حكمة الملك.. تُنجح مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة

جفرا نيوز - حسين دعسة
لأول مرة، منذ أكثر من 25 عاماً، تضم العاصمة العراقية، مؤتمراً بمثل حجم «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة».

الملك عبدالله الثاني قال بارتياح وبهجة: «أمن واستقرار العراق هو من أمننا واستقرارنا جميعاً وازدهاره من ازدهارنا».

وأمام رؤساء وحكومات ووزراء ومنظمات عربية إقليمية ودولية، كان من الصعب جلوسها على ذات الطاولة، دعا الملك المنطقة والشرق الأوسط والعالم للانتباه الى العراق الحضارة والقوة والتاريخ المؤثر فأشار جلالته: «لا بد من فتح الباب أمام تحقيق التكامل الاقتصادي والصناعي والتجاري على أرضية من التعاون والتشاركية».

تحدي عقد المؤتمر، إرادة سياسية حاسمة، برغم ارتفاع مستويات التوتر السياسي والأمني والاجتماعي في العالم، تحديداً الحدث الساخن في أفغانستان ولبنان، فلسطين وإيران والعراق وسوريا وغيرها.

إرادة انعقاد مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، دليل على دور العراق المركزي في بناء الجسور وتعزيز الحوار الإقليمي والدولي، رؤية ملكية أعلنها الملك استناداً إلى الجهود التي حرص عليها جلالته منذ العام الماضي بالتنسيق والتشاور أساساً مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعدد من الشركاء في الإقليم والمنطقة.

العراق، ينجح في استقطاب الحوار مع الدول المجاورة، ويتبع ذلك قدرة على الحوار والتشارك والانفتاح على محددات السياسة الأميركية والرؤية الاوروبية، يعمل بجد من أجل ترسيخ: «دولة الدستور والقانون والمؤسسات، وأن دعم البلد الشقيق في هذه الجهود أولوية لنا جميعاً» كما نبه الملك عبدالله الثاني العالم، على أبعاد المسألة العراقية، عربياً، إسلامياً، دولياً، وأممياً..

الرؤية الملكية بدأت قوية، نتيجة نجاح بعض من غايات المؤتمر، فالعراق القوي، بحسب حرص الملك: «يشكل ركيزة للتكامل الاقتصادي الإقليمي وبيئة إيجابية لتعزيز التعاون بين دول المنطقة».

كانت المملكة، ممراً للحال الإنسانية وحركة اللاجئين والعمالة العربية الوافدة، وقوات وهيئات الأمم المتحدة، ما جعل العراق قويا مستندا إلى قراءات ومساعدات ومساهمات اردنية هاشمية، تقر امام العالم وبالذات الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، أنه لا بد من فتح الباب أمام تحقيق التكامل الاقتصادي والصناعي والتجاري على أرض العراق بعيدا عن تأثيرات وتداعيات الواقع السياسي الضارب في عمق الكتل والأحلام والبنى والقوى السياسية والحزبية في العراق، بالذات بعد سنوات من الاحتلال الأميركي، والخروج الذي ترك آثاره على الدولة العراقية وسط صراع إقليمي في دول الجوار والدول الإقليمية في المنطقة.

ظهر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، منحازاً للوطن ولوحدة الأرض العراقية، وبدأ قويا ممتنا لجميع الدول التي تجتمع من أجل العراق في وجود ملك (الأردن) له الحضور الدولي والاقليمي المؤثر ورئيس دولة قوية (مصر) عربياً وافريقياً، عدا عن الرئيس الفرنسي الذي يمثل دولة أوربية لها حضورها في الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن والأحلام، وهنا أشار جلالة الملك إلى الجهود المهمة التي شارك بها الرئيس الفرنسي، فكان حضوره تتويجا للدور الفرنسي في المنطقة وتمهيدا لمستقبل يجمع دول الجوار لدول المنطقة نحو قوة مركزية دولية متكاثفة، يعزز حل نزاعات وخلافات وحروب دول المنطقة الداخلية سواء في أشكالها المسلحة أو الاقتصادية او ما يؤثر منها على مكانة الدولة وشعبها ومستقبل ذلك، على وضع رؤى مشتركة تنهي قضايا المنطقة وفق العدالة والحقوق وصون الأوقاف والحدود، وإعادة الإعمار، في العراق وسوريا ولبنان وليبيا، مع الحرص على أن تكون نظرات العالم مع الحقوق الأساسية للشعوب، وبالذات في فلسطين المحتلة والوصاية الهاشمية على القدس، التي حمت أوقاف القدس المسيحية والإسلامية ومنعت تهويدها.

.. وعندما قال الملك عبدالله: «لقاؤنا اليوم يعكس حرصنا جميعا على دعم سيادة العراق ووحدة أراضيه، ودعم الشعب العراقي العزيز، في مسيرته نحو المزيد من التقدم والتنمية والازدهار»، بدت قاعة المؤتمر تغرق في الجمال وتعلي سنوات من الجهد لبناء العراق: «منذ أعوام، والعراق بجميع أطيافه ومكوناته، يعمل بجد من أجل ترسيخ دولة الدستور والقانون والمؤسسات القادرة على مواصلة التقدم وتحقيق آمال شعبه وتطلعاته، ولذلك فإن دعم العراق في هذه الجهود، هو أولوية لنا جميعاً».

نجاح المؤتمر، نجاح إرادة عربية إسلامية دولية أمنية مشتركة، هدفها، وغايتها الوحدة من أجل مكافحة التطرف والإرهاب، ومنع تدهور هذه الجهود مع الاختلاف الأمني في أفغانستان والتصورات عن الوضع الأفغاني الغامض، وتأثير ذلك سياسياً وأمنياً.

كما، يأتي انعقاد هذا المؤتمر وفق رؤية جلالته التي قال في كلمته أمام المؤتمر: «في وقت دقيق، يشهد فيه العالم الكثير من التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية، والتي سلطت الضوء على طبيعة الأزمات والتحديات العابرة للحدود، مثل نقص الأمن الغذائي وتبعات وباء كورونا، والتي لا يمكن تجاوزها دون إيجاد أرضية مشتركة، تقرب وجهات النظر وتؤسس لحوار جاد وتعزز سبل التعاون والشراكة لمواجهتها»، من هنا كان الحضور المتميز لجامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي، مجلس التعاون الخليجي، منظمات الأمم المتحدة.

.. منذ كان المؤتمر فكرة، وحتى انعقاده، كان للمملكة الأردنية الهاشمية دورها الأساس، بقيادة ملكية، لأهمية ان يصل المؤتمر في بعده الاقتصادي والأمني والسياسي، إلى آليات تأسيس شراكات مستدامة اقتصادية واستثمارية في مختلف المجالات بين العراق ودول المنطقة، وأهمية دور العراق إقليمياً ودولياً.

ما بعد المؤتمر ليس ما قبله.. هي خطورة نقلت صورة الإرادة السياسية الممكنة لحسم ووقف التهور السياسي بنوعية من التكاتف والتشاركية بفضل حكمة يؤمن بها كل من يعرف كيف يتحدى ويصر جلالة الملك على وضع تصورات فكرية وسياسية لحل نزاعات وازمات المنطقة.. ونجاح مؤتمر بغداد يضع نواة لاستشراف المستقبل.