الحراك السياسي الاردني فاشل
جفرانيوز- جميل القرشي
لم يستطع الحراك السياسي في الاردن وعبر عام كامل منذ ابتدأ ان يصل الى مبتغيات شعبية تطلعت الى تحقيقها وأن يقدم نفسه كند وشريك مهم في العملية السياسية الاردنية بشكل ظاهر واضح المعالم والشخصية مقابل النظام الاردني والحكومات الاردنية المتعاقبة ، رغم ما تم احرازه من مطالب مهنية جماهيرة احيانا .
الاردن الدولة الاكثر اهمية في المنطقة سواء من حيث امتداد 625 كيلومتر مع العدو التاريخي للشعب الاردني – الفلسطيني " إسرائيل " ، او من خلال موقعه كمرتكز استراتيجي هام بوابة للسعودية وردئا لسوريا وميناء امن للعراق ، مع العديد من العوامل اللوجستية الاخرى ، ومكبحا لفلاتات دول المنطقة ، وموئلا لنزوح المهجرين من كل هذه الدول حتى السعودية – ايام عودة العاملون فيها - كان من الاولى التطلع اليه من وجهة نظر " حراكية سياسية " بطريقة مختلفة وبأسلوب مختلف .
ولاننا نعشق الحرية ، ولان مصب اهتمام اي حراك سياسي في اي دولة في العالم هو الحرية والعدالة – كما هو مفترض تأصيلا – فإني على يقين من ان الحراك السياسي الاردني اخطأ الاتجاه وعكس البوصلة ، وقلد الاخر ، ولان مجموعات الحراك السياسي الاردني مجموعات صغيرة ومتناثرة ظهرت ضعيفة ، هزيلة ، فقد ظهرت كأنها لا تحمل هم غير الصياح والصراخ والعويل ، والشعارات الكبيرة بل الهائلة وراحت تعزف لحنا نشازا ، في نظر كل السياسين المخضرمين ، فلا اعتقد ان هناك سياسي محترف مخضرم يجد في الحراك السياسي الاردني - أو هكذا يبدو - الان اي قيمة سوا انهم يريدون شيئا ما ، لكن ما هو ؟ كيف هو ؟ لم هو ؟ والى اين هو ؟ فإننا لا نعرف ، فقط يريدون ان يفعلوا كما فعل غيرهم في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا ، مستغلين موجة الربيع العربي .
مجموعة صغيرة في مدينة السلط ، اخرى في مدينة الطفيلة ، ثالثة في مدينة اربد ، رابعة في مدينة الكرك ، حركة كذا وكذا ، حركات متعددة وهامشية ، حتى وصل الحال الى وجود حركات طلابية مشكلة من عشرين طالب ، ترفع شعارات يحتاج الاتحاد الاوروبي الى عشرين عاما لتحقيقها مع كل امكانياته .
لا يمكن ان اجد نفسي الا مع الحراك السياسي الهادف ، فكل حر يتمنى لبلاده الحرية ، يتمنى ان لا يسجن لكلمة حق ، و ان لا تصادر كرامته امام اي مسؤول مهما كان موقعه ، وان لا تسرق امواله " عيني عينك " ، وان يرى مستقبلا مشرقا له ولعائلته ولاحفاده من بعده في دولة الدين والحق والعدل والحرية والقانون .
كما لا يمكن ان يكون الحراك السياسي الاردني اعمى عن اقل قلائل خصوصية المجتمع الاردني ، فالاردن لا يحتمل حربا اهلية ، ولا نزاع طوائف ، ولا جحيم عشائريات متصادمة ، ولا تناحرات دولية تصفي دماء ابناء الاردن في مجاري "سيل عمان " الاردن ببساطة لا يحتمل ولا بشكل من الاشكال اي انفجار فكري سياسي لان ذلك سيؤدي الى ضياع الراعي والرعية ، وسيسبب انفجار للمنطقة بكاملها .
لا اعتقد ان مجموعات الحراك السياسي الاردني ، وهي تشرب القهوة ، وتتشدق احيانا كما يطيب لبعض عناصرها بتنظيرات ميكافيلي ، وتطلعات " شباب ساحة التحرير " وحماس شباب " بنغازي " هذه المجموعات لا تدرك كم هو وضع الاردن خاص وحساس ، وان الواجب النظر اليه بطريقة مختلفة تماما عما حدث في تونس وليبيا ومصر واليمن وحتى سوريا وبالاخص سوريا .
المطلوب من شباب الحراك السياسي الاردني العديد من الخطوات واهمها توضيح شخصية اعتبارية موحدة قادرة على المواجهة الحقيقة الحضارية الرزينة ضمن مؤسسات القانون وبطرقه ، تجمع كل شباب الاردن ومؤسساته ، والبناء على ما تم وانجاز ما تم تهميشه ومحاربة الفساد والمحسوبية ، بشكل سياسي مترو ، رزين ، يناكف الحكومات ولا يقوضها ، يعارك النظام ولا يستبيحه ، يعارك الخطأ ولا يقتل المخطئ ، يدافع عن الحق ولا يعتليه ، يقف في وجه كل من يعادي امته من الخارج ولا يخشى لومة لائم .
اليس من الحكمة ان تشكل مجموعات الحراك السياسي الاردني وبشكل مبكر استباقي لاي أزمة أن تشكل حزبا جديدا ، يتم من خلاله تنفيذ كل ما يتطلع اليه ، وان يكون هذا " الحزب الاردني الجديد" اسلوبا جديدا من اساليب الربيع العربي ، يطرح البديل السياسي الحقيقي الهادئ الفاعل ، بطريقة غير طريقة التطاحن الذي نشهد اثارها التي لم تثمر ، وعثراتها التي لم تطمر .
آن للحراك السياسي الاردني ان يتعقل ويعقل ويعزم ويتوكل ، وآن للحكومات الاردنية ان تفهم انه لا مفر من الضغط على الجرح حتى لا ينزف ، وأن ادعاءعدم وجود جرح لا يجدي وضحك وخداع للنفس .
من المناسب جدا ان نقول ان من حسن التنبه وخصوصا في الاردن لحساسيته المفرطة ، ان يكون الحراك السياسي ليس كما هو الان فهذا حراك سياسي اردني فاشل ، يحتاج الى حراك داخله لتصحيحه.