رئيس جديد لإيران: هل سـَيشتاق «الغَرب».. للثنائي روحاني/ظريف؟
جفرا نيوز - محمد خروب
وسط تهديدات أميركية/بريطانية وخصوصا إسرائيلية, بـ«ردٍ وشيك ومُناسب» على استهداف ناقلة نفط إسرائيلية.. يتولى اليوم رسمياً «إبراهيم رئيسي» منصب رئيس الجمهورية الإسلامية/الثامن, ما يطوي حقبة الرئيس/الشيخ حسن روحاني التي امتدت لثماني سنوات, كانت سنواتها الثلاث الاخيرة صعبة وقاسية, بإعلان الرئيس الأميركي السابق ترمب/ايار 2018 انسحاب بلاده من الاتفاق النووي وفرض عقوبات «الضغوط القصوى» على ايران, فأسهم من بين أمور أُخرى في إضعاف نهج الثنائي المُعتدل روحاني/ظريف. ما مهّد الطريق أمام معسكر المحافظين لاستلام دفة الحكم, خاصة بعد أن أبدت واشنطن بايدن تشدّداً في العودة الى الاتفاق دون الحصول على تنازلات ايرانية، فيما لم تشاركها الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق رأيها, داعية... روسيا والصين كما المانيا وفرنسا الى إحياء الاتفاق دون فتح ملفات أخرى كبرنامج ايران الصاروخي أم خصوصاً دورها الإقليمي ودعمها قوى وتنظيمات تصنفها الولايات المتحدّة/وإسرائيل.. إرهابية.
يبدأ إبراهيم رئيسي ولايته في أجواء مشحونة ومفتوحة على احتمالات صعبة, أقلها احتمال الانزلاق إلى مواجهة عسكرية بحرية, إذا ما قررت واشنطن/لندن/وتل أبيب القيام بضربة واسعة, تشمل موانئ ايرانية أو سفناً عسكرية ومواقع حساسة واستراتيجية, لن يقبل الرئيس الجديد عدم الرد عليها, كون صمته (إن حصل) سيكون إشارة ضعف أمام قوى الاستكبار العالمي (وفق المصطلحات الإيرانية), ما يمنح معسكر المعتدلين الذين انتكسوا في الانتخابات الرئاسية، فرصة التصويب على المحافظين الذين لم يُوفروهم خلال حكم روحاني. بل إن المرشد خامنئي انتقد رهان حكومة روحاني على الغرب «الذي لا يفي بوعوده».
رئيس ائتلاف اليمين الفاشي في تل أبيب نفتالي بينيت قال في تبجّح «سننقل الرسالة الى إيران بطريقتنا الخاصة» فيما لم يتردد رئيس الدبلوماسية الأميركية بلينكن بالقول: إنه «واثق من تورّط إيران في استهداف الناقلة»، ما يعني أن ردّاً عسكرياً ثلاثياً بات مؤكّداً, لكن حجمه وتوقيته يبقيان رهن الظروف الإقليمية/والدولية, حال قرّرت تل أبيب نقل المسألة الى مجلس الأمن, ما يمنح طهران فرصة مواصلة مراسيم نقل السلطة الى إبراهيم رئيسي الذي سيُقسم اليمين الدستورية الخميس 5/8 أمام حفل تقول طهران: إن ممثلين لأكثر من «70"دولة سيحضرونه, فيما يُعلن «رئيسي» أسماء حكومته أمام مجلس الشورى السبت 7/8 لنيل الثقة.
وإذ نجح طرف/اطراف في اختلاق أزمة خطيرة كهذه في توقيت لا نحسبه بريئاً, أو كان مجرد صدفة, سواء اراد الذي افتعله وضع الرئيس الإيراني الجديد أمام اختبار جدّي, لمعرفة ردود فعله أو استدراجه الى مواجهة عسكرية محدودة كانت أم موسعة, خصوصاً لنسف اي إمكانية لإحياء الاتفاق النووي، أم جاءت عملية استهداف الناقلة بطائرة مُسيّرة انتحارية (على ما قالت واشنطن/وتل أبيب) بقرار من داخل طهران (التي تنفي تورّطها)، لفرض جدول أعمال جديد يعكس عدم قبول طهران الشروط الأميركية للعودة للاتفاق النووي، فإن ترجيح اي احتمال منهما لا يمنح الرئيس «رئيسي» فرصة للمضي قدماً في تنفيذ برنامجه الانتخابي والوعود التي بذلها أثناء حملته الانتخابية, خاصّة ما جاء في مؤتمره الصحفي الأول عندما قال: إن أولويته هي الحوار مع دول الجوار, ناهيك عما تعانيه إيران من أزمة اقتصادية/واجتماعية/وخدمية، فاقمها الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي, وما تلاه من عقوبات «الضغوط القصوى» التي فرضها ترمب, وجاءت جائحة كوفيد/19 لتزيد الأمور صعوبة وتدهوراً. على نحو بات على «رئيسي» مواجهتها بأساليب مغايرة عن تلك التي انتهجها روحاني.
محاربة الفساد والدفاع عن الشرائح المُهمشة يتقدمان أولويات الرئيس الجديد, كما قال غداة إعلان فوزه. فهل يتسنى له الانخراط في هذا السبيل, إذا ما قرّرت واشنطن المضي قدما في لعبة «الردّ والردّ المضاد", والتي ستتضح في ضوء تهديد بلينكن بانه رد سيكون «وشيكاً ومُناسباً"؟. وإذا ما قرّر «رئيسي» الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع المرشد خامنئي, والمفروضة عليه عقوبات أميركية كمُتهم بانتهاك حقوق الإنسان.. تحدّي واشنطن وعدم تقديم أي تنازل, أو الصمت على أي ضربة عسكرية سواء كانت محدودة أم غير ذلك... فهل تذهب واشنطن الى معركة مفتوحة ولكن غير محسوبة, ربما تتوسّع لتشمل المنطقة وربما تتدخّل دول اخرى (الى هذا الجانب أو ذاك) في معركة لم «يقرأ» مَن إختار الهدف/لناقلة أو التوقيت المشهدين الإقليمي والدولي بدقة وحصافة وبُعد نظر؟
من السابق لأوانه التكهّن بما ستؤول الأمور إليه في الأيام المقبلة, لكن شيئاً واحداً ربما يكون مؤكداً, هو أن واشنطن/ودول الغرب «ستشتاق الى الثنائي روحاني/ظريف.. بعدما خذلتهما وظنت أن التلكّؤ في العودة للاتفاق النووي سيمنحها تنازلات ايرانية, لم تعد واردة منذ «هذا اليوم» الذي تسلم فيه إبراهيم رئيسي.. منصبه.