الأردن وفلسطين ... بين نتنياهو وبينت
جفرا نيوز -كتب عريب الرنتاوي
كسّر الأردنيون والفلسطينيون، جراراً كثيرة، خلف نتنياهو وحكومته...لكنهم، في الوقت ذاته، لم يضيئوا الشموع في استقبال حكومة بينت – لبيد الجديدة...في كلتا الحالتين، كان معهم "الحق كله".
ذهب نتنياهو، لكنه صفحته لم تطو بعد...خرج نتنياهو من الحكومة ليستقر على رأس معارضة، صلبة، قوية ومتماسكة...ذهب نتنياهو، بيد أن إرثه السياسي باقٍ في عقول وصدور "تلاميذه النجباء": نفتالي بينت، جدعون ساعر وأفيغدور ليبرمان وآخرون.
الكلمة الأولى التي نطق بها رئيس الحكومة بينت: لا تراجع عن سياسة سلفه في ملفين اثنين: إيران وفلسطين...أطلق من على منبر الكنيست في خطاب الثقة، وعوداً بتسريع نهب الأرض ومصادرة الحقوق...الرجل الذي رفض صفقة القرن، لـ"سخائها" حيال الفلسطينيين، أصدر في خطابه الأول، بيان العمليات "رقم 1"، القاضي بالانقضاض على المنطقة (ج) في الضفة الغربية، والتي تشكل 60 بالمئة من مساحتها، وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين، ومنع الفلسطينيين من استثمارها والبناء فيها.
أظهر في "امتحانه الأول"، ميلاً أكثر استفزازاً وتطرفاً من سلفه، حين أعطى الضوء الأخضر لمسيرة الأعلام في القدس، وهي التظاهرة التي تنظمها قطعان المستوطنين وميليشياتهم سنوياً، للتأكيد على فكرة "العاصمة الأبدية الموحدة"...وفتح أبواب الأقصى على مصاريعها، لكل "شُذاذ الآفاق" من "دواعش إسرائيل"، لممارسة هوايتهم المفضّلة في انتهاك حرمته وتدنيسه.
الرجل الذي طالما فاخر بأنه قتل (شخصياً) أعداداً من الفلسطينيين، وأبدى استعداده لقتل المزيد (بيديه وليس بأوامر لجنوده)، توعد الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس، بالويل والثبور وعظائم الأمور...مع حكومة بينت – لبيد، ومركزها اليميني القومي الديني المتطرف، المستند إلى أغلبية يمنية كاسحة في الكنيست (72 مقعداً من أصل 120)، لا شريك إسرائيلياً في مفاوضات أو عملية سلام، ولا مستقبل لحل الدولتين، ولا أمل بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة...وعلى الفلسطينيين الذين ما زالت الأوهام" تعشعش في عقولهم القاصرة، وإرادتهم المثلومة، أن يتأملوا المشهد الإسرائيلي جيداً.
الذين يعتقدون بأن حكومة بينت – لبيد، قد أخرجت إسرائيل من مأزقها السياسي، وأنها ستستقر على "عرش إسرائيل" لسنوات أربع قادمة...عليهم مراجعة تصوراتهم وتقديراتهم، فقد نتفاجأ مع نهاية العام، وربما قبل ذلك، بأن هذه الحكومة، قد دخلت أرشيف حكومات إسرائيل المتعاقبة، وأن شبح نتنياهو قد يُطل برأسه من جديد.
والحذر الحذر، فلسطينياً وأردنياً، من مغبة الجري وراء دعوات واشنطن و(ضغوطها)، لتعويم حكومة بينت – لبيد، وتوفير شروط استمرارها...نتنياهو كان عبئاً على المقاربة الأمريكية حيال إيران، في حين لن يكون بينت ذخراً لها في مقاربتها لحل الدولتين.
تخلص الأردن من نتنياهو، الذي لم يضمر وداً أبداً للأردن وملكه، وكان ضالعاً في مؤامرة "الفتنة"، وقبلها افتعل الكثير من الأزمات بين الجانبين...لكن مشكلة الأردن مع إسرائيل لا تُختزل بغياب "الكيمياء" بين الملك ونتنياهو...المشكلة سياسياً مع بينت ستكون أعقد بكثير، فكل ما خشيناه من صفقة القرن وتداعياتها، يأتي بينت ليصادق عليه، بل وليزيده حدة وخطورة على الأردن والأردنيين، وعلى فلسطين والفلسطينيين.
القدس والمقدسات والأقصى و"الرعاية" ستكون في مهب رياح التطرف الدين – القومي للحكومة الجديدة ورئيسها...هواجس الضم والتهويد والأسرلة وابتلاع الأرض دون السكان الفلسطينيين، هي مبتدأ جملة بينت وخبرها...وهذا بحد ذاته، سبب رئيس لتأزم مستمر، سيزداد تفاقماً بين الأردن وإسرائيل، حتى وإن "تسلّكت" قنوات التواصل والاتصال بين الجانبين.