أسعار النفط تركب موجة صعود جديدة... فما هو المتوقع؟

جفرا نيوز - ارتدت أسعار النفط صعوداً من أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، لتقفز بأكثر من 5 في المئة بعد سلسلة خسائر حادة دامت سبع جلسات متتالية، مدفوعة بضعف الدولار الأميركي، على الرغم من مخاوف الطلب التي أذكتها زيادة حالات الإصابة بسلالة "دلتا" المتحورة من فيروس كورونا.


وزاد سعر عقود برنت القياسي، تسليم أكتوبر (تشرين الأول)، بنسبة 5.14 في المئة تعادل 3.35 دولار، ليصل إلى 68.53 دولار للبرميل.

كما قفز سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم أكتوبر، بنسبة 5.33 في المئة، تعادل 3.31 دولار ليصل إلى 65.36 دولار.

وجاءت مكاسب النفط أيضاً بعد أن قدم تراجع الدولار الأميركي، الذي يُعد ملاذاً آمناً، بعض الدعم، ما جعل الخام أقل تكلفة لحائزي العملات الأخرى.

وفي وقت تترقب الأسواق ما سيقرره "أوبك+" مع تقلبات الأسعار، يؤكد متخصصون بأن "الكارتل النفطي العالمي" سوف يستمر بسياساته كما هي، بواقع 400 ألف برميل يومياً على مدار شهري، اعتباراً من أغسطس (آب) الحالي.

ويبدو أن موجة تصحيح قد بدأت، في وقت أشارت فيه مؤسسات وبنوك دولية إلى أن الأسعار تسير صوب 80 دولاراً للبرميل، مع التعافي من الجائحة.

خسائر أسبوعية حادة

وكانت أسعار النفط قد سجلت تراجعاً حاداً في الأسبوع الماضي في ثالث خسارة أسبوعية على التوالي، وبأكبر وتيرة خسائر أسبوعية في أكثر من تسعة أشهر وتحديداً منذ أكتوبر 2020.

وهوى سعر عقود برنت القياسي، تسليم أكتوبر، بنسبة 7.7 في المئة مسجلاً أدنى مستوى منذ مايو (أيار) الماضي، عند 65.18 دولار للبرميل، فيما نزل سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم سبتمبر (أيلول) خلال الأسبوع إلى 62.14 دولار، وهو أيضاً أدنى مستوى منذ 21 مايو الماضي.

كما تأثرت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي سلباً، بارتفاع قيمة الدولار الأميركي لأعلى مستوياته في تسعة أشهر، بعد اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى تقليص وتيرة مشتريات الأصول.

قيود جديدة

ومع ارتفاع معدل الإصابة بفيروس كورونا، يفرض مزيد من الدول قيوداً جديدة على السفر.

وقال كازوهيكو سايتو، كبير المحللين لدى "فوجيتومي سيكيوريتيز" لوكالة "رويترز"، "نتوقع مزيداً من التعديلات هذا الأسبوع"، مضيفاً "معنويات السوق ستظل تشاؤمية على الأرجح مع تزايد المخاوف بشأن وتيرة أبطأ للطلب على الوقود في مختلف أرجاء العالم".

انتشار "دلتا"

في هذا الصدد، قال المتخصص في شؤون النفط محمد الصبان، إن الانخفاض الذي حدث في أسعار النفط الأسبوع الماضي يرجع إلى عدة أسباب، أبرزها انتشار "دلتا"، بالتالي زيادة القيود من قبل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة والصين، وأيضاً بعض دول الاتحاد الأوروبي في محاولة لمواجهة الإصابات ومنع انتشار الفيروس.

وأضاف الصبان، أن العالم تعلم دروساً عديدة من عام 2020، متوقعاً أن يتم احتواء "دلتا"، مشيراً إلى أنها عامل تأثير مؤقت على أسعار النفط، ولا تشكل تهديداً على المدى الطويل.

وأشار الصبان إلى أن العامل الآخر تمثل في ارتفاع مؤشر الدولار، إذ صاحب ارتفاع العملة الأميركية الأسبوع الماضي انخفاض أسعار جميع السلع التي تسعر بها، موضحاً أن التراجع جاء على الرغم من انخفاض مخزونات النفط الأميركية.

وأكد أن اجتماع "أوبك+" مطلع سبتمبر المقبل، سيأخذ في الاعتبار كل هذه التطورات في الأسواق للخروج بالقرار السليم.

وأشار إلى الدور المحوري الذي تلعبه السعودية وروسيا في قيادة التحالف إلى بر الأمان، مضيفاً أنه من الممكن أن تجد الأسواق نفسها أمام تعديل بسيط، لكن لن تكون هناك زيادة في الإنتاج الشهر المقبل.

وتابع الصبان أن "وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أكد أن هناك دائماً فرصة للمراجعة والتعديل"، مضيفاً أن تدهور الأسعار الحالية هو نتيجة لعوامل مؤقتة، ولازال أمامنا أسبوع حتى موعد الاجتماع، وقد تتفاعل السوق مع التسريبات التي تسبقه بأيام، إلى حين أن يتأكد القرار بعد نهايته، إذ يمكن أن يلغي التحالف زيادة سبتمبر المقبل.

ارتفاع مخاوف المستثمرين

وقال الرئيس التنفيذي لمركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية في لندن، طارق الرفاعي، إن السبب الأساس لانخفاض النفط بشكل حاد، بخاصة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، يرجع إلى ارتفاع مخاوف المستثمرين بسبب "دلتا"، وإغلاق مدن في الصين، وارتفاع حالات كورونا في أوروبا بشكل عام، ما أدى إلى تردد المستثمرين عن دعم أسعار النفط فوق 75 دولاراً.

وأوضح الرفاعي، أن هناك بعض الاقتصادات الأخرى القوية مثل أميركا، ما زال الطلب على النفط فيها في نمو مستدام وقوي، بخلاف بعض الدول الأخرى مثل الصين، لافتاً إلى أن منظمة "أوبك" وتحالف "أوبك+" في موضع صعب هذه الأيام، لعدم القدرة على توقع أسعار الخام خلال الفترة المقبلة، بخاصة خلال العام الحالي في ظل التغيرات التي تحدث جراء أزمة كورونا والتأثيرات المتعلقة بها.

لا تغييرات في سياسة "أوبك+"

وأضاف الرفاعي، أنه خلال الفترة الراهنة لا توجد أي تغييرات في سياسة "أوبك+" تجاه خفض الإنتاج، فقبل شهرين وافق على رفعه، مشيراً إلى أن حدوث تغيير مفاجئ لهذه السياسة لا بد أن يكون وراءه تغيير جدي في الاقتصاد العالمي، وهو ما لم نره هذه الأيام.

وتابع "نلاحظ مخاوف من قبل المستثمرين، وهذه ردة فعل وتوقعات مستقبلية، وهناك تباطؤ في الاقتصاد، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تغييرات في سياسة التحالف، لكن في الوقت الحالي لا يوجد تغيير".

المعروض أعلى من الطلب

من جانبه، قال محلل أسواق النفط العالمية، أحمد حسن كرم، إن تراجع أسعار النفط العالمية أخيراً نتيجة لتأثر الأسواق بارتفاع معدلات الإنتاج من قبل تحالف "أوبك+"، وفق الاتفاق الأخير، يرفع المعروض النفطي إلى مستويات أعلى من الطلب.

وتابع كرم، أنه ربما تكون "أوبك+" استعجلت بقرارها الأخير بزيادة الإنتاج، إذ كان الأجدر بها أن تتريث قليلاً حتى تصل أسعار النفط إلى المعدلات المرجوة.

وذكر كرم أنه مع انخفاض أسعار النفط إلى المستويات الحالية سيكون من الصعب تغيير هذا الاتفاق بالسرعة القصوى، وهو ما سيضع "أوبك" في موقف محرج أمام الدول الصناعية والمستهلكة، وسيوضح للعالم أجمع بأن المنظمة تسعى إلى الأسعار العالية.

وأفاد كرم بأن "أوبك+" قد تكون قادرة على خفض إنتاج النفط في الاجتماع المقبل من خلال وقف عمليات زيادة الإنتاج أو تثبيتها على المعدلات الحالية.

إندبندت عربية