو الجفور التي كانت آنذاك جزءاً من موجودات شركة بترول العراق خط حيفا بغداد، عاش طفولته المبكرة وشبابه في المفرق التي كانت مدينة التعدد وشاهد التنوع الكبير، وهو الذي تفتح وعيه على صدمة النكسة عام 1967، في صيف ذلك العام كان في المفرق وشاهد الطائرات تقلع لمواجهة العدو، وشهد قصف العدو لمطار القاعدة الجوية هناك.
ثم عاد للتدريس في احدى قرى الشوبك، ولعلها قرية من حزام القرى المحطية بنجل، وواحدة من سلسلة قرى قديمة موغلة في القدم من سلسلة قرى الآبار المتعددة مثل بير الدباغات وبير خداد وبير ابو العلق بير الطافي وبير ابن جازي..
سردية المعلم والسفير والحزبي والصحفي والكاتب، جعلت في محطات الحياة لوحات تمّ بعضها، وبعضها بقي مؤجلاً، ولعلّ أجملها ما كان بين محطتي الصحافة والتعليم، كان داودية معلماً متشبعاً بروح العروبة، يقول: «لم يكن أمامنا إلا ان نلتحق باحدى التنظميات الحزبية، ولا يجوز ان تبقى كشب قاعدا بدون حزب» آنذاك كانت الحزبية حرفة تدفع بالمهن واصحابها إلى التفاعل مع قضايا وطنهم وأمتهم من معلمين ومحامين وقادة مجتمع.
يُقر داودية بأنه حاول كتابة راوية احداث أيلول، وفتح ارشيفها المغلق، ذات يوم بدأ بالفكرة، ثم عين سفيراً، ثم توقف المشروع لكراهيات المواقع والأدوار التي وأدت فكرة جميلة.
أحد اهم فصول الحياة تكمن في ان تكون معلماً قادراً على التغيير، وذات يوم تفكّر الرجل في مصائر أهل القرية التي كان يدرس ابناءها ويحول بينهم وبين الذهاب للتجنيد كمكلفين، ناصحاً اياهم بالعلم كي يصبحوا ضباطاً وليسوا أفراداّ، يومها كانت «الكونتنتال تأتي للقرية وتهذب للمدرسة وتَلُمْ الطلاب الراغبين بالالتحاق بالتنجيد..».
وكان سكان كل القرى، يؤمنون بالخرافات والحجب والتمائم، فرغب أبو عمر باقناع الناس بزيف المنجمين والعرافين، فأتي بشخص من أهل القرية والبسه لباساً تنكرياً ووضع له لحية وشوارب ولون وجهه بحيث يبدو عرّافاً، وادخله على الطلاب، ومن الطبيعي كونه من أهلا القرية ان يُحدّث كل طالب بحقائق عن أهله، وهنا تفاجأ الطلاب بما يقوله العرّاف، ولمّا انتهى المشهد وصدقوا ما قيل، نزع العراف كل مظاهر التنكر، وتفاجأ الطلبة، وعندها تعلموا درساً بعدم تصديق مدّعي الغيب.
نعم المعلم هو من يغير ويحدث الوعي، فتحية لك أبا عمر معلما بارعا وكاتبا حرًا وسفيرًا جميلًا أردت ان تدخل زمن ما بعد النكسة بالوعي واستعادة الذات، والتخلص من الخطابات والفكر الذي الحق بنا الهزمية.
ختامًا قال نزار قباني:
«إذا خسرنا الحرب لا غرابه
لأننا ندخلها..
بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابه»