الرئيس الايراني الجديد التحديات والرهانات
جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله
فوز السيد ( ابراهيم رئيسي ) كرئيس ثامن للجمهورية الاسلامية لأربع سنوات قادمة لم يكن مفاجئاً على الإطلاق فطالما اعتبر المرشح الأبرز والأوفر حظاً لقيادة البلاد بعد شغله عدة مناصب في القضاء وصولاً إلى رئاسة السلطة القضائية عام 2019 ثم منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة علماً أن رئيسي لا يتمتع بالشعبية الكبيرة في أوساط الإيرانيين نظرا لسجله السيئ في مجال حقوق الإنسان لا سيما وأنه كان أحد أعضاء ( لجنة الموت ) التي ارتكبت مجزرة عام 1988بإعدام ثلاثة آلاف معتقل سياسي في نهاية الحرب الإيرانية العراقية وهو يرتبط بعلاقة قوية بالحرس الثوري ومعروف بتمسكه الشديد بمبادئ الجمهورية الإسلامية وولائه المطلق لنهج الامام للخميني الذي ( انتقل من الرئاسة الى كرسي المرشد الاعلى في ايران ) ومن المتوقع ان يكون هناك تناغم كبير بين المرشد الخامنئي والرئيس رئيسي في ادارة البلاد والمحافظة على مبادئ وقيم وجذوة الثورة الاسلامية والنظام الاسلامي في إيران ومن ثم العودة الى خط ونهج الأمام الخميني على مراحل منظمة
فوز السيد ( ابراهيم رئيسي ) كرئيس ثامن للجمهورية الاسلامية لأربع سنوات قادمة لم يكن مفاجئاً على الإطلاق فطالما اعتبر المرشح الأبرز والأوفر حظاً لقيادة البلاد بعد شغله عدة مناصب في القضاء وصولاً إلى رئاسة السلطة القضائية عام 2019 ثم منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة علماً أن رئيسي لا يتمتع بالشعبية الكبيرة في أوساط الإيرانيين نظرا لسجله السيئ في مجال حقوق الإنسان لا سيما وأنه كان أحد أعضاء ( لجنة الموت ) التي ارتكبت مجزرة عام 1988بإعدام ثلاثة آلاف معتقل سياسي في نهاية الحرب الإيرانية العراقية وهو يرتبط بعلاقة قوية بالحرس الثوري ومعروف بتمسكه الشديد بمبادئ الجمهورية الإسلامية وولائه المطلق لنهج الامام للخميني الذي ( انتقل من الرئاسة الى كرسي المرشد الاعلى في ايران ) ومن المتوقع ان يكون هناك تناغم كبير بين المرشد الخامنئي والرئيس رئيسي في ادارة البلاد والمحافظة على مبادئ وقيم وجذوة الثورة الاسلامية والنظام الاسلامي في إيران ومن ثم العودة الى خط ونهج الأمام الخميني على مراحل منظمة
رئيسي يعتبر من الصقور في القيادة الإيرانية ناهيك عن كونه أحد المسؤولين الكبار الذين تشملهم العقوبات الأميركية وهو رئيس السلطة القضائية في البلاد وتتهمه هيومن رايتس بأنه أشرف على بعضٍ من أبشعِ الجرائمَ في تاريخ إيران الحديث والتي تستحق التحقيق والمساءلة وكان رئيسي قد خسر الانتخابات أمام روحاني عام 2017 ويتوقع مراقبون بأن رئيسي سيكون أكثر تشدداً من الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني الذي اعتمد سياسة انفتاح نسبي كان من أبرز نتائجها إبرام اتفاق مع القوى الدولية الكبرى حول برنامج طهران النووي
الانتخابات الايرانية الأخيرة كانت جزء من في معركة الثبات والتحدي الايراني الداخلي والدولي خاصة وانها جرت في ظروف الحصار القاسية والعقوبات المفروضة عليها من قبل امريكا وبعض الدول الغربية وانتشار كورونا وتحجيم الإصلاحيين حيث جاءت بنسبة مشاركين قاربت ال 50% ومقاطعة أكثر من النصف وهي نسبة جيدة بدون ضغوط وقد نجح الرئيس الجديد بما يزيد على 62 % بقليل رغم نجاحه خلال العامين الماضيين في السلطة القضائية وتحجيمه عدد غير قليل من حيتان المال ما أسهم برفع مقدار الثقة ببرنامجه وشخصه ( الشعب الايراني ان صح التعبير قام بثورة ناعمة من خلال صناديق الاقتراع ) فهو أختار رئيساً حالياً ومرشداً مستقبلياً
في هذه الانتخابات التي تميزت بالهدوء الأمني والالتزام المسلكي أقر فيها الخاسر للرابح بنجاحه فيما الرئيس الامريكي ترامب لا يزال إلى اليوم يعتبر نفسه فائزاً وينتظر الفرصة للعودة إلى الحكم ولو بالقوة المسلحة والفوضى الجماهيرية العارمة ومن اللافت للانتباه ان الانتخابات انتهت وذهب الجميع خاسرا ورابحا للعمل لمصلحة ايران العليا
امريكا راهنت منذ زمن بعيد على سقوط نظام الملالي وانهيار ايران القريب وقد كان جون بولتون يعد نفسه للاحتفال في شباط الماضي بزوال نظام ولاية الفقيه والرئيس دونالد ترامب أعلن أكثر من مرة انه سيمزق الاتفاق النووي وسيرغم ايران على ما يريده لكنه تمزق وخرج من المشهد السياسي مهزوم ومحروق وبقيت طهران على صمودها وعنادها
واشنطن قلقه جدا من نتائج الانتخابات الايرانية لأنها تعرف الكثير عن الرئيس ابراهيم رئيسي ولأنها باتت أمام قوة جديدة وصلبة في ايران تتمثل بالثنائي ( المرشد الخامنئي ورئيس البلاد) اللذان يمثلان حائط صلب وعالي ولهذا خرجت بعض الإشارات المتعمدة من قبل ادارة الرئيس بايدن بانها تريد العودة للاتفاق النووي قبل ان يستلم الرئيس الجديد مقاليد الحكم في 4 آب2021 أي ( خلال المدة المتبقية من ادارة الرئيس روحاني ) والأميركيون يريدون بشكل عاجل استغلال ما تبقى من شهري حزيران و تموز ليحققوا أي اختراق او منجز في ملف الاتفاق النووي لان ادارة بايدن اصبحت أمام مفترق طرق خطير ومصالحها في العراق والمنطقة مهددة وليس امامهم الا تقديم التنازلات أو عقد الصفقات وعليها مواصلة المفاوضات غير المباشرة مع إيران للعودة إلى الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب
حتى انه بات يتردد في الاوساط السياسية المطلعة ان أخراج امريكا لمنصات الباتريوت وبعض الاسلحة المهمة من العراق والسعودية والاردن ودول اخرى كان بمثابة رسالة ومبادرة حسن نية من واشنطن اتجاه ايران بانها لم تعد تهدد امن المنطقة والحقيقة انه في هذه المرة ستكون واشنطن على المحك ومساحتها ضيقة جدا في المناورة ولا زالت التكهنات تدور حول طلب الرئيس الايراني الجديد ( ابراهيم رئيسي ) لقاء رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في طهران بانها رسالة واضحة لإدارة بايدن بأن ( العراق خط أحمر ولا يمكن الخروج منه وان أي صفقة وتنازل وتفاهمات اميركية ايرانية سوف تكون في العراق ولأجل العراق )
فوز الرئيس ” رئيسي” المحافظ والمتشدد لا يعني ان ايران في طريقها للحروب ولا يعني كذلك انها في طريقها للانغلاق والعزلة بل ربما يعني ان ايران في طريقها الى ( العقل والحكمة ) من مبدأ القوة المتواضعة خاصة وان رئيسي شخصية قوية ومختلفة عن ألذين سبقوه ويمتاز بقوة المنطق والموقف ولديه قاعدة اسناد ورضا ودعم وثقة من المرشد الاعلى الخامنئي وهذا سيعطيه حرية اكبر في القرار وقوة في الاصرار حول تطوير العلاقة بين الصين وروسيا وايران وهو ما تخشاه واشنطن وقد اعلن رئيسي بعد فوزه رغبته في الانفتاح على السعودية وقد جاء ذلك من خلال وزير الخارجية جواد ظريف الذي قال ( طهران مستعدة لأرسال سفير ايراني فورا الى الرياض وحال موافقة السعودية )
بوصول السيد رئيسي لرئاسة ايران سوف يتغير المشهد والتعاطي مع العراق ونحن بانتظار متغيرات قادمة و كثيرة في العراق وربما المنطقة وقد تفرض ايران من خلال نفوذها القوي في العراق الانتقال من حالة الفوضى والغموض الى شئ من الهدوء سيما وان الرئيس الجديد يمتلك قوة ردع ولجم للحرس الثوري وفيلق القدس في تعاطيهم مع العراق على عكس الرئيس روحاني الذي كان لا يمتلك قوة تأثير عليهما فهما سبب تدهور العلاقة بين الشعب العراقي والنظام الايراني بسبب تعالي وسوء معاملة الحرس الثوري وفيلق القدس مع العراقيين وان رئيسي لديه دعم مطلق من المرشد الخامنئي لإصلاح ما تخرب بسبب سوء السياسة الايرانية في العراق وبسبب بلطجة وعنجهية وفساد بعض حلفاء ايران في العراق الذي سببوا في تفاقم عداء الناس ضد ايران
من المتوقع ضمن سياسة الرئيس الايراني الجديد ان ترفع طهران يدها عن الكثيرين من حلفائها الفاسدين وزعماء المليشيات المسيطرين وان تعطي الضوء الاخضر لرئيس الوزراء العراقي الكاظمي لمحاربة الفساد بحقهم جميعا و قد أكد رئيسي في سياق حديث سابق له مع الجزيرة نت ان دعم ومساندة حركات المقاومة يعتبر من الثوابت الإيرانية وأن علاقات إيران مع الدول العربية والدول المجاورة مثل العراق وسوريا واليمن وفلسطين ستكون لها أولوية كونها تشكل جبهة للمقاومة وكما اعلن بان حكومته ستعمل على توثيق العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية وخاصة دول الجوار في إشارة منه إلى دول الخليج العربي
رئيسي في نظر الإسرائيليين هو الأشد تطرفاً من حيث دعمه السخي لحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله بالإضافة إلى أنه قد يدفع بالمشروع النووي الإيراني نحو تحقيق طموحاته لذلك علق رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قائلاً بان انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا لإيران يوجب تجنب الاتفاق النووي مع طهران في حين وصفته وزارة الخارجية الإسرائيلية بأنه الزعيم الأكثر تطرفا في تاريخ إيران محذراً العالم بأن انتخابه يمثل نداء للعالم بوجوب الاستيقاظ وتجنب الاتفاق النووي وقد أضاف في كلمة له في أول جلسة للحكومة الإسرائيلية ( أن موقف بلاده لن يتغير وأنه يجب منع إيران من امتلاك أسلحة نووية ) وهذا يعني ضمنا بأن ملف الاتفاق النووي قد يراوح مكانه طويلا في عهد رئيسي مالم تحدث تغيرات مستجدة تحكمها المصالح العليا للدول
اخيرا ستظلّ الرهانات على سياسة رئيسي مفتوحة على كل الاحتمالات ما دامت تل أبيب تصر على استهداف المشروع النووي الإيراني دون اكتراث رغم أن انتصار المقاومة في غزة أحبط طموحاتهم العدوانية تجاه إيران في الوقت الذي تسير فيه ايران بثبات وتصميم نحو تقديم الدعم اللوجستي للمقاومة في غزة وحزب الله في الشمال والحوثيين في اليمن أما بالنسبة لعلاقة دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا مع إيران فهي مرهونة بالمصالح العليا لتلك الدول ورغبتها بوقف تنامي العلاقة الصينية الإيرانية من خلال تخفيف الضغط عن إيران في كل الملفات العالقة بينها والايام القادمة حتما ستكون مرهونة بالكثير من المفاجئات
mahdimubarak@gmail.com
.