حمامة أنقذت ألف بريطاني وإيطالي من الموت

 خلال فترة الحربين العالميتين بالقرن الماضي، سجلت العديد من الحيوانات أسماءها بأحرف من ذهب بكتب التاريخ بفضل عدد من الأعمال البطولية. وإضافة للحمامة شير آمي (Cher Ami) التي ضحت بنفسها عام 1918 لإنقاذ فرقة عسكرية أميركية تكونت من حوالي 200 عسكري، يذكر التاريخ أيضا اسم الحمامة جي آي جو (G.I. Joe) التي حققت عملا بطوليا سنة 1943 وساهمت في اللحظات الأخيرة في إنقاذ حياة المئات من المدنيين الإيطاليين والجنود البريطانيين.

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، مثلت الحمامة جي آي جو جزءا من فرقة نقل الرسائل والاستطلاع الأميركية وحملت الرمز Pigeon USA43SC6390. وقد تدربت الأخيرة بقاعدة فورت مونماوث (Fort Monmouth) بنيو جيرسي (New Jersey) قبل أن تستخدم خلال حملة الحلفاء على إيطاليا، بالحرب العالمية الثانية، وتساهم في إنقاذ مئات الأرواح.

فيوم 18 تشرين الأول 1943، طلب جنود فيلق المشاة السادس والخمسين البريطاني دعما من طائرات الحلفاء عن طريق توجيه ضربات لمواقع الجنود الألمان بقرية كالفي فيكيا (Calvi Vecchia) بمقاطعة كازيرتا الإيطالية (Caserta) التي تحصّنت بها قوات الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات المسلحة الألمانية، بشكل جيد.

وخلافا لما توقّعه الجميع حينها، حقق البريطانيون تقدما عسكريا سريعا وتمكنوا من طرد الألمان وإخضاع قرية كالفي فيكيا قبل وصول طائرات الحلفاء لقصف المنطقة.

إلى ذلك، حاول البريطانيون إرسال رسالة راديو للأميركيين لطلب إلغاء الضربة الجوية على كالفي فيكيا. ومع فشلهم في ربط الاتصال بالمسؤولين الأميركيين، تخوّف البريطانيون من نيران صديقة قد تتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوفهم وصفوف المدنيين الإيطاليين بالمنطقة.

وأملا في منع هذه الكارثة، لجأ البريطانيون لطريقة تقليدية اعتمدت على الحمام لمراسلة حلفائهم الأميركيين قبل فوات الأوان.

مهمة ناجحة وتكريم

إلى ذلك، كلّفت الحمامة جي آي جو بهذه المهمة الصعبة حيث نقلت الأخيرة رسالة ثبتت عليها نحو القاعدة الجوية. وبناء على مصادر الحلفاء، قطعت هذه الحمامة مسافة 20 ميلا في نحو 20 دقيقة فقط لتنقل بذلك الرسالة في الوقت المناسب حيث بلغت جي آي جو وجهتها أثناء استعداد طائرات الحلفاء للإقلاع لقصف كالفي فيكيا.

بفضل نقلها للرسالة، تمكنت الحمامة جي آي جو من إنقاذ حياة المئات من المدنيين الإيطاليين والجنود البريطانيين، مصادر أخرى تحدثت عن إنقاذها لحوالي ألف شخص كان من الممكن أن يقتلوا أثناء القصف، لتتحول بذلك لبطلة ببريطانيا.

خلال شهر تشرين الثاني 1946، نقلت جي آي جو من فورت مونماوث نحو لندن لتكرم وتحصل، أثناء حفل رسمي، على وسام ديكن (Dickin Medal) لتكريمها على شجاعتها وإنقاذها لحياة عدد كبير من الجنود البريطانيين في الوقت المناسب. وعام 2019، حصلت هذه الحمامة بشكل فخري، بعد وفاتها بحوالي 58 عاما، على وسام أميركي آخر خصص لمكافأة الحيوانات على شجاعتهم بساحات القتال.