عندما هرب الرئيس بملايين الدولارات
جفرا نيوز -كتب فايز الفايز
تماماً، مثل قصص باولو اسكوبار قطب المخدرات العالمي الذي هرب وعائلته بمليارات الدولارات وخبأ أكياسا مليئة بالعملة الصعبة في كهوف وبيوت لم يتم الاستدلال عليها إلا بعد سنوات، هرب الرئيس الأفغاني «أشرف غني» بأكياس مليئة بالدولارات وما طالته يداه مما خف وزنه وزاد ثمنه، فقد حملت اربع سيارات أكياس المال الى المطار، وما لم تستطع الطائرة المروحية حمله ترك على مدرج المطار، وهذا حسب السكرتير الصحفي للبعثة الدبلوماسية الروسية في كابول نقلا عن «نوفوستي».
المضحك المبكي للقادة الخونة يتضح جلياً في ذلك الرجل الذي فرّ الى طاجكستان، فاسمه «أشرف» وعائلته «غني» وهو يحمل الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولومبيا وكان رجل البنك الدولي المشهود لعملائهم حول العالم، وعاد الى بلده افغانستان لينخرط في العمل السياسي كمنظر قد يعيد البلد الى سكة الاصلاح وانتشاله من براثن الحرب والفقر والتشرد، ليصبح رئيساً في القصر الرئاسي محمياً من القوات الأميركية التي تحتل بلده، فيما مقاتلو طالبان ينامون في الكهوف وعلى رؤوس الجبال وبطون الأودية ويحاربون باسلحة تقليدية، قبل أن يعيدوا القصر ?لرئاسي الى تحت أقدامهم.
كل تلك الميزات التي يحملها اسم الرئيس الذي لم يكن يحكم إلا غرفة نومه، لم تعطه حافزا ليقرأ معنى الاسم فانتهى غير شريف ولا غني، وهذه صفات لا يستطيعها إلا الوطنيون الأغيار لا العملاء التجار، ولو بحثنا في غير بلد من بلاد المشرق سنجد مثيلا له في صفاته المرعوبة، فهو كان مستسلما لإرادة الغرب الذي يبحث عن موطء قدم أمام الصين وروسيا وإيران وأي هدف يشكل خطراً على أمن الولايات المتحدة وحلفائها، ولم يساعد في جمع شمل الشعب الأفغاني الذي أهلكته الحروب الطويلة.
إن أسوأ ما قد تسمعه هو أن يهرب رئيس دولة من بلده ويتجه الى المنفى الطوعي، خصوصاً إذا بلغ من العمر عتياً، أو رئيس وزراء لدولة يُقال بعد فشله في إصلاح بلده سياسيا واقتصاديا ثم ينقل أمواله وأموالاً اقترفها الى بلاد محترمة...
ورغم ذلك فلنا من التاريخ القريب أمثلة عربية لم يهرب قادتها، فالعراق الذي احتلته جيوش الولايات المتحدة وحلفاؤها، ولكن الرئيس صدام حسين لم يفرّ خارج بلده ولم يحمل خزينة الدولة على ظهره، والتقارير الجديدة نفت رواية الحفرة التي صوروها لنا بعد تخديره، ومثله كان الرئيس معمر القذافي الذي قدم له المبعوث الأممي فرصة للخروج بما يريد ومن يرده معه، ولكنه رفض وبقي يقاتل، حتى قُتل برصاصة قناص من بين الرعاع قيل إنها غير ليبية، ومع هذا لا نعطيهم مبررا لعدم إرساء التقاليد المحترمة في الحكم ومنح الحريات والتعاون مع دول العا?م بعيدا عن الدولة البوليسية.
الولايات المتحدة دولة عظمى ومصالحها تمتد عبر العالم، ورغم انهزامها وترك الساحة لعودة طالبان مجددا، فقد حققت جزءاً مما سعت له في ذلك البلد المنكوب، ولكنها دفعت ثمناً غالياً وأهم من ذلك أرواح آلاف الجنود الأميركيين، وإنفاق أكثر من تريليون دولار على حرب مع المجهول عبر ثلاثة رؤساء في واشنطن، ولو انفقت المال للتنمية كما تفعل مع دول عربية، لكان بالإمكان تغيير الصورة القاتمة لأميركا في الشرق الذي يراها بعين الريبة.
وبالمناسبة دعتنا السفارة الأميركية بداية العام 2011 لمؤتمر صحفي مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية مايك مولن، للحديث عن قضايا شرق أوسطية، وسألته حينها عن نهاية حروب أميركا في العراق وافغانستان وعودة الجنود الى أهلهم ليشاركوهم عيد الشكر بعد فشل دام عشر سنوات لمطاردة الأشباح، فقدم أمامنا بكل غضب فاتورة جهود الولايات المتحدة وكم قدمت بمن وصفهم شهداءً لصنع الحرية في بلادنا الشرق المظلمة، ثم انسحب من المؤتمر وتركنا مع الموظفين الذين كانت الإبتسامات على وجوههم.. هذا هو الغرب وهذا ما رأيتم البارحة من كوارث ا?شر