البترا الوردية نحو مزيد من الإصلاح الإداري والتنموي

جفرا نيوز - النائب زينب البدول - لواء البترا من المناطق التي تتميز عن غيرها من مناطق المملكة من حيث نمط الإدارة والتقسيمات الإدارية فيها، إذ تدار من قبل سلطة إقليم يحكمها قانون خاص هو قانون سلطة إقليم البترا، نظرا لكون البترا منطقة أثرية سياحية وتجري بها عمليات فنية وإجرائية وإدارية معقدة تتداخل فيها المهام، ويتدفق عليها مئات الآلاف سنويا، ويدير البترا مجلس مفوضين على طريقة التعيين للأسباب التي ذكرنا والتي يتم تبريرها من قبل الحكومات المتعاقبة، وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها سلطة الإقليم في بعض المجالات، والايرادات الكبيرة التي حققتها جراء العملية السياحية؛ الا ان ثمة إشكالات إدارية وتنموية لا زالت قائمة وهي تزداد يوما بعد يوم بسبب النقص الحاصل في التشريعات وغير المنسجمة مع مستويات الحركة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي باتت في تطور مستمر منذ ما يزيد عن عقد من السنوات، وهذا يتطلب منا إعادة النظر في الفجوات والعمل على معالجتها وتحقيق اعلى مستوى من الادارة التنموية القائمة على المشاركة الشعبية.


يتكون لواء البترا من ستة تجمعات سكانية (وادي موسى، الطيبة، ام صيحون، بيضا، الراجف، دلاغة) وهي تمثل مجتمعات متمايزة نسبيا عن بعضها وتتفاوت في مستوياتها الديمغرافية والثقافية والتنموية والإدارية والاقتصادية، وهذا التفاوت بحاجة الى ادارة كفؤة وقانون متطور يحقق التوازن والعدالة والمساواة بين مختلف المكونات وصولا الى تحقيق التماسك الاجتماعي المنشود، فالعملية التنموية عملية شمولية متكاملة تستهدف كافة المكونات وتسعى لإشراك الجميع في مجمل العمليات الاقتصادية والأنشطة الاجتماعية، كما انها تسعى الى تحقيق تكافؤ في مستويات الوصول الى الموارد والفرص والاستفادة منها، وهذا الأمر لا يمكن ان يتحقق في ظل المعطيات الراهنة التي تشكلت في ظروف غير مستقرة نسبيا منذ تسمية البترا كأعجوبة عالمية، رغم النجاحات التي تحققت بها، والامر يعود الى طبيعة ومستوى التوزان الذي من المفترض أن تحدثه القوانين والتشريعات لإدارة السكان والموارد في البترا.


ان اول خطوة ينبغي اتخاذها هي اشراك المجتمعات الستة في ادارة البترا سواء محمية البترا الاثرية او المناطق التابعة، اذ ان طريقة التعيين الكامل للمفوضين مسألة لها سلبيات عديدة، واثبتت بأن تهميش ممثلي المجتمعات الستة في عملية الادارة والمتابعة لكل الشؤون التنموية؛ تسهم في اتساع الفجوة وتركز السلطة في يد أفراد محدودين جدا، ومن هنا فإن المقترح يكون بأن تتم تعديل التشريعات لتسمح للسكان المحليين بالترشح وانتخاب مجلس المفوضين، ولأن مشكلات المحمية الاثرية ذات طبيعة فنية عالية الحساسية؛ فإن التعيين مبدئيا سيكون لرئيس السلطة ومفوض المحمية، بينما يتم انتخاب المفوضين الثلاثة المسؤولين عن قضايا البنية التحتية وتنمية المجتمع المحلي، وفي حال تم العمل على هذا المقترح فإن السكان سينخرطون في الممارسة الديمقراطية وستكون مفوضية البترا مؤسسة حكم محلي وتنمية في آن واحد، ولأن أصحاب المصلحة وهم السكان المحليون أكثر دراية باحتياجاتهم واولوياتهم، فستكون العملية التنموية في احسن حالاتها، ولقد طرحت منظمة اليونسكو في خطة إدارة البترا المتكاملة توصيات تقضي بضرورة إيجاد مجالس محلية لتلك التجمعات؛ تكون مسؤولة عن إدارة شؤونها وتكوين أنوية ديمقراطية تعزز العملية التنموية وتزيد من مستوى التماسك الاجتماعي.


وتبدو مشكلة أخرى قائمة تحتاج الى حلول وهي التقسيمات الادارية للمجتمعات الستة، وهي تقسيمات تحرم تلك المجتمعات من التطور المتكافئ وتخلق مشاكل ادارية وفنية واجتماعية وأمنية سواء مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة أو مع تلك المجتمعات المستهدفة، ما يحتم اجراء اصلاح اداري من قبل وزارة الداخلية واعادة تصنيف تلك المناطق بطرق مثلى، اذ من حق تلك المناطق ان تحظى بالتطوير الاداري والاجتماعي والخدمي.


ان البترا كوجهة عالمية اثبتت جاذبيتها للسياح؛ وهي تحتاج الى مزيد من التطوير والتحسين سواء في البنى التحتية او المشاريع التنموية ذات الاستدامة، او في مجال الادارة المحلية، كما تحتاج تجويد منصب (عمدة البترا) ليكون اكثر تمايزا وعطاء، وهذه المقترحات المتفرقة التي نطرحها ستسهم في المستقبل القريب والمتوسط الى تحويل البترا الى مدينة ذكية تدار وفق اعلى المعايير الدولية الفضلى؛ يكون قلبها النابض البترا الاثرية، وجسدها الحيوي هي المجتمعات السكانية الستة التي تنبض ثقافة وعطاء وتنمية ذات استدامة، متمنية أن تحظى هذه المقترحات باهتمام الحكومة واصحاب القرار.