الأمن العام، من أين لكم هذا؟

جفرا نيوز - كتب : أنس صويلح


قبل كتابة هذه السطور ترددت كثيراً، توقفت، ثم بدأت، ثم عدت وتوقفت، وهكذا حاولت مراراً وعبثا أن أجمع كلماتي وأفكاري لأضعها بقالب متسلسل متماسكٍ يقدم وصفاً أو تحليلاً للأمن العام، وفي كل مرة كنت أجدني أبدا من جديد بترتيب المعلومات التي لا تكاد تنفك تأتينا من مديرية الأمن العام، وعنها، حتى اقتحم علي أخيراً هذا التساؤل متقدماً كل العناوين: الأمن العام، من أين لكم هذا؟

 

مدير الأمن العام يفتتح محطة أمنية متكاملة ضمن مشروع تطوير ريادي... مديرية الأمن العام تفتتح معرضا لبيع منتجات نزلاء ونزيلات إدارة مراكز الإصلاح... الحواتمة يسلم هدايا للأوائل في الدورات الخارجية، ويكرم متقاعداً... الأمن العام يطلق مبادرة للتخفيف على عمال الوطن... الإدارة الملكية لحماية البيئة والسياحة تطلق حملة وطنية... مركز للدفاع المدني يعمل ضمن اختصاصه الجغرافي في شمال المملكة وينقذ خمسة مصابين من وادي عميق سقطت به مركبة تقلهم، ثم ما يلبث أن يتعامل مع حريق بعد ساعات قليلة على الحادث الأول، وفي العاصمة إقليم أمن العاصمة والدفاع المدني يتعاملون مع حريق في الجامعة الأردنية، ويسيطرون عليه... نشامى الدرك يتبرعون بالدم، ويزورون مرضى في المستشفيات، ويؤمنون الحماية لمقرات ونشاطات، وينفذون تمريناً امنياً... مهلاً... مهلاً على رسلي ورسلكم، دعوني ألملم أنفاسي وأرتب معها عباراتي.

 

أعلم أنني أدخلت الحابل في النابل، لكنني لم أنهي بعد أخبار أسبوع واحد عن الأمن العام، لا لم أفعل، ولم أنهي حتى نصفها، لذا سأجمع وأوجز، ولن أذهب في سطوري المحدودة والمعدودة إلى عشرات الآلاف من الاتصالات اليومية التي يستجيب لها القائمون على رقم الطوارئ الموحد (911)، ولن أسأل عن عدد رجال السير الذي كان عليهم أن يتحملوا الأجواء الحارة ليعيدوا للباص السريع مساره الجديد، لا ولن أسأل عن أعدادهم وساعات عملهم، هم ورفاقهم من الدوريات الخارجية الذين زُرعوا كمنارات على الطرق التي كادت أن تكون موحشة من دونهم.

 

نعم سأوجز، ولن أسأل عن الجرائم التي كشف عن لثامها البحث الجنائي، والأمن الوقائي، ومكافحة المخدرات، أو التجارب التي خاضها ويخوضها في كل يوم رجال النجدة، والمراكز الأمنية، والحدود، وحماية الأسرة، ولا الساعات التي سهرتها عيون حرس المنشآت والسفارات والمخيمات، وغيرهم، وغيرهم...

 

سأتوقف هنا ولعلكم تدركون الآن صعوبة موقفي عندما أهم بالكتابة عن الأمن العام، وما يزيد هذا الموقف تعقيداً أنني مهما كتبت لا شك سأنسى العديد من الواجبات، والوحدات، والمديريات، والضباط، والأفراد الذين قد نراهم، أو لا نراهم، وهم يؤمنون خدمة أو حماية أو واجب أمني وإنساني في كل يوم، لا بل في كل ساعة ولحظة.

 

نعم، الآن سأتوقف لأنني تذكرت إدارة الترخيص وخدماتها الثابتة والمتنقلة، وإذا ما بدأت فلن أنتهي حتى الصباح أو يزيد... كفاني وكفاكم، فما كنت في يوم تواقاً للإطالة ولم أسعى لها، وسأكتفي بتساؤلي الذي بدأت به سطوري: الأمن العام، من أين لكم كل هذا العزم والإجادة؟ من أين لكم كل هذا التصميم والإرادة؟ من أين لكم كل هذا؟ 

 

وأخيراً، نقول لمدير الأمن العام اللواء الركن حسين الحواتمة ، ومن معه من النشامى والنشميات، كنتم موضع ثقة القائد الأعلى للقوات المسلحة، جلالة الملك عبدالله الثاني الذي رعى ووجه وتابع، فالتقطتم التوجيه والرسالة، وأبدعتم ثم أبدعتم ثم أبدعتم ن ها هنا وأتعبتم الآخرين، فشكراً لكم وبارك الله بكم ولكم، وحمى الوطن، وحفظ رجاله المخلصين، في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.