الهوية بين الوهم والحقيقة
جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
نعود للحديث عن الهوية وقد أصبح الموضوع ذو شجون مؤخراً، فنقول - بعيداً عن فذلكات علماء النفس وعلماء الإجتماع – إن الهوية المشتق لفظها من الضمير "هو" تعني مجمل السمات التي تميز شيئاً عن غيره، أو شخصاً عن غيره، أو مجموعة عن غيرها، أما المصطلح المتداول حالياً فيعني مزيج من الخصائص الاجتماعية والثقافية التي يشترك بها الأفراد، ويمكن على أساس ذلك التمييز بين مجموعة وأخرى، وضمن هذا الفهم يمكن أن تكون لعشيرة معينة ضمن قبيلة معينة هوية تميزها عن غيرها من عشائر القبيلة، والقواسم المشتركة للهويات الفرعية لمجموعة العشائر تشكل هوية جامعة للقبيلة
وهكذا نقيس كلما اتسعت الدائرة حتى نصل إلى الهوية الجامعة للشعب أو الأمة، والهوية بموجب هذا التعريف تشكل مفهوماً ديناميكياً متحركاً بسبب التداول المستمر للثقافات والأفكار بين الشعوب والأمم، وهو ما عبر عنه المفكر محمد عابد الجابري عندما قال بأن هوية أية أمة أو مجتمع ليست أمراً سرمدياً أو ثابتاً ....
وبالعودة إلى السياق المحلي حيث يستعر النقاش حول الهويات الفرعية منها والجامعة، وأن تعديلاً معيناً على قانون الإنتخاب قد يمس بالهوية الوطنية للدولة، نقول بأن الدولة ككيان يضم كل مواطنيها لا هوية لها، فالهوية للمجموعات والشعوب وليس للدول، فدول أوروبا الشرقية بعد عام 1990 شهدت تغييرات جوهرية في أنظمتها الإقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلا ان ذلك لم يغير قيد أنملة من هويات شعوبها، ونضيف هنا أن شعوب الدول الكبيرة التي تضم كل منها العديد من الأعراق والإثنيات والتي تختلف في الكثير من صفاتها لا يجمعها إلا الانتماء إلى أرض واحدة وتاريخ واحد وتطلعات مشتركة ....
إن التقدم المعرفي والتكنولوجي الهائل وسهولة التواصل بين الامم والشعوب والاطلاع المتبادل على الثقافات إضافة إلى التغير الجوهري في سمة العصر، جعل الهويات الوطنية وخاصة ما يتصل بالمحتوى الاجتماعي والثقافي تتخلي تدريجياً عن سماتها المحلية، إضافة إلى تراجع كبير في دورها وفي أهميتها، واصبحت الشعوب تتميز عن غيرها بما تنتج وتساهم في رفاه البشرية، فسيارات "المرسيدس" في ألمانيا وأجهزة الخلوي "سامسونغ" في كوريا وماركات العطور والأزياء الفرنسية وماركات "الجينز" الامريكية أصبحت علامات تميز الشعوب التي تنتجتها اكثر من أزيائها الوطنية ومأكولاتها الشعبية
وبالعودة إلى السياق المحلي حيث يستعر النقاش حول الهويات الفرعية منها والجامعة، وأن تعديلاً معيناً على قانون الإنتخاب قد يمس بالهوية الوطنية للدولة، نقول بأن الدولة ككيان يضم كل مواطنيها لا هوية لها، فالهوية للمجموعات والشعوب وليس للدول، فدول أوروبا الشرقية بعد عام 1990 شهدت تغييرات جوهرية في أنظمتها الإقتصادية والاجتماعية والسياسية، إلا ان ذلك لم يغير قيد أنملة من هويات شعوبها، ونضيف هنا أن شعوب الدول الكبيرة التي تضم كل منها العديد من الأعراق والإثنيات والتي تختلف في الكثير من صفاتها لا يجمعها إلا الانتماء إلى أرض واحدة وتاريخ واحد وتطلعات مشتركة ....
إن التقدم المعرفي والتكنولوجي الهائل وسهولة التواصل بين الامم والشعوب والاطلاع المتبادل على الثقافات إضافة إلى التغير الجوهري في سمة العصر، جعل الهويات الوطنية وخاصة ما يتصل بالمحتوى الاجتماعي والثقافي تتخلي تدريجياً عن سماتها المحلية، إضافة إلى تراجع كبير في دورها وفي أهميتها، واصبحت الشعوب تتميز عن غيرها بما تنتج وتساهم في رفاه البشرية، فسيارات "المرسيدس" في ألمانيا وأجهزة الخلوي "سامسونغ" في كوريا وماركات العطور والأزياء الفرنسية وماركات "الجينز" الامريكية أصبحت علامات تميز الشعوب التي تنتجتها اكثر من أزيائها الوطنية ومأكولاتها الشعبية
أما محلياً فقد أخذت السمات المميزة للمجموعات والمناطق المختلفة بالتغير، فعلى صعيد ملابس النساء فقد اختفت "المدارق" والأثواب الفلاحية والبدوية التي كانت أمهاتنا ينفقن الوقت الطويل في تطريزها وإنتاجها وكانت تختلف وتتمايز من منطقة إلى أخرى، وحلت مكانها الجلابيب أو الملابس الأوروبية وكذلك حصل مع ملابس الرجال، حتى الأسماء التي نحملها تغيرت كثيراً، فقد اختفت إلى غير رجعة أسماء جداتنا من مثل وصايف ومشخص ووطفه واستبدلت بسيلين وتاليا وبانا، وللذكور لم نعد نسمي أبناءنا زعل ومتعب ومفضي فحل مكانها شادي وفادي ووسام، أما على صعيد الماكولات فقد حلت البيتزا والسباغيتي والفوتوشيني مكان المجللة والمكمورة والجريشة
أما عن لهجات المناطق فحدث ولا حرج، فبناتنا ولله الحمد من كافة المنابت والأصول أصبحن يتحدثن بلهجة هجينة فيها من الكلمات اللبنانية والدمشقية والمصرية وحتى الاجنبية الشيء الكثير، من مثال "فِيُّو" بدلاً من "فيه" و"إزا" بدلاً من إذا و"مرسي" بدلاً من شكراً والقائمة تطول، أما عن طقوس الاعراس فقد بدأت حفلات الدبكة والسامر والتي كانت تستغرق عدة أيام بالتراجع لصالح ساعة أو ساعتين في قاعة أو مزرعة واختفت اغانينا واهازيجنا الشعبية والتراثية وسادت بدلها أغاني عمرو دياب وأليسا ونانسي عجرم .... هذا ما عاصرناه وشاهدناه بأم أعيننا فكيف سيكون الحال بعد خمسين أو مئة عام من الآن .... ويأتيك من يتحدث عن ضرورة المحافظة على الهوية الوطنية وحمايتها من الذوبان ......
لم يعد يهم المواطن العادي كثيراً موضوع الهوية والجدل الدائر بشأنها، فقد أصبح تأمين مستلزمات الحياة الكريمة هو الاولوية القصوى أما الهوية المحلية الفرعية أو الوطنية الجامعة فلم تعد ذات قيمة مقابل "بطاقة الهوية" التي نحملها في جيوبنا وتميزنا عن غيرنا بإسم وصورة ورقم وطني.... وحتى هذه الهوية ستختفي أيضاً وستحل محلها "الهوية الرقمية" قريباً....
لم يعد يهم المواطن العادي كثيراً موضوع الهوية والجدل الدائر بشأنها، فقد أصبح تأمين مستلزمات الحياة الكريمة هو الاولوية القصوى أما الهوية المحلية الفرعية أو الوطنية الجامعة فلم تعد ذات قيمة مقابل "بطاقة الهوية" التي نحملها في جيوبنا وتميزنا عن غيرنا بإسم وصورة ورقم وطني.... وحتى هذه الهوية ستختفي أيضاً وستحل محلها "الهوية الرقمية" قريباً....