الرحلات الجوية العسكرية تقلع من مطار كابل بعد استئناف حركة الملاحة
جفرا نيوز- قال مسؤول أمني غربي في مطار العاصمة الأفغانية كابل لرويترز إن الرحلات الجوية العسكرية لإجلاء الدبلوماسيين والمدنيين من أفغانستان بدأت في الإقلاع صباح الثلاثاء.
وأضاف المسؤول أن مدرج المطار، الذي كان يعج بآلاف من المستميتين على الهرب من العاصمة، بات خاليا من الحشود.
وأوقفت القوات الأمريكية، المسؤولة عن المطار، رحلات الإجلاء بسبب الفوضى.
وأعلن البنتاغون أنّ حركة الملاحة استؤنفت في مطار كابل فجر الثلاثاء بالتوقيت المحلّي بعدما اضطرت القوات الأميركية لوقفها منذ عصر الإثنين بسبب حالة الفوضى التي نجمت عن اكتظاظ مدرّجاته بآلاف الأفغان الذين يحاولون الفرار من بلدهم بعد سقوطه في أيدي حركة طالبان.
وقال الميجور جنرال هانك تايلور المسؤول في هيئة الأركان المشتركة في البنتاغون إنّ المطار أعيد فتحه في الساعة 19:35 ت غ من مساء الإثنين.
وأضاف أنّ طائرة نقل عسكرية من طراز سي-17 هبطت في المطار وعلى متنها عناصر من مشاة البحرية الأميركية وأنّ طائرة ثانية مماثلة على متنها وحدة من الجيش ستليها، في تعزيزات هدفها ضمان أمن المطار.
طائرة إجلاء ألمانية تهبط في كابل
قالت مصادر أمنية لرويترز في وقت متأخر الاثنين إن طائرة حربية ألمانية هبطت في كابل لإجلاء رعايا أجانب وعاملين محليين أفغان.
وقال أحد المصادر إن الطائرة، وهي من طراز إيه400إم، ستقل أشخاصا سيتم إجلاؤهم وستنقلهم إلى طشقند عاصمة أوزبكستان. وأضاف أن الركاب سيسافرون في طائرة مدنية من هناك.
ويستخدم الجيش الألماني طشقند مركزا للجسر الجوي الذي ينظمه إلى كابل. وتعهدت الحكومة الألمانية بإخراج أكبر عدد ممكن من الرعايا الأجانب والعاملين المحليين من أفغانستان ما بقي المطار مفتوحا.
بريطانيا: التنسيق الدولي ضروري لمنع استغلال أفغانستان قاعدة للجماعات الإرهابية
قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إنه ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ناقشا ضرورة التنسيق الدولي لمنع استخدام أفغانستان قاعدة للجماعات الإرهابية.
وأضاف راب على تويتر "تم بحث ضرورة التنسيق الدولي لمنع استخدام أفغانستان قاعدة للجماعات الإرهابية".
وقال إن هناك حاجة إلى نهج أوسع لتخفيف محنة الشعب الأفغاني.
وقال راب أيضا إنه بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا فإن "الأولوية تتمثل في ضمان سلامة مواطنينا وأولئك الذين دعموا عملنا على مدار العشرين عاما الماضية".
أفغانستان وباكستان
قالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تحدث مع نظيره الباكستاني شاه محمود قرشي الاثنين حول الوضع في أفغانستان.
وأضافت الوزارة إن بلينكن أجرى اتصالا هاتفيا اليوم مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار أيضا بشأن أفغانستان.
وباتت أفغانستان الاثنين، في قبضة طالبان مع انهيار القوات الحكومية وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد، فيما احتشد آلاف الأشخاص يائسين في مطار كابل لمحاولة الهرب وسط حالة من الفوضى العارمة.
وتفاقم الوضع في المطار الذي اجتاحت حشود مدارجه إلى حد أنه تم تعليق كل الرحلات المدنية والعسكرية بعد ظهر الاثنين كما أعلن البنتاغون.
وأثار الانتصار الخاطف لطالبان الذين احتلوا مساء الأحد القصر الرئاسي في كابل، حالة من الذعر شهدها مطار العاصمة، نقطة الخروج الوحيدة من البلاد، إلى حيث تهافتت حشود لمحاولة الفرار من النظام الجديد الذي تعهدت الحركة بإقامته بعد حرب استمرت عشرين عاماً.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد فوضى عارمة في المطار حيث يحتشد الآلاف على المدرج نفسه فيما تتمسك مجموعات من الشباب بسلالم الصعود إلى الطائرات.
بعدما أطلقت النار في الهواء الأحد لمحاولة ردع الحشود، أطلقت القوات الأميركية النار الاثنين ما أدى إلى مقتل رجلين "شهرا سلاحهما" كما أعلن مسؤول في البنتاغون.
هذه الحشود لم تقنعها وعود طالبان وتأكيداتها أنه لا ينبغي أن يخشاها أحدٌ وفق ما أفاد شاهد مقرّا بأنه يشعر "بخوف شديد".
وقال شاهد آخر عمره 25 عاما عرف عن نفسه باسم مستعار هو أحمد سقيب، "نخاف أن نعيش في هذه المدينة ونحاول الفرار من كابل".
وأضاف "قرأتُ على فيسبوك أن كندا تقبل طالبي لجوء من أفغانستان. آمل أن أكون من بينهم. بما أنني خدمتُ في الجيش، فقدتُ عملي، وأصبحتُ معرضاً للخطر بمجرد أن أعيش هنا لأن متمردي طالبان سيستهدفونني، هذا مؤكد".
لكن الرحلات التجارية من وإلى كابل ألغيت. وعلّقت شركات طيران دولية تحليق طائرتها في المجال الجوي الأفغاني، بناء على طلب أفغانستان وبسبب الحركة الجوية العسكرية الأميركية.
في المقابل، شهدت العاصمة هدوءا. وكانت الشوارع أقلّ اكتظاظاً من اليوم السابق فيما كان متمردون مسلّحون يسيّرون دوريات كثيفة فيها، ويقيمون نقاط تفتيش.
وأكد أحد المتحدثين باسم طالبان سهيل شاهين أن الحركة أبلغت مقاتليها أنه "لا يُسمح لأحد بالدخول إلى أي منزل بدون إذن".
على حسابات مؤيدة لحركة طالبان على موقع تويتر، تفاخر المتمردون بأنهم استُقبلوا بحرارة في كابل وبأن الفتيات سيعدنَ إلى المدرسة اعتباراً من الاثنين، كما جرت العادة.
"خدمة أمّتنا"
وأشاروا أيضاً إلى أن آلاف المقاتلين يتوجهون إلى العاصمة لإعادة الأمن والنظام.
وأقرّ الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي يعتقد أنه انتقل إلى طاجيكستان، مساء الأحد بأن "حركة طالبان انتصرت".
وفي مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أثنى الملا عبد الغني برادر، أحد مؤسسي الحركة، على انتصارها قائلا "الآن حان الوقت للتقييم والإثبات، الآن علينا أن نظهر أن بإمكاننا خدمة أمتنا وضمان السلام ورغد العيش".
وتكبدت القوات الأفغانية هزيمة تامة بعدما أنفقت عليها الولايات المتحدة مئات مليارات الدولارات طوال عشرين عاماً. ففي عشرة أيّام، تمكّنت طالبان من السيطرة على كامل المناطق الأفغانيّة تقريباً. وهي باشرت هجوماً واسع النطاق في أيّار/مايو، مع بدء الانسحاب الكامل للقوّات الأجنبيّة وخصوصاً الأميركية من البلاد.
وأتى ذلك، بعد عشرين عاماً على غزو تحالف بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان وطرد طالبان من السلطة بسبب رفضها تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في أعقاب اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وكانت الصين الاثنين أول دولة تعلن نيتها إقامة "علاقات ودية" مع حركة طالبان. ومن جانبها، رأت إيران أن ما حصل في أفغانستان "هزيمة" أميركية وفرصة لتحقيق "سلام مستدام".
واعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن "الوضع في أفغانستان وخصوصا في كابل يتجه نحو الاستقرار. تقوم طالبان بإعادة النظام العام".
في المقابل، اعتبر وزير الدفاع البريطاني بن والاس أنه "ليس الوقت" المناسب للاعتراف رسميا بنظام طالبان. ووصف عودة طالبان إلى الحكم بأنها "فشل للمجتمع الدولي".
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "مجلس الأمن والمجتمع الدولي برمته إلى تشكيل جبهة والعمل معا والتحرك معا، واستخدام كل الأدوات المتاحة لهما للقضاء على التهديد الإرهابي العالمي في أفغانستان وضمان احترام الحقوق الإنسانية الأساسية".
وعبرت الخارجية السعودية في بيان عن "أمل أن تعمل حركة طالبان وكافة الأطراف الأفغانية على حفظ الأمن والاستقرار والأرواح والممتلكات، وتؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب الأفغاني الشقيق وخياراته التي يقررها بنفسه دون تدخل من أحد".
وسيعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اجتماعاً الثلاثاء حول أفغانستان، وفق ما أفاد دبلوماسيون.
كما يعقد حلف شمال الاطلسي اجتماعا الثلاثاء على مستوى السفراء لبحث الوضع في أفغانستان.
أعلنت وزارتا الخارجيّة والدفاع الأميركيّتان إنزال العلم الأميركي في وقت مبكر الاثنين، عن سفارة الولايات المتحدة في كابل، مشيرة إلى أنّ "جميع" أفراد طاقم السفارة تقريباً باتوا في المطار بانتظار إجلائهم.
وأرسل الأميركيون 6 آلاف عسكري لتأمين المطار وإجلاء حوالي 30 ألف دبلوماسي أميركي ومدني أفغاني تعاونوا مع الولايات المتحدة ويخشون التعرض لأعمال انتقامية من جانب طالبان.
وأجلي عدد كبير من الدبلوماسيين الآخرين والرعايا الأجانب من كابل على وجه السرعة الأحد.
وأعلنت أوزبكستان أنها "أجبرت" 46 طائرة ومروحية أفغانية عبرت الحدود على "الهبوط".
كأس مُرّة بالنسبة لواشنطن
اعتبرت الولايات المتحدة و65 دولة أخرى في بيان مشترك، أن المواطنين الأفغان والأجانب الذي يريدون الفرار من أفغانستان "ينبغي أن يُسمح لهم بذلك"، مؤكدةً أن حركة طالبان يجب أن تتحلى بحسّ "المسؤولية" في هذا الشأن.
ودافعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن قرارها وضع حدّ لحرب استمرّت عشرين عاماً في هذا البلد، هي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.
ورافضًا للمقارنة مع ما حصل في فيتنام، أكد وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن لشبكة "سي ان ان" أنّ "هذه ليست سايغون" التي سقطت عام 1975 في حدث لا يزال مؤلماً في الذاكرة الأميركيّة.
لكن الكأس مُرّة بالنسبة لواشنطن التي تخرج من أفغانستان منكسرة بعد أن تكبدت تكلفة باهظة مع مقتل 2500 جندي أميركي وإنفاق أكثر من تريليوني دولار.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس بايدن سيتحدث إلى الأميركيين مساء.
بحسب مسؤول في إدارته فإن "أصول البنك المركزي التي تملكها الحكومة الأفغانية في الولايات المتحدة لن تكون متاحة لطالبان".
يخشى عدد كبير من الأفغان، في المدن خصوصاً، من فرض طالبان رؤيتها نفسها للشريعة الإسلاميّة كتلك التي فرضتها عندما حكمت البلاد بين 1996 و2001.
غير أنّ طالبان الحريصة اليوم على إظهار صورة أكثر اعتدالاً، تعهّدت مراراً بأنها إذا عادت إلى السلطة ستحترم حقوق الإنسان، خصوصاً حقوق المرأة، بما يتوافق مع "القيَم الإسلاميّة".