الفراعنة يكتب: أنا من مدرسة تُقدّس "التاج والبوريه".. كنت في "مصنع الرجال" كنت عسكرياً
جفرا نيوز - خاص - نضال الفراعنة
لا أريد أن أتكلم في السياسة اليوم ،هذه المساحة ستكون منطقة "بوح خاص" أكتب فيها عن تجربة شخصية غيّرت حياتي وتعني لي الكثير، وقد أعطتني طاقة لأبني حياة مدنية انضباطية كم أتمنى لو كانت موجودة اليوم، فخدمة العلم التي لبيتها طائعا حامدا في عام 1986 كانت تجربة ثرية وعميقة لا زلت أستذكرها حتى اليوم، وأنا من أشد أنصار فكرة إعادة خدمة العلم للجيل الأردني الحالي، الذي لست أدري لمصلحة مَن يجري تغييبه عن بطولات جيشه العربي وإغراقه بمنصات تواصل اجتماعي لا تعطي سوى الوهم، وبرامج تلفزيونية هابطة، بينما لا أحد يتحدث لهم عما يعانيه العسكري في بلادنا الذي يصون "الأرض والعرض"، ويقف شامخا في البرد القارس والحر اللاهب دون أن يشكو أو يتعب، فيما لا يوجد أي جهاز قياس في الدنيا قادر على رصد مشاعر عسكري وهو الصحاري المفقرة وهو يتخيل مشهد طفلته وهي تذهب إلى فراشها البارد دون أن يطبع قبلة على جبينها الأسمر الذي لوحته شمس الأردن فهي تقسو لتنتج فتيات وأمهات المستقبل ليرضعن أطفالهن "حليب الكرامة"، ويدفعن بهم إلى "مصنع الرجال" الذي كان لي شرف الانتساب إليه.
تعود بي الذكريات لأكثر من من 35عاما إلى الوراء حين عاينت وعايشت عن كثب كيف يقدس العسكر "التاج والبوريه والواجب" بدون نقاش أو تردد أو حتى تفكير مع النفس، وكنت أتعلم منهم "الرجولة والانضباط"، فمَن يخدم هناك يعرف معنى الحرية والكرامة وحب الوطن والانتماء لترابه، وتقديم العسكري لحياته مهرا لرمله الغالي، ففي أحد المرات وددت لو أندفع باتجاه الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال لأحضنه وأقبّل رأسه ويده حينما زار الكتيبة التي خدمت بها قبل أكثر من ثلاثة عقود، فهو القائد العظيم الذي قاد معركة الكرامة حينما استبسل عسكرنا السمر وهم يذودون عن التراب الغالي وكان يقودهم الحسين لذلك ليس غريبا أن تسمى هذه المعركة بـ"الكرامة"، وهي المعركة التي حظفت للأردنيين والعرب بعضا من "كرامتهم المهدورة"، وليس سرا أن ترى أو تسمع عمن يريد أن يسلب الأردنيين والعرب هذه "الكرامة" التي لا يحجبها إلا سفيه أو وضيع تربى في "بيت لا كرامة فيه".
الجيش العربي المصطفوي "جيش الكرامة" حظي بقادة عسكريين كبار وأصحاب مواقف كبيرة من مشهور حديثة إلى حابس المجالي إلى الأمير زيد بن شاكر وكاسب صفوق الجازي وخالد جميل الصرايرة وعبدالهادي المجالي وعكاش الزبن وليس انتهاءً بالباشا يوسف الحنيطي الذي شرفتني الأقدار بأن أشاهد "دماثته وتواضعه وخلقه العالي" في أصعب المواقف، فيما تأسر "وقفته العسكرية الصلبة" قلوب الأردنيين.
لا يخلو بيت في الأردن من عسكري تودعه عائلته في دعائها وصلاتها بأن يحفظ الله الأردن على أيدي إبنهم ورفاقه، فيما لا يخلو بيت أيضا من شهيد روى التراب الأردني بدمه الطاهر، فنحن الذين نندفع في الأعياد لقبور الشهداء نقبلها ونغسلها ونقرأ الفاتحة فوقها لا أحد يجرؤ على أن "يُغمِض عينيه" عن الكرامة وعما فعلته بكثيرين "نقصا وزيادة"، لذا فإن جيشنا العربي "مصنع الرجال" ليس بحاجة شهادة من أحد، فقبور جنوده الشهداء ترصّع جنبات الأردن كأنها حبات ماس عتيق وعريق، فيما لم ينس الأردن أن يطرّز بعض البهاء الفلسطيني بـ"حبات ماس أردنية سمراء" ارتقوا هناك، فالارتقاء والرقي لا يليق إلا بالأردن وفلسطين.... الكرامه اردنيه هاشميه