التعرفة الكهربائية الجديدة

جفرا نيوز -أحمد حمد الحسبان
باهتمام كبير، ومنذ عدة أشهر، تابع الأردنيون التسريبات حول مشروع التعرفة الكهربائية الجديد والذي يجري تقديمه كإنجاز كبير، أبدعته مجموعة من خبراء البنك الدولي.

المشروع الجديد الذي تم الكشف عن تفاصيله مؤخرا، أمام لجان نيابية، يهدف ـ بحسب الحكومة ـ إلى إزالة «التشوهات» في تعرفة الطاقة الكهربائية، وتخفيض كلفة الطاقة على القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.

من أبرز العناوين التي تم الكشف عنها تخفيض عدد الشرائح من سبعة إلى ثلاثة، وأن الشريحة التي تستهلك أقل من 600 كيلو وات شهريا لن تتأثر بالتعرفة الجديدة، وأن فاتورتها ستنخفض «بمقدار دينار إلى دينار ونصف» باعتبار أن فاتورتها مدعومة، وتشمل كل من يحمل دفتر عائلة. كما تشمل أبناء قطاع غزة ومن يحملون جوازات سفر مؤقتة. بينما يخضع غير الأردنيين إلى التعرفة الجديدة.

فالفكرة من المشروع الجديد ـ إذن ـ رفع التعرفة على من يطلق عليهم «كبار المستهلكين»، و"غير الأردنيين». مع تحديد فئة كبار المستهلكين بأنهم الذين تزيد كميات استهلاكهم عن 600 كيلواط. والذين تقول الحكومة أنهم يشكلون ما نسبته 93 بالمئة من الأردنيين.

بالطبع هناك تفاصيل كثيرة تقوم عليها تلك التعرفة، غير أن اللافت في هذا الملف، هو الابتعاد عن المشكلة الرئيسية التي تتسبب برفع كلفة الإنتاج أصلا، والمتمثلة بالاتفاقيات الموقعة مع شركات التوليد، والتي وعدت الحكومة قبل أشهر بالضغط عليها من أجل إعادة النظر في نصوصها المجحفة، سواء ما يتعلق بطول مدة العقد أو السعر المرتفع للكيلو واط المتعاقد عليه، أو الكميات المتعاقد عليها والتي ندفع ثمنها، وتزيد بحوالي ثلاثين بالمئة من حاجتنا الفعلية.

بمعنى أن الحكومة ومن خلال شركة الكهرباء الوطنية تدفع ثمن ثلاثين بالمئة زيادة عن الحاجة، وبأسعار تصل ـ أحيانا ـ إلى ضعف الكلفة الفعلية لأسعار الطاقة المشتراة من شركات أخرى.

الجديد في الموضوع أن الحكومة تراجعت ـ كما يبدو ـ عن اعتبار هذه الاتفاقيات مجحفة، حيث وصفت الوزيرة في حديثها أمام النواب الكميات الإضافية التي ندفع ثمنها بأنها «استطاعة توليدية» قد نحتاجها وقد لا نحتاجها. مع أن النتيجة واحدة، وهي أننا ندفع ثمنها دون أن نستهلكها.

هنا، ومع الاحترام لكل الجهود التي حاولت التغيير في آلية التعامل مع فاتورة الطاقة، نرى أن مشروع التعرفة الجديدة اعتمد نفس الأساليب المعتمدة سابقا. حيث رفعت الأسعار على فئة وصفت بأنها «كبار المستهلكين»، وثبتتها على شريحة صنفتها بأنها «محدودة ومتوسطة الدخل». بينما المشكلة الرئيسية لم يقترب منها أحد، ولم يجر بحثها إلا من زاوية التسليم باستمراريتها، بتغيير اسمها إلى «الاستطاعة التوليدية».

أما البعد الآخر، فيتمثل بتصاعد أسعار المحروقات، التي ترتفع شهريا وتحتسب ارتفاعاتها ضمن إطار الكلفة في عمليات توليد الكهرباء.

وهي الارتفاعات التي باتت ترهق المستهلك وتشكل عبئا عليه، كما تحد من أية تأثيرات إيجابية ممكنة نتيجة لمشروع التعرفة الجديدة الذي سيطبق مع بداية العام المقبل.