يا مرسال المراسيل


جفرا نيوز -  بقلم: الدكتور محمد أبوعمارة

ركبت السيارة صباحاً وأنا في مزاج عال العال وترافقني ابنتي وصديقتي جودي، اقتربت نحو الراديو ووضعت اسطوانه (فيروز) وسافرت معها في تلك الموسيقى القادمه من كوكب آخر وبصوتها ذو المذاق الغريب ! 
……يا مرسال المراسيل عالضيعة القريبة... خدلي بدربك هالمنديل وأعطيه لحبيبي...
وأثناء اندماجي المطلق مع تلك الكلمات وإذا بجودي تغلق الاسطوانه وتقول: بابا ممكن سؤال؟! 
-تفضلي...
-بابا مين مرسال المراسيل، وشو يعني!! 
-ربما قصدت فيروز ساعي البريد! أو الحمام الزاجل!
-ومن هو ساعي البريد؟
-هو الشخص الذي كان يحمل الرسائل والبريد من مكان لآخر لأنه كان وسيلة التواصل الوحيدة في ذلك الزمان – يعني ساعي البريد هو نفس "الواتس آب" أو "الماسنجر" أو "الفيس بوك"؟!
وهنا ذهب فكري إلى (أبوبلال) ساعي البريد الذي كان يعمل في البريد الموجود في منطقتنا وقد كان ضخم البنية أجعد الشعر غليظ الشارب، يا إلهي ما هذه المفارقة هل أبو بلال أصبح "واتس آب"
-وأجبت... مش بالزبط، بس يعني نفس الفكرة، بس ساعي البريد كان إنسان مش تطبيق!!
-وليش هالغلبة هاي كلها!!
-لأنه ما كان في تطبيقات ذكية زمان، جودي دعيني أكمل الإستماع للأغنية.
-حاضر...
وصدحت فيروز... عالداير طرزتو شوي إيدي والإسواره... حكيتلو إسمه عليه بخيطان السنارة...
وتتدخل جودي مره أخرى...
-بابا... هي فيروز كانت تعرف تطرز؟!
-الظاهر آه، لأنه معظم بنات هذيك الأيام كانوا يتقنوا معظم الأشغال اليدوية.
-طيب وين تدربت على التطريز؟!
-بالبيت...
-يعني إمها دربتها
-غالباً آه!!
-طيب ماما بتعرف تطرز؟!
-اسأليها واتركيني أكمل الأغنية...
-اسفه بابا أزعجتك!!
حيكتلوا إسمه عليه بخيطان السناره... بخيطان الزرق وحمر وغناني الصبيان السمر كتبتله قصة عمر بدموعي الكيتبه خدلي بدربك هالمنديل واعطيه لحبيبي...
-بابا بس ليش حكت الصبيان السمر؟! ليش ما حكت البيض والسمر مش هذا تمييز عنصري وتنمر على أصحاب البشرة السمراء!!
-لأ بابا، هي قصدت أبناء الحي اللي هي ساكنه فيه من الكادحين لأنه غالباً الشمس بتغير لونهم حتى لوكان أبيض وبيصروا سُمر، وبعدين رجاء ما تحكي (تنمر) مرة تانيه قدامي هاي الكلمة "بتنرفزني"!!
-آسفه بابا..
بيتو بآخر البيوت قدامه عليه بتوصل عالبيت وبتفوت وبتسلم الهديه
-بابا..
-نعم!
-ليش كل هالغلبة بيته في آخر البيوت ومش عارف شو، كان بعتتله (Location) وريحت حالها...
-معك حق بابا، وسرحت في خيالي عندما كنا نصف البيت أو العنوان لأحدهم "بتمشي (دوز دوز) ، وعند قدم أهلنا من الكويت تم إدخال مصطلح (سيدا سيدا) وبعدين بتلاقي (لويده) بتدخل يمين وعند الشجرة الكبيره في عمود (تلفون) وكان عمود التلفون نادر الوجود لعدم انتشار الهاتف في حينها وقبال العمود دكانة (أبو العبد) إسأله عن بيت (إم ربحي) وبس يدلك ، البيت اللي بدك ياه مقابل دار إم ربحي بالزبط!!
-معك حق يا جودي، الحياة تغيرت وصارت سريعة ومريحة بس خالية من المشاعر والرومانسية والحب (كله يمثل على كله) العلاقات لا يحكمها إلا (البزنس) والمشاعر دافئة بس على الفيسبوك بس باردة كثير بالحقيقة!! 
بر الوالدين وحب الجار ورعاية الأطفال بس على مواقع التواصل الاجتماعي، كل كلمه بحكيها الواحد بلاقي عشرة يحللوها ويحكوا: ابصر شو كان قصده!!
-آه يا جودي شو تغير الزمن والأفكار!!
وتكمل فيروز,,,
خدلي بدربك هالمنديل وأعطيه لحبيبي