ماذا لو كان النائِب/المَيت.. «يهودياً»؟

جفرا نيوز - محمد خروب

ما تزال أصداء وتداعيات تغطية وسائل إعلام العدو الصهيوني لـ«خبر» وفاة عضو الكنيست العربيّ/الفلسطينيّ سعيد الخرومي عن القائمة «الموحّدة» التي يرأسها الإسلامويّ المُتأسرِل منصور عباس (التي بدونها لم يكن لحكومة اليمين/الاستيطاني/العنصري التي يرأسها نفتالي بينيت ان ترى النور), تتردّد في الأوساط السياسية/والحزبية/والإعلامية داخل الخطّ الأخضر وعلى نحو بات أكثر المعتدلين (أي أصحاب مقولة حصر الاهتمام بالشأن الداخلي والخدماتي بعيداً عن الانخراط في هموم القضية الفلسطينية, وما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة), أغلب هذا المعسكر الأَقَلّوِيّ يدرك بأن النظام العنصري في الكيان الصهيوني غير قابل للتغيير أو التراجع عن طروحاته وخطابه الاستيطاني/الكولونيالي/الإحلالي، ولم تكن هبّة فلسطينيّي الداخل التي تزامنت مع مواجهات القدس والضفة والقطاع، والكيفية التي تعاملت بها قوات العدوّ مع فلسطينيي الداخل، سوى الدليل القاطع على ما دأب عليه العدو من ممارسات قمعية وعنصرية تجاه «عرب إسرائيل", كما يُوصَفون من قِبل المؤسسة الحزبية/الأمنية/الإعلامية الصهيونية منذ قيام الكيان حتّى الآن.

نوبة قلبية حادّة ومفاجئة أصابت عضو الكنيست سعيد الخرومي عن 49 عاماً فجر يوم 25 آب الجاري، وبقدر ما كانت الصدمة كبيرة لرحيل برلماني شاب، كانت أيضاً كاشفة للعقلية العنصرية/لإقصائية/الصهيونية الشّامتة، وبخاصة في تغطيتها الإعلامية لموت «عضو كنيست» بصرف النّظر عن هُويّته السياسية/والعرقية..

وباستثناء صحيفة «هآرتس» التي نشرت النبأ على صفحتها «الأولى» -وفق ما نقلت صحيفة الاتحاد الحيفاوية- فإن الصحف المركزية الثلاث: يديعوت، معاريف، وإسرائيل اليوم، لم تحفل بالخبر أو تمنحه تغطية مناسبة بل دحرته في صفحاتها الداخلية، وفي مواقع ثانوية يكاد قارئ النسخة الورقية لا يراه، كما فعلت يديعوت أحرونوت التي وضعته في الصفحة رقم 14، فيما صحيفة اليمين الفاشي/الأوسع توزيعاً مجانياً وانتشاراً..."إسرائيل اليوم» دحرته في الصفحة «15» آخر صفحة للأخبار المحلية. كذلك حال معاريف اليمينية, التي غيّبت الخبر عن صفحتها الأولى ونشرته في أسفل الصفحة العاشرة..

ماذا عن تغطية القنوات التلفزيونية؟

القناة التلفزيونية/20 التابعة لسلطة البثّ الإسرائيلية الثانية -وكما أكّدت صحيفة الاتّحاد الحيفاوية- حيث كانت القناة أول من نقل خبر وفاة عضو الكنيست/سعيد الخرومي، فقد «عقّبت» عليه على النحو التالي: «فقدان الأشرار يبعثُ على السّرور..عضو الكنيست سعيد الخرومي من كتلة «الموحدة».. مات الليلة بنوبة قلبية».

فكيف يمكن للمرء تقبُّل أو التعاطي مع قذارة عنصرية مُتوحشة كهذه، تجد في الموت فرصة للشماتة والتّشفّي، في دولة لا تتوقف آلتها الإعلامية المهولة والمؤثّرة، كما جموع المهرولين تطبيعاً وصفقات وتغَنياً بديمقراطيتها تسويغ خطاب لا أخلاقي كهذا، سيما وأن الحديث يدور عن عضو كنيست انتُخب بطريقة ديمقراطية وغدا ممثلاً لجمهور منحه الثقة، ويحمل الجنسية الإسرائيلية؟

ناهيك عن السردية الصهيونية المُضلّلة التي لا تتوقف عن الإشادة بديمقراطية الدولة الصهيونية، وكيف أن لديها في الكنيست ما نسبته 8% من أعضاء الكنيست الحالي من «عرب إسرائيل» (10من 120) ووصلت ذات مرّة إلى 12.5% عندما فازت القائمة المشتركة بـ"15» مقعداً.. رغم أن فلسطينيي الداخل يُشكّلون نسبة 21% من سكّان «دولة العدوّ»..

هل يحتاج المرء إلى دليل آخر على «أحدث» تجلّيات العنصرية الصهيونية؟

قبل أيام أيضاً في شهر آب الجاري، قرّرت إحدى إدارات وزارة التعليم الصهيونية تعيين معلمة عربية/من فلسطينيي الدّاخل في إحدى مدارس مدينة هرتسليا «اليهودية»... مربية للصف الثاني. لكن أولياء أمور الطلبة تكاتفوا وثاروا اعتراضاً واحتجاجاً على تعيين عربية/فلسطينية لأنها «لا تستطيع تعليم القيم اليهودية بالمستوى والجودة التي يتطلعون إليها». ولم تكن عبارات مُزيفة كهذه سوى تغطية لموقف عنصريّ/استعلائيّ متغطرس تجاه «عربية» ترى في يوم «استقلال» إسرائيل.. يوم نكبتها. ما يعني من بين أمور أخرى أن المسألة أبعد من حكاية «القيم اليهودية» التي هي في نظرهم أعلى وأسمى من أن تقوم بتدريسها مربية فلسطينية, يعلمون أنّها وشعبها ضحية المشروع الاستيطاني/العنصري الصهيوني, الذي لم ينجح في احتلال فلسطين إلّا بعد عمليات متواصلة من التّطهير العرقيّ والإرهاب الدمويّ, ولم تنجح الرواية الصهيونية في الطّمس عليه أو حتّى تجاوزه رغم مرور سبعة عقود ونيّف على قيام الكيان الغاصب.

يبقى السؤال بدون جواب: ماذا لو كان النّائب الميت.. يهودياً؟