ايتام الاردن في مهب الريح وبرامج وزارة التنمية حبر على ورق!..حقائق وقصص مؤلمة بالأسماء..


جفرا نيوز/ أنس صويلح

على ضوء المشهد الحالي وما تشير اليه الوقائع والاحداث المتتالية، فإن مستقبلا غامضا ينتظر جميع أيتام الاردن الخريجين من دور ومؤسسات الرعاية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية عند وصولهم سن الثامنة عشرة حيث يكون مصيرهم التشرد والانحراف جراء طردهم من مؤسساتهم التي كانت بيوتهم الحقيقية دون تعليم او حرفة يعملون بها تقيهم شر الجوع والعطش والحرمان.

«أيتام الاردن: أملنا الوحيد في عيش كريم وحياة أفضل».. هذه شعاراتهم التي ارتفعت خلال العامين الماضيين عبر مطالباتهم المستمرة بضرورة إنقاذهم من التشرد او الانحراف او حتى اللجوء الى اي وسيلة بحثا عن مصدر مالي يحميهم من برد الشتاء وحر الصيف بعد فشلهم الذريع في الحصول على أبسط حقوقهم من وزارة التنمية الاجتماعية.

برامج التنمية.. حبر على ورق

تجتهد وزارة التنمية الاجتماعية في اختلاق برامج «ورقية» للرعاية اللاحقة، وهناك التصريحات الصحفية التي مفادها قرب الانتهاء من استراتيجية الايتام التي أمر بها جلالة الملك عبد الله الثاني قبل أكثر من عامين، الا ان النتيجة المزيد من الفقر والاعتصامات امام مراكز صنع القرار دون فائدة تنقذ تلك الشريحة المظلومة من شر موظف متعنت لا يفهم ظروفهم او يقدرها.

الشباب الخريجون من الجمعيات التطوعية الاهلية أو البعض من أبناء دور الرعاية الحكومية يصطدمون بواقع مجحف غير مستعدين له بشكل كاف بعد عيد ميلادهم الثامن عشر، بحسب عدد من الايتام الذين وصفوا هذا الواقع بـ»المرير» نتيجة تأخر تنفيذ التوجيهات الملكية السباقة للاصلاح وتغيير الواقع الى الافضل، الا ان الاجراءات البيروقراطية وأمزجة المسؤولين تحول دون مسيرة الاصلاح في مختلف المجالات.

قصص مؤلمة من واقع مظلم

قصص كثيرة قد نعرج على بعضها مع انها معروفة للكثيرين عن انحراف بعض الأيتام الخريجين او حتى ظلم الحياة للبقية منهم نتيجة إلقائهم في الشارع عنوة وفجأة بحجة أن القوانين والانظمة لم تأخذ بعين الاعتبار اصلا حقهم في الحياة بعد سن الثامنة عشرة.

الشاب علاء الطيبي احد رموز حراك الايتام الذي انبثق نتيجة الاوضاع المأساوية التي يعيشها الايتام في الاردن.. الطيبي اكد لجفرا نيوز انه يطالب بانقاذ اشقائه واخوانه من ابناء المؤسسات الخريجين او الذين على وشك التخرج، وهو الذي يرقد الان على سرير العلاج في مستشفى البشير جراء تعرضه لحادث انزلاق حيث يعاني الان من شلل في الرجل اليمنى وتبول لا إرادي.

انزلاق علاء عرقل مسيرة اعتصام كبير كان مقررا ان ينفذ الاسبوع الماضي امام مقر رئاسة الوزراء بعد ان استطاع استقطاب مئات الشباب المتعاطفين مع قضية «ايتام الاردن» للمطالبة بحقوقهم الطبيعية كباقي «ايتام العالم».

عائلة علاء المكونة من زوجته وابنه ذي العام والنصف تعاني الان من الجوع والفقر والتشرد نظرا لعدم قدرته على تأمين لقمة العيش واجرة الفندق الذي يضطرون للإقامة فيه بعد الوعود الكثيرة التي تلقاها علاء من وزارة التنمية بتأمين مسكن منذ اكثر من عامين.

حالة اخرى اسمها «احمد روبين» الذي حاول احراق نفسه امام وزارة او «قصر» التنمية الاجتماعية كما يحب ان يناديها، يعاني الان من مرض «الدوالي» في منطقة الصدر، بالاضافة الى عدم قدرته على الوقوف او المشي جراء مرض في الدم ايضا، وقد صرفت له الوزارة مبلغ 90 دينارا بعد محاولته احراق نفسه الا انها لا تكفي للعلاج نظرا لانه غير مؤمن صحيا.

احمد ما زال يحاول الخروج من منزله وطرق ابواب المسؤولين لانقاذ حياته لعله يستطيع العمل واعالة اسرته بعيدا عن المعونات الموسمية التي يحصلون عليها من وزارة التنمية.

يتيمات على بوابة الخطر

الأمر المقلق أكثر لدرجة الخطر هو تلك المعاناة التي تواجهها اليتيمات بعد خروجهن من دور الرعاية عند بلوغهن سن الثامنة عشرة، وما يشكله ذلك من مخاطر جسيمة في ظل تجاهل كافة الجهات لمتابعتهن بعد خروجهن من دور الرعاية الى المجهول ربما.. حيث تقوم الوزارة او دور الرعاية الخاصة بتوفير سكن لهن ضمن السكن المخصص للطالبات بالقرب من الجامعات دون أي متابعة، الامر الذي جعل بعضهن يعملن في مطاعم الوجبات السريعة أو شركات الخدمات والتنظيف وغير ذلك.

اكثر من 500 يتيم من الخريجين يعيشون في ظروف معيشية صعبة يلوحون الان بتنفيذ سلسة من الاعتصامات بعد ان وصلت مفاوضاتهم عدة مرات مع الوزارة إلى طريق مسدود ولم تؤد إلى حل قضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية بشكل منطقي حيث يؤكدون أنهم انتظروا طويلاً على ابواب وزارة التنمية الاجتماعية للحصول على رد مقنع و»طاقة فرج» على مذكرات وجهوها إلى الوزارة تشمل مطالب عديدة وصفوها بـ»المنصفة لحقوقهم المهضومة».

كما أكدوا مرارا وتكرارا أن صدورهم مليئة بالغضب الذي لا تحتمله جبال، وفي قلوبهم قهر لن يشعر به أحد إلا من اكتوى بنار الحرمان، «فلم يتبق لنا سوى الاعتصام والإضراب لعل الحكومة وهيئات المجتمع المدني وحقوق الإنسان تلتفت إلينا باعتبارنا من الفئات المهمشة آملين الانصاف».

ويبقى السؤال الان: متى سيتم تفعيل استراتيجية الايتام والمحرومين التي أمر بها جلالة الملك عبد الله الثاني قبل اكثر من عامين والتي تعهدت وزارة التنمية بتنفيذها واقرارها لانقاذ ما يمكن انقاذه من تلك الشريحة التي تعرضت للظلم والفقر والعوز.

من ليس له معيل

تجب نفقته على المجتمع

ولا نغفل هنا عن الاشارة الى فتوى أصدرها المغفور له -بإذن الله تعالى- سماحة الدكتور نوح سلمان القضاة قبل وفاته بمدة بسيطة، وكانت «الدستور» قد نشرتها في عدد سابق: من ليس له معيل معين ينفق عليه تجب نفقته على المجتمع بشكل عام سواء قامت بذلك الدولة من مال الخزينة أو قام به أبناء المجتمع، وإذا أهملوا من النفقة فإن المجتمع كله يقع في الإثم، لذا فإن قيام جمعية أو أفراد برعايتهم هو قيام بفرض كفاية يرفع الحرج عن المجتمع كله». وقال القضاة إنه: لا فرق بين هؤلاء الأطفال وبين بقية الأيتام من حيث ثواب الإنفاق عليهم وثواب رعايتهم، وكلنا يحفظ الحديث الشريف «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وقال بإصبعيه السبابة والوسطى، ويجوز إعطاء القائمين على رعاية هؤلاء الأطفال من أموال الزكاة والصدقات إذ يعتبر القائمون على رعايتهم وكلاء عن المزكي والمتصدق في إيصال الزكاة إلى مستحقيها.

مجمل القول

مجمل القول: ما يطالب به هؤلاء الايتام هو القليل الذي يساعدهم على تجاوز المحن التي عانوا منها بلا أي ذنب اقترفوه في انطلاقتهم نحو المجهول، ومنها توفير فرص عمل مناسبة لهم او تقديم معونة شهرية الى أجل محدود حتى يأتيهم الفرج ويتدبروا أمورهم بعمل او وظيفة تقيهم شر الفاقة والعوز، او دعمهم من خلال ايجاد مشاريع صغيرة بشروط ميسرة تمكنهم من الحصول على متطلبات معيشتهم، او تهيئة الظروف الملائمة لزواجهم وتمكينهم من القدرة على بناء اسرة افتقدوها على مدار سنوات من الحرمان، وما الى ذلك من احتياجات لهم كل الحق فيها باسم الدين الحنيف والانسانية والمواطنة، دون ان تكلف المؤسسات القائمة اصلا على رعاية الايتام نفسها لتقدم لهم ما هو من صلب واجباتها واسباب وجودها.. لا ان يتم تركهم نهبا للجريمة او المصائب الأخلاقية على اختلاف صورها وأشكالها، ما يعني عقابا لهم على يتمهم تحت عناوين فاقعة تدعي رعايتهم والحنان عليهم زورا وبهتانا.